مع استمرار دوران آلة الحرب الجهنمية فى قطاع غزة وتناثر جثث الشهداء من الضحايا تحت الأنقاض، جعلت العديد من الجهات الصحية تدق ناقوس الخطر وتحذر من تلك الكارثة الصحية الجديدة التى بدأت تلوح فى الأفق.. فقد حذر «المرصد الأورومتوسطى لحقوق الإنسان» من تلك الكارثة الصحية التى ستحدث فى قطاع غزة نتيجة لتناثر الجثث فى الشوارع وتحت الأنقاض التى تقدر بنحو 10 آلاف جثة وفقاً لبعض التقديرات الأولية من قبل «الجهات التطوعية» التى تحاول انتشال بقايا هذه الجثامين من تحت الأنقاض.. فى الوقت نفسه بدأت العديد من المنظمات الحكومية تنذر وتحذر من خطورة انتشار العديد من الأمراض المناعية مثل الكوليرا وإصابة الجهاز المناعى بالعديد من الاضطرابات فى جميع أنحاء القطاع، بل والمنطقة بأسرها.. وتؤكد المنظمات الحقوقية تدهور الأوضاع الصحية فى غزة سواء بسبب نقص الآليات والمعدات الثقيلة التى تحتاجها فرق الإنقاذ والدفاع المدنى أو تلك الحالة من الشلل العام لسيارات الإسعاف والفرق الطبية، بالإضافة إلى انقطاع التيار الكهربائى، مما يعيق من وضع الجثث فى المشرحة، ومن ثم زيادة عمليات الدفن العشوائية.. وقد أدى تحلل جثث الموتى وتركها فى العراء لفترات طويلة إلى نقل العديد من الأمراض الخطيرة والفيروسات كالسل والكوليرا وإلتهابات الجهاز الهضمى والنزلات المعوية والأمراض التى تنتقل عن طريق وجود الجثث بالقرب من موارد المياه وما يترتب عليها من مشاكل صحية مثل الإصابة بالإسهال.. ووفقاً للمرصد الأورومتوسطى فإن إسرائيل تعمل بأسلوب ممنهج للقضاء على كل مناحى الحياة فى قطاع غزة ومطاردة مواطنيها من خلال عمليات القصف المكثف ويعد تكدس الجثث سواء فى العراء أو تحت الأنقاض أحد الأسلحة التى تستخدمها للإمعان فى تدهور الصحة النفسية.. لا يمكن تصور مدى حجم التأثير النفسى المؤلم الناتج عن رؤية جثث الموتى، لاسيما الأحباء المقربين من الأطفال وكبار السن والنساء المحاصرين تحت الأنقاض والإحساس بالعجز وعدم القدرة على دفن أجسادهم بالشكل اللائق مع عدم سماح إسرائيل للأطقم المتخصصة بانتشال الجثث ودفنها صحياً.. لذلك يناشد المرصد الأورو متوسطى ويهيب بالمنظمات الدولية القيام بالضغط على إسرائيل لفتح الطرق والممرات الآمنة التى تسمح بتسليم ودفن الجثث فى المقابر.. وتؤكد العديد من الدراسات التى تم إجراؤها مؤخراً حول تقييم حالة «الصحة النفسية» التى تدهورت على نحو متفاقم، لاسيما بين الأطفال والمراهقين مع توقع استمرار الأعراض المتعلقة بالصدمات التى تتراوح ما بين 23 و70٪، وقد ذكرت «اليونيسيف» أن واحداً من بين كل ثلاثة أطفال يحتاج إلى المساعدة للتعافى من الصدمات الناجمة عن الصراع.. وقد أجرت منظمة «إنقاذ الأطفال» دراسة ميدانية من خلال المقابلات مع نحو 500 طفل و160 من الآباء فى غزة وأظهرت النتائج أن 80٪ من الأطفال يعانون «الضيق العاطفى» وأن نصفهم قد أفادوا بأن لديهم أفكاراً انتحارية وأن ثلاثة من بين خمسة أطفال قد تعرضوا للإيذاء النفسى، ومن المرجح أن يزداد تفاقم مشاكل الصحة النفسية مع استمرار الصراع.. إن تفاقم وتدهور الأوضاع الصحية فى قطاع غزة فى أعقاب الحرب الدائرة، قد أصبح أزمة إنسانية، مما يوجب على المجتمع الدولى والمجتمع الأكاديمى والأمم المتحدة التحرك بسرعة وجدية لاتخاذ الإجراءات الفورية لمعالجة تلك الأوضاع المتردية وتقديم الدعم اللازم للنظام الصحى فى قطاع غزة.