فى تاريخ مصر السياسى أسماء مهمة تولت الوزارة ورئاستها منذ أول اجتماع لمجلس النظار فى الثانى من سبتمبر عام 1878 فى عهد الخديوى إسماعيل وكان برئاسة نوبار باشا.. منذ ذلك تولى رئاسة الوزراء أسماء مهمة حيث كانت تطويراً لما أسسه محمد على باشا من إدارات تنفيذية أطلق عليها الدواوين وتطور منصب رئيس الوزراء من مدير عموم الديوان إلى ناظر إلى وزير ومع إعلان الحماية على مصر تغير الوضع.. لكن مع تشكيل أول وزارة فى مصر «نوبار باشا» عام 1878 استمر على مقعدها من 28 أغسطس 1878 حتى 23 فبراير 1879 وجاء اختيار محمود فهمى النقراشى فى 15 يناير 1945 حتى 24 فبراير فى مرحلة مهمة من تاريخ مصر لرئاسة الوزارة عقب اغتيال رئيس الوزراء الذى كان وراء إنشاء الهيئة السعدية عام 1938 فى حرم البرلمان فى 24 فبراير 1945 وكانت الحرب العالمية قد بدأت تضع الأيام الأخيرة لنهايتها وسط أزمات سياسية واضحة واختلافات حزبية صارخة حيث كان مكرم عبيد قد شكل أيضاً بعد إقالته من الوفد ما أسماه «الكتلة الوفدية» وفى البداية اختير محمود فهمى النقراشى وزيراً للخارجية وكان اغتيال أحمد ماهر عقب إلقاء بيان الموافقة النيابية على دخول مصر الحرب على يد محمود العيسوى فى ثانى حادث اغتيال لرئيس الوزراء فى مصر والأول كان بطرس باشا غالى فى 21 فبراير 1910.
كان اغتيال أحمد باشا ماهر إشارة مهمة لاستكمال الهيئة السعدية لمواصلة وجودها فى رئاسة الوزراء وجاء الاختيار محمود فهمى النقراشى الذى اتهم مع أحمد ماهر باشا نفسه باغتيال السردار.. فقد تولى عدة مناصب وزارية قبل خلافه مع مصطفي النحاس باشا وخروجه من حزب الوفد عام 1937.. وللمفارقة فقد تولى الوزارة بعد اغتيال أحمد ماهر وتشير دراسات ومنها كتاب «أسرار مجلس الوزراء» لمؤلفه الكاتب الصحفى كامل مرسى أن النقراشى كان علية كثير من المحاذير أحاطت بالاختيار فى وقت كان الشارع السياسى المصرى مرتبكاً والخلافات الحزبية وأيضاً القصر الذى كان لديه مخاوف من عدم سهولة التعامل مع النقراشى الذى اشتهر بالتصلب بالرأى .
والجديد فى وزارة النقراشى الأولى كان اختيار عبقرى القانون المصرى عبدالحميد بدوى وزيراً للخارجية وتولى رئاسة وفد مصر فى مؤتمر سان فرانسيسكو.. وفى عهد وزارته اجتمع وفود الدول العربية بالقاهرة فى 7 مارس 1945 فى قصر الزعفران وتم التوقيع على ميثاق الجامعة العربية قبل شهور من إعلان انتهاء الحرب العالمية الثانية واستسلام ألمانيا فى مايو 1945.. ووسط الأحداث تم اغتيال وزير المالية أمين عثمان وأثار اغتياله أزمة كبيرة وهو الاغتيال الذى اتهم فيه الرئيس الراحل السادات.. وتدخلت بريطانيا على الخط وأعربت للملك فاروق عن عدم الارتياح لاستمرار وزارة النقراشى وقدم رؤساء الأحزاب استقالتهم بعد الأسلوب الذى استخدم فى فض مظاهرات الطلاب على كوبرى عباس بالقوة.. وأمام الحرج استقال النقراشى وقبل الملك الاستقالة فى 15 فبراير 1946 ليخلفه إسماعيل صدقى فى ثالث وزارة يقوم بتشكيلها فى 16 فبراير حتى 9 ديسمبر 1946 قبل أن يعود محمود فهمى النقراشى مرة ثانية للوزارة التى كانت تتبدل كما تتبدل قطع الشطرنج وفى الوزارة الثانية للنقراشى كان أمامه عدة قرارات تحتاج للدراسة منها منع التظاهر ضد الاحتلال وتعطيل الصحف ومنع الاجتماعات.
لم يكن النقراشى فى المرحلة الثانية لعودته للوزارة فى 9 ديسمبر 1946 – 28 ديسمبر 1948 أسعد حالاً من الفترة الأولى 24 فبراير 1945 إلى 15 فبراير 1946 عقب اغتيال رفيقه أحمد ماهر فى الهيئة السعدية لكن يحسب لها أنها كانت أطول وزارات ما بعد الحرب العالمية الثانية عمراً- عامين وبضعة أيام- وعرض قضية الاحتلال فى الأمم المتحدة وفى هذا الإعلان انتقد بريطانيا ووصف الاحتلال بـ«القرصنة البريطانية» وأنه لابد من الجلاء وفشل مجلس الأمن فى إصدار قرار بالجلاء.
