فى ظل التحديات الرهيبة الراهنة التى تحيط بالمنطقة بصفة عامة ومصرنا بصفة خاصة.. يصبح الوعى الوطنى لدى العامة والخاصة هو درع الوطن وهو الصخرة الحقيقية التى تتحطم عليها كل الأكاذيب والشائعات التى تروج لبث الفتنة وضرب الاستقرار الوطني.
.. والحقيقة هالنى جداً ما حدث قبل قمة السوبر الأفريقى بين قطبى الكرة المصرية واكبر ناديين افريقيين وعربيين.. الأهلى والزمالك.. عندما خرج لاعب سابق وحاول التقليل من المنافس.. بصورة تسئ لهذا النادى العريق.. واثارت لاعبيه وجماهيره بصورة غريبة.. واشعلت الصراع والتعصب على السوشيال ميديا بين مشجعى الناديين.. بصورة خطيرة.. وربما لو كان اللقاء على ستاد القاهرة الذى يسع مائة ألف مشجع.. لكانت المدرجات تحولت لمعركة بين الجماهير البيضاء والحمراء.. وكان القدر رحيماً بنا وباستقرارنا ان كان اللقاء خارج جدران الوطن.. ومر اللقاء بسلام.
.. من هنا لابد ان يكون هناك نوع من الوعى الوطنى لدى أى شخص لاعباً كان أم ناقداً.. ليعرف متى ينتقد دون الخروج عن الاطار الموضوعى وبما لا يسيء إلى الآخر أو يقلل من شأنه، وبما يحافظ على الروح الرياضية بين المشجعين خاصة ان الثقافات مختلفة.. والوعى الوطنى بمفهومه الشامل قد يغيب عن الكثيرين.. ان السلام الاجتماعى والحفاظ على تماسك النسيج الوطنى ووحدة الصف من أهم اسلحة مواجهة التحديات الراهنة.. وأود ان اذكر هنا وبصدد حالة التعصب واللاوعى التى صاحبت بعض اللاعبين وتصريحاتهم المسيئة للآخر.. وبعض البرامج ايضا الباحثة عن التريند والمشاهدة فى قناة مغمورة لا يشاهدها أحد.. وحاول اللاعب السابق ان يلفت الأنظار إلى برنامجه بالتقليل من شأن النادى المنافس.. فسقط فى المحظور.. وخسر حتى الأفراد القلائل الذين يشاهدونه.
>>>
اذكر لاعبينا وبرامجنا بعدم الاستهانة بكل كلمة تخرج من افواههم أو بعبارة ربما تخرج بلا وعى من أحد فتكون سبباً فى كارثة اجتماعية.. وأقول.. فى خمسينيات القرن المنصرم.. كانت هناك مباراة مهمة فى تصفيات كأس العالم بين الجارتين هندوراس.. والسلفادور.. وحاولت بعض وسائل الاعلام ان تشحن الجماهير وتؤكد ان النتيجة محسومة مسبقاً بفعل بعض السحرة والمشعوذين الذين كانوا آنذاك يتحكمون بصورة كبيرة فى المراهنات وبوصلة توجيه الجماهير.. ظلت وسائل الاعلام تغزى موجة التعصب الجماهيرى بصورة غير مسبوقة.. وانتقل التلاسن الاعلامى إلى مسئولى البلدين.. وبمجرد ان سجل السلفادور هدف الفوز فى الدقائق الأخيرة من اللقاء كانت الجماهير تبادلت القذف بالكراسى والزجاجات الفارغة.. بينما الطائرات الحربية تملأ سماء البلدين أول معركة حربية بين دولتين جارتين استمرت 100 ساعة كاملة بسبب التعصب الاعمى وغياب الروح الرياضية.. والوعي.
وحدث ذلك فى سوريا الشقيقة.. عندما التقى عام 2004 فريق «دير الزور» وفريق «الجهاد» وهما ينتميان إلى محافظتين مجاورتين.. وعقب اللقاء اندلعت المشاجرات بين الاكراد والعشائر العربية حتى تدخلت السلطات واوقفت هذه المشاجرات التى استمرت 6 أيام كاملة.. انها نار التعصب التى تطفئها الانهار.
>>>
لذلك لابد ونحن مقبلون على لقاءات قمة عديدة بين الأهلى والزمالك.. لابد لوزارة الشباب والرياضة والاعلى للاعلام تنظيم ندوات ومؤتمرات ليس للجماهير وانما للقائمين على البرامج الرياضية.. والنقد الرياضي.. من لفت الانظار إلى خطورة تأثير الكلمة.. وخطورة المنصات الاعلامية غير الواعية وضرورة الانتباه من اللاعبين القدامى على وجه الخصوص والذين تحولوا بين عشية وضحاها إلى مقدمى برامج دون تدريب أو ميثاق.. أو حتى إطلاع على أصول المهنة ومعايير الجلوس خلف الميكروفون أو أمام الشاشات.. ضرورة توعية هؤلاء بأنهم اصبحوا قادة فكر ويملكون بوصلة توجيه الرأى العام والتأثير المباشر فى طبقات عديدة متنوعة ومختلفة الثقافات ومن السهل التأثير عليهم بكلمة واحدة.. وضرورة عدم السماح بتقديم البرامج لكل من هب ودب من المعتزلين والاقتداء بما فعلته الشركة المتحدة أمر غاية فى الأهمية لحماية الإْلام الرياضى من التعصب فنحن فى مرحلة لا تحتمل عدم الوعى وإلقاء الكلمات والعبارات دون إدراك لما تحمل ولا مدى تأثيرها.. نحن نشاهد اللاعب السابق الباحث عن العودة للأضواء والتريند وهو يسئ لناد كبير بينما الابتسامة الصفراء البلهاء تملأ وجهه يدرك مدى عدم الوعي.. وعدم إدراك خطورة الظهور على الشاشات دون ضوابط أو معايير.. وقد صدق السياسى الخبير عندما قال: «اعطنى شاشة بلا وعى ولا ضمير.. أهدم بها أمة».