>> بالتأكيد هم المستقبل.. وإذا لم تجد كل دولة صيغة للتفاهم معهم والتعرف على مشاكلهم وهمومهم وإيجاد الحلول لها.. فستصبح كل دولة «أمة فى خطر»!!
للأسف.. معظم الحكومات فى العالم كافة القنوات بينها وبين شبابها اما مفقودة أو مقطوعة.. ولا يوجد حوار جرى معهم ولا يؤخذ رأيهم.. لذلك فأغلبهم ينعزلون خاصة فى الدول المتقدمة.. أما فى الدول النامية فشبابها والكثير منهم يريدون الهجرة والهروب من البلد!!
زادت الفجوة بين الحكومات والشباب فى عصر «الانترنت» واستحواذ وسائل التواصل الاجتماعى على الاهتمام وبدلاً من أن تؤثر الدول فى شبابها وتوجههم.. انقلبت الآية وأصبح الشباب هم من يتحكمون فى الرأى العام وكثيرا ما يجبرون المسئولين على اتخاذ قرارات وفقاً لما يتداولونه على مواقع التواصل مثل «الفيس بوك التى أصبحت ميتا» وتويتر التى أصبحت «إكس» و»التيك توك» و»انستجرام» وغيرها!!
لا ننكر اننا فى مصر بدأنا فى السنوات الأخيرة الاهتمام بتمكين الشباب وتعيينهم كنواب للوزراء والمحافظين.. إضافة إلى الاهتمام الكبير بعقد مؤتمرات للشباب محلية ودولية ولكن يظل الأمر مرتبطا فى حوار الرئيس عبدالفتاح السيسى مع مجموعة الشباب الذين يحضرون المؤتمرات.. بينما باقى أجهزة الدولة والحكومة فى واد آخر ولا تتواصل مع سائر شرائح الشباب فى القرى والنجوع والمناطق العشوائية ولا يتم إجراء دراسات جادة عن مشاكلهم وما يحتاجونه.. ورغم كل ما يبذل من جهود فمازالت نسبة البطالة مرتفعة خاصة بالنسبة لحملة المؤهلات العليا من الحاصلين على الماجستير والدكتوراة وخريجى الجامعات.. ومع بناء مئات الآلاف من شقق الاسكان الاجتماعى فالعدد لا يكفي.. إلى جانب ضعف برامج التدريب لإعادة تأهيل الخريجين للتوافق مع سوق العمل.. وهناك المئات من الحاصلين على الأراضى الزراعية لاستصلاحها لهم مشاكل فى المياه والسماد والتقاوى وبيع المحصول.. والآلاف من عمال الورش والمصانع الصغيرة يحتاجون لتغيرات إدارية تنصفهم من بعض من يتعاملون معهم فى التراخيص والضرائب والمساعدة فى التسويق.. ويوجد الملايين منهم يريدون الزواج ولا يستطيعون تدبير المهر والشبكة والأثاث وربما الثمن الذى يتقاضاه المأذون إذا تمكنوا أصلا من الحصول على شقة!!
هذه المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التى تواجه الشباب «كوم» والهموم الثقافية والسياسية «كوم آخر».. فمشاكل التعليم وبناء الانسان وتشكيل وعيه ووجدانه تحتاج إلى جهد كبير جدا من الحكومة.. أما رعاية الفتيان والفتيات فى سن المراهقة والعلاقة بين الأجيال والتواصل بينهم فهى مهمة مشتركة بين الدولة والمؤسسات الدينية والثقافية والرياضية والاعلام.. وأسهل منها الجوانب السياسية لأنها لا تحتاج إلا إلى مناخ حرية وأن يتمكن كل شاب وفتاة من التعبير عن رأيهم والأهم الأخذ به إذا كان صائباً!!
على الحكومة ألا يقتصر اهتمامها بالشباب فى العاصمة والمدن الكبرى بالمحافظات.. والنزول إلى القرى والنجوع والكفور والأحياء الشعبية ومخاطبة الشباب واكتشاف الموهوبين منهم فى الفن والأدب والرياضة فتلك المناطق زاخرة بالشعراء والأدباء والأبطال فى مختلف اللعبات الرياضية ويمكن أن يعوضونا عن الاخفاقات فى الأوليمبياد لو تم الاهتمام بهم والأخذ بيدهم!!
