فى حياتنا اليومية، نمارس الكثير من الأفعال بشكل متكرر: نأكل، نشرب، نعمل، نذاكر، نربى أولادنا، نتكلم مع الناس، نساعد غيرنا. كل هذه أفعال تبدو عادية، لكن الحقيقة أن هناك سراً يحوّلها من مجرد «عادات» لأعمال عظيمة جدًا فى ميزان حسناتنا، وهذا السر هو النية. فى عالم ملىء بالمسئوليات والضغوط اليومية، قد يبدو لنا أحيانًا أن حياتنا مليئة بالأعمال العادية التى لا تحمل فى طياتها أى معنى عميق. نذهب للعمل، ندرس، نعتنى بالعائلة، وكلها أفعال يومية تستهلك وقتنا دون أن نلحظ أنها تحمل فى طياتها فرصة عظيمة للتقرب إلى الله. هنا يأتى دور النية الطيبة التى تحول هذه الأعمال البسيطة إلى عبادات مستمرة.
ما يميز العمل اليومى هو أن كل شىء يمكن أن يتحول إلى عبادة إذا كانت النية سليمة. فى كل لحظة، نحن أمام فرصة لنجعل عاداتنا اليومية طريقًا للثواب. إذا كنت تنوى أن عملك هذا هو سعى لإعالة أسرتك بحلال، فكل لحظة فى العمل تُكتب لك عبادة.
إذا كنت تهتم بصحة جسدك كى تُعِين به نفسك على الطاعة، فكل تمرين أو طعام تأكله يصبح عبادة. المفتاح هنا ليس فى العمل نفسه، بل فى النية التى تصحبه. عندما تقصد فى قلبك أنك تفعل هذا الفعل لتحقيق رضا الله، فإ ن هذا الفعل يُكتب لك فى ميزان حسناتك، حتى لو كان شيئًا بسيطًا جدًا. مثلًا، إذا كنت تُساعد شخصًا فى حاجة، فإن تلك المساعدة تكون عبادة إذا كانت نيتك هى رضا الله، وليس انتظارًا لمقابل مادى أو معنوى. النية الطيبة لا تُضفى فقط قداسة على الأعمال، بل تُضىء الطريق وتمنح الحياة طعما مختلفًا. عندما تكون نيتك خالصة، ترى فى كل عمل قيمة ومعنى. وبدلًا من أن تكرّس وقتك لأشياء تمر مرور الكرام، يصبح كل فعل صغير فى حياتك فرصة للعبادة والتقرب إلى الله. ومن أعظم ما يميز النية الطيبة أنها لا تقتصر على الأعمال الكبيرة فقط، بل تمتد إلى الأشياء التى قد نعتبرها تافهة أو روتينية. حتى الابتسامة فى وجه أخيك، أو نظرة تعاطف مع شخص يحتاج إلى الدعم، يمكن أن تتحول إلى عبادة بسبب نيتك الطيبة. إن الإحسان فى كل شىء هو مبدأ يجب أن نعيش عليه، بحيث لا نترك لحظة تمر إلا ونحن ننوى فيها مرضاة الله. النية الطيبة هى سر التحول الحقيقى فى حياتنا. هى السر الذى يجعل من كل لحظة تمر فرصة للتقرب إلى الله، وتحويل العادات اليومية إلى عبادات عظيمة. فلنحرص على أن تكون نياتنا دائما صافية ومخلصة، لأن العمل بدون نية يصبح مجرد حركة، أما العمل مع نية طيبة يصبح عبادة ترفعنا وتقرّبنا من الله فى كل خطوة نخطوها الحياة ليست مجرد سلسلة من الأفعال اليومية التى نؤديها بلا وعى، بل هى رحلة مستمرة نحو الله، يمكننا تحويل كل لحظة فيها إلى عبادة حقيقية. ما يميز الإنسان المؤمن هو قدرته على تحويل كل عمل بسيط، إلى فعل يُحتسب له أجر وثواب، فقط إذا كان القلب حاضرًا، والنية صافية. النية الطيبة هى المفتاح الذى يفتح أمامنا أبواب البركات فى حياتنا، فتتحول أفعالنا التى نقوم بها يوميًا، مثل العمل، والدراسة، والعناية بالأسرة، إلى عبادات عظيمة. وفى لحظة من الوعى الحقيقى، يصبح كل شىء حولنا فرصة للتقرب إلى الله.. ولذلك، يجب أن نعود أنفسنا على أن تكون نياتنا دائمًا صادقة، لا تنظر إلى مكافآت دنيوية، بل تسعى لمرضاة الله سبحانه وتعالى. لأنه فى اللحظة التى يكون فيها الله هو الهدف، تتحول حياتنا إلى عبادة، ويُكتب لنا من كل عمل أجرًا عظيمًا. ولنعش حياة مليئة بالسلام الداخلى، والطمأنينة، والرضا النفسى، لأننا نعلم أن كل ما نفعله هو جزء من رحلة التقرب إلى الله. فلتكن نيتنا دائمًا الطيبة، ولتكن أعمالنا دائمًا خالصة لله، لأن النية الطيبة لا تغير فقط الأعمال العادية إلى عبادات، بل هى التى تجعل الحياة بأكملها عبادة قائمة على الإحسان والنية الصافية. وهنا، تكمن السعادة الحقيقية والسلام الداخلى الذى يعجز العالم المادى عن منحه فهيا بنا جميعا نحسن النوايا ونجعلها خالصة لوجه الله تعالى، لنؤدى رسالتنا كاملة فى بناء أوطاننا بنية طيبة صادقة.
حفظ الله مصر وحما شعبها العظيم وقائدها الحكيم.