الحفاظ على التماسك والاصطفاف الوطني، وقوة الجبهة الداخلية، ووعى وفهم الشعب، هو أساس النجاح وعبور الأزمات، والتحديات، والتهديدات الوجودية، كل ذلك يتأتى من خلال الوعى الشعبي، والفهم الصحيح لطبيعة ما يجرى والشفافية والمصارحة والتواصل المستمر مع الناس، ووضعهم أمام مسئولية الحفاظ على الوطن وضمان سلامته، لذلك من المهم بناء سياق عام للفهم، يرتكز على إحاطة المواطنين بالحقائق الكاملة وطبيعة التحديات والتهديدات، لأن هناك حملات مضادة من قوى الشر والمؤامرة تحاول استغلال واستثمار الأزمات والتحديات التى فرضت علينا من الخارج وتداعياتها الصعبة، بسبب الصراعات والتوترات الإقليمية والدولية وهى إلى حد كبير تستهدف الدولة المصرية، والسعى إلى حصارها وعقابها على مواقفها وثوابتها الشريفة، وحفاظها على الأرض والسيادة، ورفض التنازل عن حبة رمل واحدة، أو تمرير مشروعات مشبوهة، لذلك كما قلنا من المهم أن المواطن يعلم ويعرف ويعى أسباب الأزمات، وحقيقة ما يجرى فى المشهد الإقليمى والدولي، وتفاصيل المؤامرة على مصر، حتى لو لم تكن من مصادر رسمية ولكن من خلال نقاشات وندوات واستغلال للإعلام الجديد، لذلك مطلوب وبشكل عاجل استعادة لحمة واصطفاف «30 يونيو»، وترسيخ مقولة إن المصريين على قلب رجل واحد، أو نحن أمام شعب يتمتع بالفهم، وجاهز للصبر والتضحية، وحكومة تعمل على مدار الساعة من أجل إنهاء أزمات الداخل التى فرضت عليه، فليس عيباً اطلاع الشعب على كل شيء سواء إيجابياً أو سلبياً، لأنه جاء من مسار إجبارى ومن صنع أيدينا.
أرى أن خروج الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة فى مؤتمر صحفى وحديثه إلى الناس، واعتذاره للمصريين عن أزمة تخفيف الأحمال، هو الطريق الصحيح، والذى حقق نتائج جيدة، ولذلك فمن المهم العمل على المبادأة والمبادرة والاستباق فى اطلاع الناس وتعريفهم ووضع الحقائق أمامهم قبل أن تعمل قوى الشر على بناء وعى مزيف، وترويج الأكاذيب والشائعات، والتشكيك والتشويه، وزعزعة ثقة المواطن، فالمعركة الآن محتدمة على عقل المواطن،الدولة المصرية الحريصة على الصدق والشفافية، والمصارحة، واطلاع المواطنين وبناء وعى حقيقي، الكبير قوى الشر، من الإعلام المعادى بكافة صوره يسعى إلى ترويج الأكاذيب والشائعات والإحباط والتشكيك والتحريض، لذلك من المهم التحرك سريعاً مع جهود مكثفة من الحكومة على العمل على إنهاء تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، وخفض الأسعار، ولابد من إعادة النظر فى مقولة توفير مليارات الدولارات من أجل توفير السلع الأساسية للمواطنين عبر الاستيراد، لكن هناك اتجاهاً ومساراً آخر لابد أن يكون حاضراً لدى الحكومة وأعلم أنه موجود بالفعل، وهو العمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي، وتوفير احتياجاتنا محلياً أو تخفيض فاتورة الاستيراد، والدولة حاضرة فى هذا الإطار وبقوة وحققت نجاحات فى كثير من القطاعات أبرزها الزراعة والصناعة.
