هل تريد وصفة سحرية ذهبية للوقاية من أمراض العصر؟.. بالطبع كلنا نريد ذلك.. وبالنسبة للأطباء فهم يرون أن الأمر بسيط جدا.. ولا يتجاوز حدود الالتزام بنمط صحى فى الحياة.. فيما الحقيقة غير ذلك.. الحقيقة التى يؤمنون بها فى الخفاء.. أن وصفات الوقاية فى معظمها غير قابلة للتطبيق.. رغم بساطتها الظاهرة.
كل النصائح الوقائية تركز على تجنب المشاعر السلبية مثل التوتر والقلق وعدم الرضا وانعدام القناعة.. تدعونا إلى تجنب الضغوط النفسية.. تؤكد أن هذه الضغوط تضعف المناعة.. تدمر الرغبة الداخلية فى المقاومة.. تعرقل قدرات الشفاء الذاتي.. فإذا ما سألت أياً من الأطباء عن طريقة محددة لتنفيذ هذه النصائح الغالية الثمينة.. فلن تجد إجابة.. من السهل أن تدعو الناس إلى عدم الاستسلام للضغوط النفسية أو إلى تجنبها.. ولكن من الصعب أن تشرح لهم كيفية تجنبها.. كيفية الإفلات من حصارها.. كيف نطلب ممن يشعر بالظلم فى العمل أن يتعامل مع الأمر بقلب «بارد.. أو ممن يعجز عن الوفاء بمتطلبات حياة أسرته بعد أن دخلت حياتنا مستجدات «انفاقية» لم نكن نعرفها من قبل وأصبحت تستنزف الموارد وتستهلك الدخل.. مثل الدروس الخصوصية للأبناء ومصروفات المدارس الخاصة ورسوم القنوات المشفرة التى لم تعد الحياة تستقيم بدونها.. هذا بالطبع بخلاف تذبذب أسعار العملات والكثير مما يصعب حصره.. كيف نطلب من كل من يواجه هذا.. أن يقبل على الحياة وان يبتسم ويشعر بالسعادة حتى لا يرتفع ضغطه ويتعب قلبه وتنسد شرايينه.
من السهل أن يسند الطبيب ظهره على مقعده الوثير فى العيادة الخاصة.. ليطلب من مريضه أن يتجنب عوامل التلوث حتى لا يصاب بالأورام السرطانية وحتى لا ينجب أطفالاً مشوهين ولكنه بالتأكيد لن يستطيع أن يحدد كيفية تحقيق ذلك.
المشكلة أن معظم وصفات الوقاية أصبحت من هذا النوع السهل جدا.. الممتنع جدا.. والنتيجة حالة عامة من القلق والخوف من عدم إمكانية الوقاية من أى من الأمراض الخطرة.. المشكلة أن هذه النوعية من النصائح الوقائية غير القابلة للتصديق تخلق عندنا حالة من عدم المبالاة.. أو عدم الاهتمام.. تجعلنا نتعامل مع ما يمكن تطبيقه بنفس منطق ما لا يمكن تطبيقه.. نقنع أنفسنا بأن كل النصائح غير مجدية.. يتساوى فى ذلك الامتناع عن مصادر أو أسباب أو عومل التلوث مع الامتناع عن التدخين.. تجنب التوتر والقلق والضغوط النفسية.. مع تجنب الشحوم والدهون وأطعمة الكوليسترول.. والمطلوب من الأطباء والعلماء أن يعلمونا كيف نتعايش مع الواقع غير الصحي.. أو أن يبحثوا لنا عن حبة سحرية تجعلنا نتعامل مع ضغوط الحياة بابتسامة مشرقة.
قبل أيام خرج علينا العلماء بنصيحة جديدة من نوعية النصائح الوقائية المستحيلة.. تقول النصيحة إن تجنب الضجر فى العمل يطيل العمر.. اكتشف فريق من العلماء الأمريكيين أن من يعمل بضجر ويعجز عن اتخاذ قرارات مستقلة.. يعمل على تقصير حياته وتقريب أجله.. توصل الباحثون من جامعة تكساس إلى هذه النتائج بعد أن تقصوا ظروف العمل وأسباب الوفاة فى اكثر من 5000 عائلة.
وجد العلماء أن الرمل يتسرب من ساعة العمر بأسرع ما يكون حينما يعمل الإنسان بضجر ودون حوافز فى وظيفة لا يحبها.. اكتشفوا كل ذلك واكتفوا بالنصيحة دون أن يخبرونا بطريقة تنفيذها.