لا يزال عالم التكنولوجيا به أسرار تكشف عنها الأيام سواء فى الجوانب الإيجابية أو الجوانب السلبية، وللأسف هناك محاولات لتسريب السلبيات إلى دول العالم النامى بهدف إغراقهم فى تفاصيل تشغلهم عن الإفادة من التكنولوجيا فى عمليات البناء العلمى والتقدم المعرفي.. وهذا ما تكشفه الجرائم الإليكترونية التى تمتلأ بها الألعاب الإليكترونية للأطفال وطرق الابتزاز التى يمارسها بعض الأشخاص لغيرهم من خلال اختراق حساباتهم الشخصية، ومؤخراً ظهرت بقوة عمليات المراهنات الإلكترونية التى تستنزف أموال الذين يتسابقون سعياً وراء أوهام الثراء السريع.. الوقائع كثيرة بعضها يصل إلى مباحث الإنترنت والبعض الآخر يسلك طريق الصمت مخافة التشهير.. والبعض يدفع حياته ثمنا للهرب من محاولات الابتزاز مثل طالبة الطب البيطرى بجامعة العريش التى انتحرت هربا من الابتزاز نتيجة مشاجرة بينها وبين احدى زميلاتها بالمدينة الجامعية التى قامت بعملية ابتزاز لها هربت منها بالانتحار.
«الجمهورية» ناقشت الخطر الإلكترونى الذى يهدد سلامة أطفالنا وشبابنا وينتقل التهديد إلى أمن ومستقبل الوطن.. المفاجأة التى كشف عنها المسئولون فى نجدة الطفل أن كثيراً من الأهالى لا يقدمون بلاغات ضد التهديد الذى يحاصرهم وأطفالهم مخافة التشهير.. بينما وضع متخصصو الأمن السيبرانى «روشتة» لحماية الأطفال من سلوكيات التحرش أو التحريض على العنف من خلال تفعيل الرقابة الأسرية لسلوكيات الطفل، وفتح باب للحديث والمصارحة حال حدوث أية سلوكيات غريبة عن منهجية التربية التى غرستها الأسرة فى سلوكيات أبنائها.
أوضح صبرى عثمان مدير الادارة العامة لنجدة الطفل أنه فى حالة تلقى بلاغ عن تهديد أو تحرش اليكترونى يتم فحص البلاغ وعمل إجراء بحث للحالة وإحالته للنيابة العامة، مشيراً إلى أن الخط الساخن لنجدة الطفل يتلقى شكاوى الأطفال ويعالجها بشكل عاجل بما يحقق سرعة إنقاذ الطفل من تهديد العنف أو الخطر، مبينا أن عمل نجدة الطفل يكون من خلال التنسيق والتعاون مع الجهات المعنية من اللجنة العامة لحماية الطفولة واللجان الفرعية بالمراكز والاقسام بأنحاء الجمهورية.
يؤكد عثمان أن تلقى البلاغات فى سرية ولا يتم الاعلان عن بيانات المُبَلِّغ، مشيرا إلى أن عدد البلاغات ليست بالرقم المخيف وهذا لا يعنى محدودية الظاهرة بل إن هناك الكثيرين ممن يخشون التشهير بهم لذا يؤثرون الصمت، وهذا منطق خاطئ لأن هؤلاء الذئاب إذا لم يتم مواجهتهم ومتابعة جرائمهم وملاحقتهم فسينتقلون إلى ضحايا آخرين يمارسون ضدهم الابتزاز، فعدد البلاغات التى تلقاها خط نجدة الطفل خلال النصف الأول من عام 2024 يبلغ عددها 78 بلاغا.
أوضح صبرى عثمان ان العقوبات القانونية التى تواجه مرتكب الجرائم اليكترونية الحبس مدة لا تقل عن سنتين وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تتجاوز الخمسين ألف جنيه ضد كل من روج أو نشر أى أعمال إباحية تتضمن تحريض الأطفال أو استغلالهم فى أعمال إباحية او التشهير بهم أو تسخيرهم فى ارتكاب الجريمة، كما يمتد العقاب ضد من يعتدى على المبادئ والقيم الاسرية وانتهاك حرمة الحياة الخاصة بإرسال العديد من الرسائل الالكترونية لشخص بعينه دون موافقته بالحبس مجة لا تقل عن 6 أشهر وغرامة لا تتجاوز 100 ألف جنيه.
يشير د. محد محسن رمضان مستشار الأمن السيبرانى ومكافحة الجرائم الاليكترونية ورئيس وحدة الذكاء الاصطناعى والامن السيبرانى بمركز العرب للأبحاث والدراسات إلى أن تعرض الاطفال للتهديدات الاليكترونية يعد من أبرز القضايا التى تقلق الاهل والمجتمع خاصة فى ظل التطور السريع للتكنولوجيا والانتشار الواسع لاستخدام الانترنت بين الأطفال، وأن من بين التهديدات الاليكترونية الشائعة التى يتعرض لها الاطفال واستهدافهم من عمر 8 -12 سنة بأن يكونوا عرضة للاستهداف من قبل المتحرشين عبر الخداع الاليكترونى والوصول الى محتوى غير مناسب، إضافة الى التعرض للتنمر الإليكترونى أو استدراجهم للمشاركة فى أنشطة غير قانونية دون ان يدركوا العواقب، أما الفئة العمرية من 13- 17 سنة وهم شباب بمرحلة المراهقة فهم يستخدمون الانترت بشكل كثيف عبر شبكات التواصل الاجتماعى ومتابعة اهتمامتهم الشخصية وهم اكثر عرضة للتأثيرات الاجتماعية ويسعون الى «التجارب الجديدة» عبر الانترنت فهم يتعرضون للأستغلال الجنسى والتنمر الالكترونى واستخدام المنصات الاجتماعية فى تبادل محتوى حساس قد يستغل ضدهم، وقد يشاركون فى سلوكيات مليئة بالمخاطر مثل ارسال او استقبال صور غير لائقة او الانخراط فى تحديات خطيرة عبر الانترنت، أما مرحلة الطفولة المبكرة فهى تبدأ من عمر 5-7 سنوات يبدأ الاطفال فى تلك المرحلة باستخدام الانترنت تحت إشراف الوالدين للوصول الى مستوى تعليمى او ترفيهى فقد يتعرضون لمحتوى غير مناسب إذا لم يراقبوا من الابوين باهتمام عن طريق برامج الرقابة الابوية فمن الممكن ان يقوموا بالنقر على روابط غير آمنة او تحميل برامج ضارة دون قصد.