ليس شرطاً أن نتجه إلى تحقيق أهداف الاعتماد على أنفسنا فى توفير احتياجاتنا فى الاعتماد فقط على المشروعات العملاقة وهذا مطلوب وموجود ولكن لابد أن ننظر جيداً إلى قدراتنا وإمكانياتنا الكامنة والتى ربما لا نتوقف عندها، فلابد أن نحول كل مكان ومؤسسة إلى طاقة للإنتاج، فإذا كانت اللحوم والدواجن مهمة للغاية للمواطن المصري، وهناك ارتفاع فى أسعارها فالسؤال المهم، كم جامعة موجودة فى مصر، وما هو عدد كليات الزراعة، وكليات الطب البيطري، والمدارس الزراعية، اعتقد أن الأرقام تشير إلى أن لدينا ثروة لم نستثمرها بعد بالشكل المطلوب، فلماذا لا نطلق كليات الزراعة، والطب البيطرى والمدارس الفنية الزراعية وتوفير وتسهيل متطلبات ذلك فى إقامة مشروعات فى كافة المحافظات فى إقامة مزارع للدواجن والثروة الحيوانية، فلدينا الكوادر والخبرات، والطلاب أيضاً من أجل اكتساب العلم والخبرات والقدرة على إدارة مشروعات من هذا النوع، ونعمل على توسعة أنشطة ومشروعات هذه الجامعات والكليات وإتاحة الأراضى والمواقع لها، بل ويمكن مشاركة القطاع الخاص معها أو المشروعات الصغيرة، وتوفير تمويلاتها فى مثل هذه المشروعات، وهو ما يوفر لنا استقرار وزيادة الوطن فى مجال الإنتاج الداجني، والبيض واللحوم والألبان، ولماذا لا يستفيد أعضاء هيئة التدريس فى كليات الزراعة والطب البيطرى والطلاب مالياً بمكافآت تضاهى الجهود والإنجازات، وتخضع للرقابة المالية، وهناك علاقة لابد من ذكرها أن هناك أراضى كثيرة مملوكة للجامعات وكليات الزراعة مهدرة، والسؤال المهم، لماذا لا تدخل فعلاً هيئة الأوقاف بإمكانياتها وقدراتها المالية فى الاستثمار فى هذا المجال مع الجامعات المصرية وكليات الزراعة، ولماذا لا تمول البنوك وتستطيع مع الارتقاء بالقرى المصرية وتحويلها إلى قرى منتجة أن نحقق نجاحات كبيرة توفر احتياجاتنا من الدواجن والبيض واللحوم والألبان والأسماك أيضاً وتنزل بأسعارها، يجب أن نضع نصب أعيننا تحويل كافة الكيانات العلمية والأكاديمية والبحثية إلى قلاع للإنتاج وحل الأزمات من خلال إمكانياتها وقدراتها وأصولها، وبالعلم والبحث وتحسين السلالات، واعتقد أن هناك نجاحات كبيرة سوف تتحقق فيجب ألا نستسلم لأزماتنا، حتى لو تطلب الأمر تغيير التشريعات والقوانين، فلا يجب أن تكون هذه القلاع العلمية عبئاً على ميزانية الدولة، بل تمد ميزانية الدولة بموارد إضافية وتحل الكثير من التحديات والأزمات فى المجتمع ليس كليات الزراعة، والطب البيطرى فقط، ولكن علينا تعميم التجربة فى كافة التخصصات «الطب، والهندسة، والعلوم» ومعامل التحاليل المعتمدة فعلاً وبأسعار مناسبة للمواطن، لابد أن نفكر خارج الصندوق، ونستثمر كل ما فى أيدينا من إمكانيات وقدرات، فالطلاب فى حاجة ماسة إلى خبرات فى تخصصاتهم أو فى إدارة المشروعات، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال إقامة مشروعات فى مجالات مختلفة فى الجامعات المصرية، لتتحول ليس فقط لبيوت خبرة، أو قلاع تعليمية، ولكن أيضاً لقلاع إنتاجية تساعد فى حل الأزمات والتحديات.
إننا فى حاجة إلى إعادة النظر والتفتيش فى أنفسنا وقدراتنا، وبناء سياق عام وشامل للفهم، ومحتوى ومضمون وخطاب قومي، يدعم اصطفاف وطني، ويبنى الوعى الحقيقى والفهم الصحيح، وتقوية الجبهة الداخلية، فأى خطاب لبناء الوعى لابد أن يستند إلى قراءة وتشخيص حقيقى للتحديات التى تواجه الوطن، ثم تحديد بعض المحاور والنقاط المهمة التى يجب أن يركز عليها خطاب الوعى الشامل ومد جسور التواصل مع المواطنين، الجميع فيها شركاء حكومة، ومواطنين، ومثقفين، ومفكرين، وإعلاماً.. أقصد تحديد المطلوب من أهداف.
تحيا مصر