منذ السابع من أكتوبر ووجه الشرق الأوسط يتغير يوما بعد يوم فبعد سقوط آلاف الشهداء من الفلسطينيين يبدو أن الحرب ستأخذ منحنى جديداً قد يغير مسارها وذلك بعد ان نفذت إيران تهديدها ولأول مرة توجه ضربات مباشرة لإسرائيل من قلب طهران نفسها وهى التى كان يحارب عنها بالوكالة أكثر من طرف سواء فى لبنان تارة أو اليمن تارة أخرى وغيرها وغيرها.
وسرعان ما قامت الصحف العالمية بتحليل بل واستباق النتائج لهذه الضربة واعتبرتها فشلاً لإيران، إلا أن صحيفة فيجارو الفرنسية نشرت تحليلا لـ «سيبستيان بوسوا» أستاذ العلوم السياسية والباحث فى شئون العالم العربى الذى يرى ان الضربة الإيرانية لها أبعاد أخرى فقد جاءت فى الوقت الذى لم يعد للشعب الإسرائيلى ثقة فى حكومتهم كما ان الصواريخ الإيرانية تلك هزت صورة إسرائيل التى دائما ما تحاول تصديرها للعالم كونها دولة قوية يهابها الجميع.
يواصل الباحث الفرنسى قائلا إن تدهور العلاقة بين الرئيس الأمريكى ورئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو منذ السابع من أكتوبر الماضى أدت إلى إضعاف إسرائيل أمام العالم خاصة ان نتنياهو يصم آذانه عن أى دعوات دولية لوقف نزيف الحرب.. ولا تعتبر هذه هى النتيجة الوحيدة للضربة الإيرانية لكنه يعتبر نوعاً من انواع استعراض القوى لها خاصة بعد سنوات من العقوبات الدولية على حد وصف الكاتب.
يعود الكاتب ليربط بين الهجمة الإيرانية وأحداث السابع من أكتوبر حيث يحمل نتنياهو المسئولية الكبرى نتيجة لسياسة التطرف التى ينتهجها ولم يكتف بذلك بل حاول إخفاء جريمته تلك بإغراق غزة فى حمام من الدم فى محاولة منه لاسترضاء الرأى العام فى بلاده.
أما راديو فرنسا فقد وصف ما حدث بالـ «مباراة» حتى وإن كانت إسرائيل استطاعت التصدى لـ 99٪ من الصواريخ الإيرانية فمن الواضح ان الضربة كانت محدودة وذات رمزية معينة حيث أرادت طهران توجيه رسالة أكثر من إحداث إصابات كبيرة.
فى تحليل له أشار موقع الـ بى بى سى إلى أن إيران أصبح بوسعها تنفيذ تهديدها فى حال رد الهجوم عليها فلطالما هددت بإغلاق مضيق هرمز باستخدام الألغام وطائرات بدون طيار بالتالى حصار ما يقرب من ربع احتياطيات العالم من النفط وهو كابوس قد يجر الولايات المتحدة وغيرها إلى حرب إقليمية حاول العالم تجنبها فى كل لحظة.
أما صحيفة هارتز الإسرائيلية فرأت أنها فرصة إستراتيجية غير مسبوقة بالنسبة لإسرائيل وعليها ان تنتهزها لتكوين جبهة قوية ضد إيران.. فمن ناحية استطاعت الحكومة الإسرائيلية ان تثبت نجاح نظام القبة الحديدية الذى استغرق تأسيسه قرابة الأربعة عقود بالتالى هو إرضاء للرأى العام الإسرائيلي.
ولكن فى نفس الوقت هناك تحد آخر تواجهه إسرائيل على حد قول الصحيفة إلا وهو قيام إيران بتوجيه ضربات مباشرة لإسرائيل دون تردد منها وهو الأمر الذى لم يحدث منذ عام 1991 عندما قام صدام حسين بتوجيه صواريخ سكود على إسرائيل أثناء حرب الخليج مما جعل تل أبيب تواجه فضيحة استخباراتية إسرائيلية جديدة.
من ناحيته وصف جوزيف بوريل مسئول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى الهجوم الإيرانى الأخير بأنه تصعيد غير مسبوق وتهديد صريح للأمن الإقليمى وان هدف الاتحاد الأوروبى المساهمة فى تهدئة الوضع والحفاظ على أمن المنطقة علما بأن الوضع فى الشرق الأوسط كان على رأس جدول أعمال القمة غير الرسمية لقادة الاتحاد الأوروبى فى بروكسيل.
حتى الولايات المتحدة الأمريكية التى تعتبر الحليف الإستراتيجى الأول لإسرائيل فقد أعلنت أنها لن تشارك إسرائيل فى أى هجوم مرتقب لها ضد إيران.