ثلاثة قصص عاصرتها هذا الاسبوع كلها تطرح علينا قصص حب مختلفة فى المعنى والزمان والمكان، لكنها فى النهاية تعبر عن قصة حب من العيار الثقيل للمكان والناس والإبداع، قصة لا يمكن ان تستمر ويصبح لها معان إلا من خلال الحب بكل معانيه السامية والراقية، والآن اصبح للحب أيضًا قوة ضغط جبارة حين يجتمع المحبون ويقومون معا بالسير كيلومترات ومسافات طويلة برغم البرد ومتغيرات المكان والزمان، وهو ما حدث الاحد الماضى حين سار أهل غزة، فى طابورطويل فى رحلة العودة الى بيوتهم فى الجنوب ساروا بهدوء ونظام، على شمالهم البحر، وعلى اليمين الأرض التى لم يفلح نتن ياهو وجيشه فى سرقتها منهم على مدى عام ونصف، ساروا فى مهمة مقدسة شهدتها الدنيا كلها على شاشاتها وأثبتوا للعالم، للمرة المليون، أن الوطن لا يباع وأرضه لا يمكن الرهان عليها حتى بعد ٧٦ عامًا من النكبة، وأن البيوت المدمرة سوف تعود معمرة وحاضنة لأبناء شعبها الفلسطينى برغم محاولات إدعاء الدعم من المستر ترامب حاكم أمريكا الجديد ،والذى لم يوجّه اى رسالة اليهم، وانما الى مصر والأردن، مطالبا أن يأخذوا أهل غزة «وان يجدوا لهم بيوتاً لإيوائهم» ليجد الرد ساحقًا من مصر ومن الأردن، ومن الناس العاديين وليس الرؤساء والحكومات فقط، برفض هذا لانه يعنى ببساطة تطهير غزة، وبعدها سيأتى الدور على الضفة الغربية، من أهلها، وتأخذ إسرائيل الأرض كلها، يعرف أهل غزة وكل الفلسطينيين والعرب، ان أمريكا هى راعية إسرائيل وان، وان، ولكنهم يقاومون بكل ما يمتلكون من إرادة ومن محبة لأرضهم، ويقدمون رسالة محبة للعالم بعد كل ما عانوه وخسروه.
حب.. فى عيون الأطفال
فى معرض الكتاب بدت المحبة شديدة الجمال فى عيون الأطفال قبل الكبار، وهو ما رأيته بعينى الاثنين الماضى من خلال محبة متبادلة بين «شخصية معرض الكتاب لثقافة الطفل» الكاتبة والمبدعة فاطمة المعدول، وبين الكبار، والصغار، الأولون شاركوا ندوة عنها وعن كتاباتها لمسرح الطفل، وكانوا من المثقفين، ومن الذين عملوا معها اثناء رحلتها الطويلة بين قصور الثقافة ومركز ثقافة الطفل والمجلس الاعلى للثقافة ومناصب اخرى تقلدتها بمحبة لاجل تقديم كل الدعم لأطفال مصر، وكعادتها، لم تجد فاطمة حرجا من المشاركة فى الندوة لتوضيح أمور مهمة فى علاقتها بعملها، وفى رغبتها العارمة فى دعم أطفال مصر، من مطروح الى حلايب وشلاتين، تداخلت وفعلت هذا برغم ما تعانيه من الام صعبة وتجربة مريرة مع السرطان فى الحلق، ولكن، حين انتقلنا الى قاعة اخرى لرؤية الفائزين بجوائز مسابقة الكتب «فى عيون فاطمة المعدول» وجدنا جيلا جديدا من البنات والأولاد الصغار، محبين للقراءة، ومدركين لمعانى الكتب التى قامت بتأليفها فاطمة ،»وعددها خمسين كتابًا» وسعداء وعائلاتهم بالجوائز، وبالتصوير مع الكاتبة، وفى الاحتفاء بها، وهو ما أسعدها كثيرا، ودفعها للتجاوز عن آلامها الصحية لاجل هذه المحبة الغامرة التى أضاءت المعرض، وأيامه، والتى تعنى ان من يقدم خيرًا للناس لن يضيع عمله ابدأ، مهما مرت السنون. وهو ما فعلته، وما زالت تفعله فاطمة المعدول.
وعايزنا نرجع زى زمان
هل كتب علينا إلا نتذكر أحبائنا ومبدعينا إلا فى ذكرى رحيلهم فقط ؟
وهل علينا ان نخفى ،او ننهى علاقتنا بالإبداع وتراثه الطويل معنا فى الموسيقى والغناء والسينما والمسرح وكل الفنون لأن قنواتنا التليفزيونية لها مسارات مقدسة لا تحتمل الخروج عنها ؟ حلت ذكرى أم كلثوم هذا الأسبوع، واستطاع برنامجان ان يحتفلا بها، الاول هو «معكم» بتقديم منى الشاذلى المميز وغناء مى فاروق وتفاصيل مهمة عن رحلة كوكب الشرق، والثانى «صاحبة السعادة « بأداء إسعاد يونس، والذى قدمت فيه عددا من المغنيات الجديدات صاحبات الأصوات الجميلة ومعهن أيضا مى فاروق، وبرغم ان تاريخ الحلقة كان منذ سنوات كما كتب فى التترات، إلا انها كانت ممتعة، ومعبرة عن محبة بالغة لام كلثوم، كوكب الشرق التى سوف تحتفل الهيئة الوطنية للإعلام بها كما أعلنت يوم الاحد القادم الثانى من فبراير بتكريم فريق عمل مسلسل «أم كلثوم» الذى قدم قصة حياتها واصبح من خلال كتابته المبدعة للكاتب الراحل محفوظ عبد الرحمن، وإخراجه العظيم للمخرجة انعام محمد على، اصبح نموذجا لمسلسلات السيرة الذاتية واهميتها. ولكننا برغم هذا نطمع فى مساحات أكبر لأم كلثوم وكل نجوم الغناء على شاشاتنا، وبسهرة أسبوعية كانت تقدمها الدكتورة رتيبة الحفنى بعنوان «الموسيقى العربية» مساء كل خميس، خاصة ان الغناء مصرى وكذلك اغلب اهل المغنى، فما الذى يمنع هذا برغم أشتياق ملايين المصريين.