فعلها الائتلاف اليسارى الفرنسى الأحد الماضى من شهر يوليو 2024 مثلما فعلها عام 1936 بابعاد اليمين المتطرف من الوصول للسلطة وكان اسم الجبهة الشعبية محاولة لاحياء تاريخ تحرك اليسار الفرنسى فى مواجهة التطرف اليمينى حفاظاً على القيم الفرنسية.
هذا الائتلاف تم تشكيله بعد الإعلان الرئاسى لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة فى أعقاب الهزيمة المحرجة لحزب ماكرون أمام حزب التجمع الوطنى اليمينى المتطرف بزعامة مارين لوبان فى انتخابات البرلمان الأوروبى الشهر الماضي. وكان متوقعاً فوز التجمع الوطنى فى الجولة الثانية بعد تصدره نتائج الجولة الأولى قبل تكون التحالف اليسارى مع ائتلاف معاً بقيادة ماكرون المنتمى لتيار الوسط لخلق جبهة مضادة تستهدف اليمين بكل السبل التى استدعت طرق الأبواب.
المؤكد أن هذا الائتلاف تم تشكيله سريعاً بضم أحزاب سياسية برؤى متباينة.
بصرف النظر عن نتائج الانتخابات فى تحقيق هدفها الأول وهو ابعاد اليمين المتطرف إلا أنه تبقى الازمة السياسية ساطعة لأن الحكومة القادمة ستتكون من أطياف سياسية مختلفة ما سيسبب نزاعاً على الصلاحيات بين أركان السلطة التنفيذية.
كانت قضايا الشرق الأوسط حاضرة فى برامج وتصريحات العديد من المرشحين الذين خاضوا الانتخابات البرلمانية الفرنسية فى جولتها الثانية وحصلوا على ثقة هيئة الناخبين.
عقب تصدر الائتلاف اليسارى للانتخابات التشريعية توالت التصريحات المؤيدة لفلسطين حين قال جان لوك ميلانشون زعيم فرنسا غير الخاضعة فى أول تصريحاته علينا الاعتراف بدولة فلسطين لأنه من بين الوسائل المتاحة لنا للضغط وسبق هذا موقفه من حرب غزة ووصفه لما يحدث بالابادة العرقية وان ما تقوم به إسرائيل فى غزة ليس دفاعاً عن النفس ودعوته لوقف اطلاق النار ومطالبته فرنسا بالعمل لتحقيق ذلك.
كما جاءت أول تصريحات رئيسة الكتلة النيابية لحزب فرنسا الأبية ماتيلداماثو بانه خلال الأسبوعين المقبلين سنعترف بدولة فلسطين.
فى استطلاع للرأى شارك فيه الناخبون اليهود الفرنسيون أجراه معهد ايفوب أظهر أن 57 ٪ منهم سيغادرون فرنسا إذا حكم حزب ميلانشون. وجاء تعليق وزير الشتات الإسرائيلى بان نتائج الانتخابات الفرنسية سيئة جداً لليهود الفرنسيين ولدولة إسرائيل بعد فشل اليمين الرافض للاعتراف بدولة فلسطين.
المفارقة ان التاريخ السياسى الفرنسى يشير إلى أن الاشتراكيين كانوا أقرب لإسرائيل من اليمين الفرنسى المتشدد كما كانت الشعارات اليمينية تصنف بمعادية السامية كما كان مارى لوبان والد مارين لوبان يعتبر معادياً للسامية ولكن ما ترتكبه إسرائيل من جرائم حرب ضد الفلسطينيين أدى إلى تغير ما فى المزاج العام الغربى وصحوة ضميره مما جعل ماكرون يركب الموجة ويؤكد على الحاجة الملحة لوقف اطلاق النار فى غزة وبخلاف زعماء ايرلندا وإسبانيا والنرويج ما زال يرى ان الاعتراف بدولة فلسطين ليس منطقيا فى الوقت الحالى وهنا ندرك ان طريق حصول الشعب الفلسطينى على حقوقه ما زال طويلاً وان كان طوفان الاقصى مهد أول خطوات منه.