مضيفا أن العوامل المؤثرة على الاطفال وتسهم فى تعرضهم للمخاطر مثل مستوى رقابة الوالدين حيث ان الاطفال الذين لا يخضعون للرقابة من الوالدين أكثر عرضة للوقوع فى الفخاخ الاليكترونية اضافة الى الذين لا يمتلكون معرفة تقنية ودون وعى كاف بالمخاطر هم من يغامرون أكثر على شبكة الانترنت مما يزيد تعرضهم للمخاطر.
مشيرا إلى أن هناك بعض العوامل المؤثرة فى الاستجابة لمخاطر التكنولوجيا مثل المستوى الاجتماعى حيث ان الكثير من الاطفال يبحثون عن القبول الاجتماعى ولذلك ينخرطون فى سلوكيات محفوفة بالمخاطر لجذب الانتباه.
موضحا ان التهديدات الاليكترونية الشائعة للأطفال عبر الانترنت هى التنمر المتضمن سخرية وتهديدا وإهانة عبر وسائل التواصل الاجتماعى ومحاولات الاستغلال الجنسى باستدراجهم للمشاركة فى أنشطة غير لائقة.
ونصح رمضان بأن يوجد ادوات وتقنيات لحماية الاطفال من برامج الرقابة الابوية لمراقبة انشطتهم عبر الانترنت وادوات تحد من تعرضهم لمحتوى غير لائق «بفلترة المحتوي» ايضا تدريب الاطفال وتعليمهم عن كيفية اعداد خصوصيتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، وتشجيعهم فى الحديث عن تجاربهم على الانترنت والتفاعل معهم بجدية وإبلاغ الأم والأب إذا شعروا بالتهديد أو تعرضوا للتحايل وتعليمهم كيفية التعرف على رسائل البريد الاليكترونى المشبوهة وكيفية التعامل معها والتوعية المستمرة لهم حول خطورة الجلوس الدائم على الانترنت، وملاحظة سلوكيات الطفل من خلال مراقبة اهتماماته بمحتوى معين أو حدوث تغير مفاجئ فى سلوكه، مشددا أن هناك اجراءات يجب اتخاذها عند تعرض الطفل لجريمة اليكترونية منها الاحتفاظ بالادلة بحفظ جميع الرسائل او المحتوى المرتبط بالجريمة مع ابلاغ الجهات المختصة من الشرطة او مؤسسات لمكافحة الجرائم الالكترونية.
أشارت د.ماجى وليم استاذ علم النفس بكلية التربية جامعة عين شمس ان الجرائم الالكترونية للاطفال تمثل تهديدا كبيرا على صحتهم النفسية والعاطفية حيث يتعرضون لجرائم التنمر والتحرش واستغلال البيانات الشخصية وهذه الجرائم تؤدى إلى مشكلات نفسية خطيرة من قلق واكتئاب وفقدان الثقة بالنفس والانعزال الاجتماعي، معتبرة أن التنمر الإليكترونى الاكثر شيوعا بين المراهقين خاصة من لديهم مشاكل نفسية وأخلاقية واستخدام أساليب تهديد وتخويف الضحايا بكلام مزيف وغير صحيح أو نشر صور حقيقية أو مزورة للإساءة وتشويه سمعته بما يجعل الضحية تحت ضغط نفسى شديد قد يدفعه الى الإساءة إلى نفسه والاقبال على الانتحار.
أشار مدحت محمود مهندس برمجيات وألعاب إليكترونية إلى أن تصميم الألعاب إليكترونية قتالية تحاكى الواقع تستلزم اتخاذ تدابير أمنية لحماية الأطفال بأن يقدم مستخدم اللعبة ID»» حتى يثبت ملكيته للأكونت حتى يتمكن المبرمج للعبة الحفاظ عليه من اى هكر او أى احتيال إليكتروني، ولكن معظم الشركات المنتجة للألعاب الاليكترونية لم تهتم بهذا الاجراء او الاجراءات الامنية لأن هدفها أولا وأخيرا تحقيق الربح فقط، وهذه الإجراءات الأمنية للألعاب الإليكترونية تستلزم أن يكون هناك ميثاق دولى ملزم للشركات العاملة فى تصميم وبرمجة تلك الألعاب حتى يمكن تأمين تلك الألعاب أخلاقيا بحيث لا تتضمن تحريضا على العنف أو تكون خادشة للمشاعر الأخلاقية أو تحفز على ممارسة السلوكيات الخارجة عن الأخلاق، وهذا يقتضى أن يكون تصميم اللعبة من شركات معروفة لأنه يوجد العاب كثيرة يتم انزالها على الموبايل والهكر يمكنه اختراق الداتا من على التليفون من صور وملفات وارقام.