صار كالطفل الذى لا يفارق أمه إذا غابت عن عينه لحظة، بحث عنها فى كل مكان وبكى بحرقة إذا افتقدها، فهى كل حياته ولا أمان بدونها.. إنه ذلك الجهاز الذى بحجم كف اليد الذى سيطر على عقولنا وصار كالأم لكل منا صغاراً وكباراً، إنه المحمول، إنه المعشوق الذى سلب عقولنا وسيطر على أفكارنا، وصرنا نصطحبه معنا فى كل مكان فى العمل، فى المدرسة، فى الجامعة، فى الشارع، فى الحمام، حتى فى المسجد عند الصلاة.. إنه الملازم لنا كظلنا لا نفارقه إلا عند النوم، بل لا نرتاح إلا وهو إما بجوارنا أو تحت الوسادة، الأمر الذى وصل بنا إلى المرض.. فما هذا المرض؟!
إنه متلازمة «النومو» التى يسببها التليفون المحمول كواحدة من المتلازمات الحديثة التى يسببها الاعتماد على المحمول وتتمثل فى خوف الشخص الشديد من افتقادها، فيضطر إلى اصطحابه معه أينما رحل ولا يفارقه إلا عند النوم.
هذه المتلازمة أصبحت شائعة بشكل كبير ليست فى مصر بل فى العالم أجمع وصارت نسبة الإصابة به 90 ٪ ربما يقلل البعض من تأثيرات تلك المتلازمة التى أطلق عليها علماء النفس «النومو» وهى متلازمة تكنولوجية حديثة لم يكن علماء النفس يعرفونها من قبل رغم التطور الكبير فى هذا العلم ولكنها أمراض العصر وضريبة التكنولوجيا التى غيرت الكثير من سماتنا الشخصية ومن مجريات حياتنا جميعا، لذا لا يمكن إنكار تداعياتها إذا ما زادت الأمور عن حدها.. لذا كان لابد من الحديث عن تلك المتلازمة كى ننتبه إليها ونتجنب نتائجها السلبية التى أثرت بالفعل فى حياتنا وارتكبت جرائم عديدة بسببها وصلت إلى حد القتل.
المتلازمة لها للأسف تأثيرات سلبية على جهازنا المناعى، فهى تضعف مناعتنا وتصيبنا بالوحدة النفسية والعزلة الاجتماعية، بدليل أن البعض من مدمنى المحمول قد يظل باليوم داخل غرفة نومه دون أن يشعر بجوع أو عطش، الأمر الذى معه يتم حدوث مشاكل فى الأعصاب باليد والاصابع وارتخاء فى العضلات، ناهيك عن المشاكل المصاحبة للعمليات التى يقوم بها الشخص المستخدم للمحمول فى التواصل الاجتماعى مثل التعرض للنصب أو يكون نصاباً أو يتعرض للابتزاز أو يكون مبتزاً وهكذا، والنومو يسبب اضطرابات فى النوم ونقص فى الانتباه وفرط فى النشاط وفى وظائف المخ، بالإضافة إلى التوتر الذى يحدث خلال النهار، مما يؤدى إلى الدخول فى مرحلة النوم العميق، وبالتالى الشعور بالتوتر وحدوث اضطرابات نفسية مثل القلق وعدم التركيز.
صراحة، غير المحمول الكثير من سلوكياتنا وأطلعنا على أشياء لم نكن نعرفها أو حتى نقبلها من قبل، مع إن مثل هذا الجهاز مفيد جداً إذا تم استخدامه بالشكل الصحيح معرفياً، وفى كل المناحى العلمية، بضغطة زر ترى العالم من حولك فى لحظة، وبضغطة زر تجد نفسك فى المكتبة أو دار الكتب أو فى مكتبة الكونجرس، بضغطة زر تجد نفسك فى عالم مخملى وحسناوات أو عالم تسيطر عليه الروحانيات، المهم هذا الجهاز تجد فيه ما تهواه ووفق ضميرك وما تربيت عليه، الأمر الذى قد ينسى المتصفح له ويقضى الساعات دون أن يشعر بملل لأنه دخل عالم أرحب ملئ بالأسرار.
الحقيقة، النومو خطر داهم أصابنا سلباً دون أن ندرى تماماً، كالساعات التى نقضيها على المحمول دون أن نشعر، فقد سلب عقول البعض وغير من سلوكياته وما نشأ عليه من قيم ومبادئ، بل وأصابنا بارتخاء فى العضلات نتيجة لعدم الحركة وعدم ممارسة أى نشاط رياضى أو حتى ذهنى، لأنه قد يتسبب فى تغيير فى الأيديولوجيات والمفاهيم قد تقود البعض إلى الانحراف السلوكى والمعرفى قد يقود فى النهاية إلى السيكوباتية أو إلى الضلالات أو- وهو الأهم- إلى العنف الأسرى والمجتمعى، وعلينا كأسر أن نحث أولادنا على عدم الانجرار إلى مواقع مشبوهة ودعوات هدامة وأن نحثهم على الابتكار وممارسة الأنشطة التى يحبونها مثل الرسم والموسيقى والرياضة والقراءة من الكتب الورقية وليست الإلكترونية التى يختلط فيها الحابل بالنابل، التى قد تندس فيها معلومات مضللة وشائعات وإسرائيليات وغيرها من الأعمال المغرضة الهدامة، أن نعرف أولادنا بأن ليس كل ما هو فى الإنترنت صحيح وصادق وثقة، وأنه علينا كمستخدمين للنت أن نتقى الأخبار وألا نثق فى المعلومة من مصدر واحد وعلينا أن نتمسك بثوابتنا وبما تربينا وأنشأنا عليه، لأننا أصبحنا فى زمن الماسك على دينه كالقابض على الجمر، وهذا ما قاله رسولنا الكريم: «يأتى زمان على أمتى القابض على دينه كالقابض على جمرة من النار» اللهم بلغت اللهم فاشهد.
>> وأخيراً:
> النت بمثابة السم فى العسل، فتعاملوا معه بحرص.
> احتجاجات واسعة فى الولايات المتحدة الأمريكية ضد سياسات ترامب.. هذه بداية النهاية.
> الرسوم الجمركية.. حرب تجارية تأتى بالخسارة على الجميع.
> الدليل، الدولار يسجل أسوأ هبوط منذ 2022.
> موجة غضب واستنكار بعد حرق نسخة من القرآن فى هولندا.. تاني!
> حبس نحو 3 آلاف سايس.. بادرة طيبة للقضاء على امبراطورية السياس وابتزازهم لأصحاب السيارات.
> غاز «الضحك» يثير جدلاً فى ألمانيا.. ومطالب بحظره وسيكون موضوعنا قريباً.