نحتاج إلى فتح قنوات اتصال بين الحكومة والشباب وربطهم بالمجتمع وجعلهم شركاء فى القرارات.. حتى تقل الفجوة ويزول عدم الثقة وينتهى الانفصال بين الجانبين.. والحوار المتواصل كفيل بتحقيق المعجزات لأنه من الطبيعى ان كل جيل لا يعجبه الجيل الذى يليه.. والآباء ينتقدون الأبناء وعصرهم.. ودائما يقول «الكبار» لقد عشنا فى زمن العظماء العقاد وطه حسين والمازنى ورأينا سعد زغلول وطلعت حرب.. ومن قبلهم يقولون عشنا زمن أمير الشعراء أحمد شوقى وشاعر النيل حافظ ابراهيم وبيرم التونسى وربما حضروا عرابى ومن بعده مصطفى كامل.. ولكن لأن مصر «ولادة» فإن من جاءوا بعدهم بسنوات يتفاخرون بأنهم عاصروا نجيب محفوظ واحسان عبدالقدوس ويوسف ادريس وشاهدوا جمال عبدالناصر والسادات.. وهكذا كل جيل يأتى «فى المحروسة» بالتأكيد سيفخر بعظمائه مع كل الحب والتقدير لكل من سبقوهم.. لذلك علينا احتواء شبابنا فمنهم سيخرج من يفخر به كل المصريين على مدار التاريخ!!
نحتاج إلى الاستفادة من طاقات الشباب وأن نحسن توظيفها.. فهذا هو طريقنا للقضاء على مشاكلنا الاقتصادية.. لأنهم قادرون على العمل والتحدى وبذل الجهد والعرق.. وهم على استعداد لذلك بشرط أن يشعروا بالاهتمام وأن ننمى فيهم الانتماء وحب الوطن.. اعطوهم العلم والايمان والحرية.. اجعلوهم يتغلبون على همومهم ومشاكلهم.. يعطونكم الأمل والمستقبل!!
مطلوب الاهتمام أكثر بالشباب.. والبحث عن حلول جادة لمشاكلهم وعن آليات للحوار معهم.. والعمل على اجتذابهم للمشاركة فى بناء الوطن.. والتعرف على طموحاتهم وأحلامهم.. والتحدث معهم بلغة عصرهم حتى يكونوا فاعلين ولا ينعزلون أو يهاجرون.. فدولة سكانها 60 ٪ من الشباب يحسدها العالم وينتظر أن تتقدم وتحقق التنمية والنهوض لأن المستقبل لها ومعها!!
يخلق من الثورة أربعين!!
>> رغم خصوصية كل دولة وأهداف مواطنيها.. إلا انه على ما يبدو فإن الثورات تتشابه وأسبابها تكاد تكون واحدة.. وأهمها الفساد وطول البقاء فى السلطة والفقر وعدم وجود عدالة اجتماعية.. فالربيع العربى الذى بدأ فى تونس أدى إلى هروب الرئيس زين العابدين بن على تتكرر منذ أيام فى بنجلاديش حيث أدت احتجاجات الشباب إلى فرار رئيسة الوزراء «الشيخة حسينة واجد» التى تولت منصبها منذ عام 2009 وكانت قد شغلت نفس المنصب أول مرة من عام 1996 حتى عام 2001.. قام شباب بنجلاديش بثورتهم ضد الشيخة حسينة الملقبة بالمرأة الحديدية وهى ابنة مؤسس الدولة وبطل الاستقلال وأول رئيس للبلاد مجيب الرحمن ولكن لم يشفع لها ذلك ولا التقدم الاقتصادى الذى قادته لأن البطالة ارتفع معدلها ولم يجد الشباب وظائف.. والأهم ان الآثار للنهضة الاقتصادية ولمعدلات النمو لم يشعر بها غالبية أبناء الشعب وانما تمتع بها طبقة رجال الأعمال والملتفين حول رئيسة الوزراء.
أمام احتجاجات الشباب وثورتهم لم يجد رئيس بنجلاديش وقادة الجيش أمامهم إلا تأييد مطالبهم والانحياز للشعب وتنفيذ رغبة الثوار فى تولى الدكتور محمد يونس رئاسة الوزارة وهو الحائز على جائزة نوبل للسلام عام 2006 بعد تأسيسه مصرف «جرامين» أو «بنك الفقراء أو القرية» حيث قام بتجربة فريدة لإقراض الفلاحين والفلاحات ليتمكنوا من إقامة مشروعات صغيرة.
وكما تتشابه الثورات.. تتشابه أفعال الثوار فى آسيا فمنذ سنوات فى ماليزيا طالب الشعب بعودة مهاتير محمد للحكم مع ان عمره تجاوز التسعين، فالمواطنون لن ينسوا انه صاحب نهضة بلادهم ومن جعل ماليزيا من النمور الآسيوية.. لذلك عندما تأزمت الأمور فى بلادهم تذكروه وأعادوه لرئاسة الحكومة.. نفس الشيء تكرر فى بنجلاديش فرغم ان محمد يونس تخطى الـ 84 عاماً إلا ان الشعب تذكره فى الأزمة لأنهم يعلمون انه صديق الفقراء والفلاحين وبالتأكيد توليه رئاسة الوزارة تعنى انه سيعمل لصالح الفئات البسيطة المهمشة.. تتشابه الثورات.. ولا تنسى الشعوب أبطالها الذين ينحازون إلى البسطاء.