عندما يفقه الفرد القيم الاقتصادى ومن ثم يتجنب الإسراف والتبذير فى استخدامه ويحسن ترشيد واستغلال كافة الموارد والخدمات التى تسخر له ولخدمته ويعمل بجهد مقصود على الحد من صور الفقد جراء التوظيف أو الاستخدام الأمثل، فإن هذا يشير إلى صورة الوعى الاستهلاكى التى ينبغى أن يمتلكها كل مواطن ليحافظ ويصون مقدرات وطنه، ويساهم بشكل فعَّال فى الدفع بعجلة التنمية، ويتعاون فى توفير مقومات النهضة بكافة صورها.
وماهية الوعى الاستهلاكى سالفة الذكر تعنى أن الفرد يدرك الظروف المحيطة به مع فقه عميق للجانب النفسى والاجتماعى والقيمى المرتبط بفلسفة الاستهلاك بما يجعله يتخذ القرار الصحيح حيال الممارسات التى تتعلق بكل صور الاقتصاد وما يتضمنه من منتج له مواصفات تحقق له معيار الجودة والتنافسية المنشودة، وهذا ينبرى على ما يستهلكه الفرد بصفة يومية أو دورية أو بصورة غير منتظمة.
وحرى بالذكر أن ماهية الوعى الاستهلاكى لا تنفك عن إدراك الفرد لحقوقه وواجباته فيما يتعلق بالمنتج الذى يستهلكه، وهنا يتوجب علينا أن نمتلك القدر الكافى من الثقافة الاستهلاكية التى تساعدنا فى الاختيار والكشف عن المواصفات والتوظيف الأمثل لإمكانيات ما نستهلكه لنحقق الفائدة أو العائد أو المردود المنشود منه.. وثمة ضرورة تجاه تنمية الوعى الاستهلاكى لدى الفرد بمراحل عمره المختلفة، حيث يحثه ذلك على أن يحافظ على موارده المادية ويحسن من ممارساته الاستهلاكية ويجعل الحالة النفسية لديه جيدة، إذ يشعر بثمرة المنتج ومن ثم يثق فى الجهة المنتجة ويزداد إقباله على الشراء حال الحاجة إلى ذلك، كما يؤدى ذلك أيضًا إلى الحماية له ولغيره فيما يتعلق بصورة النفع المتبادل وما تؤكد عليه اشتراطات حماية المستهلك.
ويقع على الأسرة تنمية الوعى الاستهلاكى لدى منتسبيها عبر ما تمارسه من معاملات ومواقف مستدامة ومواقف يومية ومعاملات تتعلق بجوانب الاستهلاك، وتقدم المعارف الصحيحة التى تسهم فى صقل الخبرات المتعلقة بالتنشئة أو التربية الاستهلاكية، ومن خلال مشاهدة ومراقبة ورصد السلوك الاستهلاكى للفرد وتصويب المشوب أو الخطأ منه يكتسب الثقافة الاستهلاكية الصحيحة، وينخرط فى مهام متقدمة منها المشاركة فى وضع ميزانية الأسرة أو تنظيم المناسبات المتعلقة بأعضاء الأسرة أو الترتيب للرحلات وما تتطلبه من مقومات، وغير ذلك من الأمور الحياتية التى نعايشها.
تسهم المؤسسات التعليمة والتربوية فى تعزيز الوعى الاستهلاكى بصورة فاعلة عبر أنشطة تعليمية مقصودة ومخططة يستمد منها المتعلم المعلومات والمهارات التى تشكل لديه وجدان يحضه على الممارسات الواعية تجاه ما يقوم باستهلاكه، ومن ثم يمتلك البنى المعرفية الصحيحة تجاه الثقافة الاستهلاكية والتى من خلالها يستطيع أن يقيم ممارساته ويوجه الآخرين بالنصح والإرشاد فى ضوء ما يمتلكه من معرفة فى هذا المجال الذى يقوم على مفاهيم اقتصادية عميقة ترتبط قطعًا بالقيم التى نؤمن بها ونتبناها.
بالطبع يساعد الخطاب الدينى على تنمية الوعى الاستهلاكى من خلال ما يقدمه من دلائل وقرائن تخاطب الوجدان وتؤثر فيه، ووفق ما تنادى به العقائد السماوية من الاستمتاع بمفردات الحياة مع تجنب التبذير والإسراف أو التقتير، وتأصيل قيم الأمانة فى البيع والشراء وضمانة حقوق الآخرين والحفاظ على كل ما يسهم فى التنمية الاقتصادية على المستويين الخاص والعام.
هناك أدوار للمؤسسات الإنتاجية والصحية تجاه تنمية الوعى الاستهلاكي، حيث تقدم العديد من النشرات التعريفية لصورة الاستخدام الصحيح للمنتج وحالات الصيانة والتخزين للمنتج وعرض تاريخ الإنتاج والانتهاء وفترة الصلاحية للاستخدام، وهنا يتم التأكيد على تحرى المصداقية والبُعد عن ممارسة صور الغش التى تكون صريحة أو مقنعة، فحينما نؤكد على خاصة أو صفة بالمنتج لا تتوافر فيعد هذا ضربًا من الغش والتزييف، وبناءً عليه ينبغى أن تتضافر الجهود حيال تنمية الوعى الاستهلاكى الذى أضحى من مقومات التنمية الاقتصادية فى ظل ما نواجه من تحديات غير مسبوقة.. ودى ومحبتى لوطنى وللجميع.