شهدت المنظمة العالمية لخريجى الأزهر ملحمة من التنافس فى حفظ كتاب الله تعالى بين طلاب العالم الإسلامى الدارسين بالأزهر لأكثر من 120 دولة على اختلاف أشكالهم وألوانهم .. الجمهورية التقت الفائزين فى المراكز الأولى من الفلبين وأفغانستان وبنجلاديش وروسيا وإندونيسيا والذين أجمعوا كلمتهم على أنهم مدينون بالفضل فيما وصلوا إليه من علوم ومعارف لمصر الأزهر .
جاءت أبرز تصريحات الوافدين الفائزين أن بلده تصاب بالغيرة من كثرة محبة شعبها لمصر كنانة الله فى أرضه اصطفاها بأن جعل بها الأزهر الشريف «كعبة العلوم» .
الفائز الأول فى حفظ القرآن الكريم بالقراءات «على حسن عباس» من الفلبين 36 عاما، تخرج فى كلية أصول الدين بالقاهرة قسم التفسير، ولد «علي» يتيما فى أسرة فقيرة، واستشهد والده فى الجيش الفلبيني، وتركه لم يبلغ من العمر3 أشهر، ولحقت به أمه بعد قرابة 6 أشهر، وقد تركهم والده بدون مورد رزق ينفق منه على نفسه هو وأخته، فتكفلت بتربيتهم إحدى الأسر الثرية فى الفلبين، ولم يستطع أحد أقاربهم القيام بتلك المسؤولية نظرا لحالتهم المادية الصعبة، وألحقته هذه الأسرة بمركز تحفيظ القرآن الكريم وعمره 14 عاما، واستطاع حفظ القرآن فى عامين، وأخذت الإجازة على الشيخ السعودى عبد الله على بصفر، ثم جاء إلى مصر بلد الكرم ومنبع الكرماء عام 2006 ، حيث التحق بالصف الأول الإعدادي، وحينما جاء مصر سجد على أرضها حمدا لله أن رزقه ذلك الفضل الذى يتمناه أبناء بلده، وكانت أول خطوة له فى مصر زيارة الجامع الأزهر وصلاة ركعتين شكر لله على نعمة الأزهر، وبدأ من جديد إتقان القرآن حفظا وتلاوة على يد مشايخ مصر وعلمائه فى أحكام التلاوة، وسوف يعود إلى الفلبين مرة ثانية بعدما تنتهى زوجته من رسالتها العلمية، وحينها سيبدأ فى إنشاء مركز لتحفيظ القرآن الكريم، وتعليم أبناء الفلبين محبة مصر الأزهر.
أما أحمد الله ظفر خان من أفغانستان طالب دراسات عليا للوافدين، فقد حضر إلى مصر وعمره عشرون عاما ليلتحق بالثانوية الأزهرية، وحفظ القرآن فى السادسة من عمره، وقام بختمه فى تسعة أشهر، يصف أحمد الله علاقته بالقرآن الكريم بأنها تصل درجة العشق فى مستوى الحفظ والتلاوة، وشارك فى عديد من المسابقات الدولية والثقافية، مطالبا الازهر الشريف وباقى المنظمات الإسلامية بذل جهود لتحرير أفغانستان من سيطرة العقول المتشددة التى تمنع المرأة من حقوقها فى التعليم، وعدم السماح لها سوى الالتحاق بمراكز خاصة لتحفيظ القرآن الكريم وعلومه، بسبب إغلاق المدارس فى وجوههن، وهذا ما دعا كثيرين ممن يرغبون تعليم بناتهم مغادرة أفغانستان إلى الدول المجاورة، وهذه العقلية ناتجة عن ميراث فكر التشدد الذى كان منتشرا فى أفغانستان وقتما تمركزت بأرضها تيارات العنف والتشدد، معاتبا فى ذات الوقت من يهاجمون بلاده ويربطونها بالإرهاب ولا يذكرون عنها سوى تنظيم القاعدة وأسامة بن لادن وأيمن الظواهري، متجاهلين أئمة أفغانستان أمثال: البيروني، وابن سينا، والفارابي، والبلخي.
تنوير أحمد من بنجلادش 24 عاما يدرس بمعهد البعوث الثانوى الفائز فى مسابقة الأصوات الحسنة، حيث يحفظ القرآن الكريم كاملا بالقراءات، وكانت بداية الحفظ فى بنجلادش على يد القارئ نجم الحسن، وهذا القارئ يعشق الأزهر عشقه لدخول الجنة بعد رضا الله عليه، لذلك كان لا يَمَّلُ من نصحى بالدراسة فى الأزهر الشريف صباح مساء، مرددا على مسامعى أن الأزهر كعبة العلوم، وأن الحج إذا كان لمكة فريضة فإن الحج إلى الأزهر لطالب العلم أفرض الفرائض، لذا أسرعت بالحضور إلى مصر، وقمت بمراجعة ما حفظته من كتاب الله تعالى وأتممت القراءات، بعد إتقان الحفظ، ولا أشعر بالطمأنينة إلا عند سماع آيات القرآن الكريم من المشايخ عبد الباسط عبد الصمد والحصرى والمنشاوى والشحات محمد أنور وغيرهم، وجاءت دراستى بالأزهر بمثابة إحياء النفس التى كانت تشرف على الهلاك، وحينها قررت فى نفسى أكتب تاريخ ميلادى باليوم الذى تم قبولى للدراسة بالأزهر.
هرنيتو عبد المجاهد 21 عاما حفظ القرآن فى إندونيسيا على يد الشيخ لقمان شمس الدين فى عام واحد، مستذكرا دعاء أمه حينها بأن يرزقه الله زيارة مصر والتعلم بالأزهر، ثم شاءت إرادة الله تعالى أن يحضر لكعبة العلوم الأزهر الشريف للدراسة بكلية أصول الدين، لم يخجل الطالب الوافد أن يعلن مدى محبة أبناء إندونيسيا لمصر درجة تجعل إندونيسيا أرضا وتاريخا يشعر بالغيرة من تلك المحبة التى ألقاها فى قلوب أبنائها تجاه مصر
رحمة الله ساه بجولين عظمت من روسيا، حينما كان صبيا حضر إلى مصر مع والده الذى جاء للدراسة بالأزهر الشريف، حتى وصل حاليا مرحلة الدراسات العليا للوافدين، بينما يدرس هو ووالدته معا فى كلية أصول الدين، مشيدا بالكرم الأخلاقى للشعب المصرى الذى لا يشعر بالاغتراب وهو يعيش معه، ذاكرا أن كرم المصريين لا يجعله يقلق على طعام أو شراب خاصة فى شهر رمضان الذى تمتلأ فيه شوارع مصر بموائد الرحمن بصورة تجعلك تشعر أن هذا البلد من ضمن كبار العالم اقتصاديا، ولكن طباع المصريين متأصلة فى الكرم منذ قديم الزمان، وعند حديثه على الدور المصرى فى غزة فإنه لم يجد فى مصطلحات الوصف سوى بأنه دور يعكس أصالة تاريخ تلك البلدة المدافعة عن أصحاب القضايا من المقهورين أو المظلومين، وممارسة قادرته السياسة الشريفة.