إن تمكننا من إنجاز بعض المهام التى تقع فى حيّز اهتمامنا، وترتبط بما نسعى إلى تحقيقه من أهداف عبر استثمار الفضاء الرقمى، وتقنياته، وتطبيقاته المتعددة، والمتجددة بما يجعلنا ندير الوقت بكفاءة، وبما يُثْرى خبراتنا، سواءً أكانت معرفية، أم مهارية، أم وجدانية، أم تقنية، وبما يضمن الحفاظ على حقوقنا، واحترام الآخرين، وتعزيز قيم التسامح، والسَّلام؛ فإنّ هذا ينْبرى حول فلسفة نُطلق عليها الوعى الرقمى.
لقد أضحى التعامل المباشر مع التقنيات الرقمية أمرًا لا مناصَ عنه؛ لذا باتت تنمية الوعى الرقمى فرض عين؛ حيث نحفظ من خلاله ماهية المواطن الرقمى، الذى يتحلى بقيم نبيلة، وممارسات متفردة تسهم فى تعضيد صور التواصل مع الآخر، وتفتح آفاق التعاون، والشراكة التى تعود ثمرتها فى نهاية المطاف على البشرية جمعاء؛ فما أجمل المنتج الرقمي!الذى يشعرنا بجودة الحياة التى هى حقٌّ للجميع دون استثناء.
نحن نرى فى مستقبل الفضاء الرقمى تعقيدات يصعب حصْرُها، والتعامل معها مما يؤكد ضرورة أن نمتلك ليس فقط المهارة، أو الخبرة التقنية؛ لكن يعوز ذلك توافر الوعى الرقمي؛ كى يستطيع المستخدم، أو المواطن الرقمى أن يبنى معارفه بصورة صحيحة، ويؤدى ممارساته بما يجنى الفائدة منها، ويتقى المخاطر التى قد تحدق به؛ ومن ثم يسْتلهم وجدانه مما يغذى مكنونه، وما يحثه على أن ينهل من المشْرب الطيب، ويعف عن موبقات الغواية، وطرائق الظلام.
إننا ندرك المخاطر، والتهديدات، ونرْصد النافع من الضار، ونضع حدودًا آمنةً لأطر التعامل، والتعاون، ونشارك فى القضايا محل الاهتمام بطرائق آمنة كى لا نحصد سلبيات تؤثر على الجانب المعنوى، أو المادى لدينا؛ فقد صارت طرائق التلاعب، والتحايل، والخداع والنصب، والنفاق، والتضليل غير متناهية، بل ويبتكر أصحابها وهم مرضى نفوس فى تناولها، وعرضها بطرائق، واستراتيجيات يغرق فى تفاصيلها من لا يمتلك ماهيّة الوعى الرَّقْمِيّ.
غاية الأمانى أن ينخرط المواطن الرقمى فى الفضاء؛ كى يصبح أداة بناء، لا معول هدم، وهذا يعمم على جميع الفئات العمرية؛ فتتعالى حالة من الإدراك الصحيح؛ لتوظيف، واستخدام التقنيات، التى أتيحت للجميع، وهنا نتطلع إلى تنمية فكرية مستدامة، ومزيد من صقل المهارات فى المجالات النوعية التى يهتم بها الفرد، ونتمنى أن ترتقى الوجدانيات عبر اتصاف قيمى نرصده فى سلوك حميد فى مجمله، وهذا فى كليته يؤدى إلى بناء إنسان مُحِبٍّ للعطاء على الدوام.
نحتاج إلى محْو الأميّة الرقميّة بالتزامن مع تنمية الوعى الرقمي؛ لنضمن أن يصبح الجيل تلو الآخر قادرًا على أن يُحدثَ نقْلاتٍ نوعية فى مجالات التنمية المتعددة؛ فما أفضل أن يستطيع المستخدم!، أو المواطن الرقمى تحقيق الاستفادة القُصْوى من كافة المنَّصَات الرَّقْميّة التَّعْلِيميّة، أو التَّدريبيّة، أو المِهْنيّة، أو الاجْتماعيّة بصورة احترافية؛ فما أحوجنا لإنسان يبحث عنه سوق العمل؛ لتفرده فى مجاله، وتخصصه.. ودى ومحبتى لوطنى وللجميع.