ولعل أحد أسباب فشل النقراشى فى تغيير نظرة مجلس الأمن الخلافات الحزبية التى كانت الحاضر القوى فى الأمم المتحدة أمام المجلس وهى الرسالة الشهيرة التى تسلمها رئيس مجلس الأمن وقتها من حزب الوفد تشير إلى أن القضيةالتى طرحتها حكومة محمود فهمى النقراشى أمام المجلس لا تمثل وجهة شعب وادى النيل.. وأنها تمثل من قدمها والأشخاص الذين تتألف منهم الوزارة.
وبلا شك كان موقفاً مخيباً لآمال النقراشى وكان له أكبر الأثر كما يقول كامل مرسى فى كتابه «أسرار الوزارة» واعتبرها الساسة أنه طعن من الخلف وشاب العلاقة بين النقراشى والقصر فتور واضح وإصدار القصر قرارات كتعيين إبراهيم عبدالهادى وكيلاً للهيئة السعدية رئيساً للديوان وتعيين كريم ثابت مستشاراً بالإذاعة وهما من المعارضين للنقراشى.
وفى هذه الأثناء انتشر وباء الكوليرا بمصر فى سبتمبر 1947 وتوفى ما يقرب من 100 ألف مواطن واستمر فترة حتى تم التغلب عليه وأظهر وباء الكوليرا ضعف حكومة النقراشى خاصة بعد وصول الوباء إلى قرية «القرين» بالشرقية مع مخلفات معسكرات الجيش الإنجليزى.
الأحكام العرفية
لكن فى 13 مايو 1948 صدر مرسوم إعلان الأحكام العرفية وتعيين النقراشى حاكماً عسكرياً مع حرب فلسطين.
وفجأة فى 28 ديسمبر 1948 اقترب منه شاب فى زى الداخلية وأطلق عليه الرصاص وهو عنصر بجماعة الإخوان انتقاماً من قراره بحل «الجماعة» لانحرافها عن أهدافها الدينية والاجتماعية وارتكابها جرائم ضد الوطن
.. واللافت أن القاتل كان النقراشى نفسه قد أصدر قرار بتعليمه مجاناً لكن هذه طبيعة الإخوان دائما.. خائنون لكل شىء للدين والوطن ولكل من يقدم لهم خيرا.
وجاء اغتيال النقراشى فى ظروف سيئة يواجهها القصر والنظام السياسى وقتها قبل 23 يوليو والجيش المصرى فى فلسطين.. وأسدل الستار بثلاث أو أربع رصاصات إرهابية فى ظهر محمود فهمى النقراشى لينهى أطول حكومات مصر قبل الثورة أيام كانت الوزارات تتغير صباحاً وفى المساء تتغير وكان قد مر على البدء فى تشكيل الوزارات 70 عاماً من 1878 إلى 1948 وتعاقب على مصر من نوبار حتى النقراشى 66 وزارة.
والنقراشى كان أول مدرس وناظر مدرسة يتولى رئاسة الوزراء فى تاريخ مصر.. وبوفاته قبل الثورة تغيرت الوزارة بعده عدة مرات وجاء خلفاً له إبراهيم عبدالهادى وحسين سرى باشا «الثالثة» والرابعة ومصطفى النحاس «السابعة» وعلى ماهر «الثالثة» ثم وزارة أحمد نجيب الهلالى باشا «الأولى والثانية» التى استمرت يوم واحد وقامت الثورة وقبلها وزارة العشرين يوم «حسين سرى باشا» فى 2 يوليو 1952 حتى 22 يوليو 1952.. لكن يبقى النقراشى باشا رئيس الوزراء المثير للجدل مما جعل بعض المؤرخين يتساءلون هل هو ظالم أم مظلوم فى تجربة سياسية مهمة فى مصر.
حسن البنا يبكى أمامه
تقول د.هدى شامل أباظة حفيدة النقراشى باشا إن الإخوان ظلموا جدها ونهشوا تاريخه بالتزييف والتشويه.. وقالت إنها لديها وثيقة كتبها حسن البنا للملك يحرضه على النقراشي.. ووثيقة أخرى يمدح جدها والفرق بين الوثيقتين 3 أيام يرجوه بوقف قرار حل الجماعة فى الوقت الذى كانوا يخططون لاغتياله ويبكى أمام النقراشى للرجوع عن القرار.
وتقول هدي: هكذا هم الإخوان محترفون فى الكذب والتضليل والخداع بحسب ما أدلت به بجريدة «الأخبار» فى 2 أغسطس 2018.. وتشير أنه بالاطلاع على خطاباته للملك يتأكد انها جماعة خائنة.
ويقول عبدالرحمن عمار وكيل وزارة الداخلية أيضا فى الأربعينيات إن حسن البنا جاءه باكياً وقال إنه يحب النقراشى وأنه سيفعل أى شيء يطلب منه مقابل عدم حل الجماعة وأنه سيقصر نشاطه على الأمور الدينية وأعرب عن أسفه للجرائم التى ارتكبت من أشخاص ادعي انهم اندسوا فى الجماعة.. ووسط البكاء كما تقول د.هدى شامل أباظة كانوا يخططون لاغتياله وبعد الحادث أصدروا بياناً يتبرأون من القتلة وقالوا: «ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين».. وأشارت فى حديثها أنهم قتلوا جدها انتقاماً من قرار «الحل» وان جريمة الاغتيال كانت بأوامر من الاحتلال.
ويقول محمد حسنين هيكل فى أحد حواراته إنه بالإطلاع على وثائق كثيرة تبين أن النقراشى باشا لعب دوراً وطنياً كبيراً لم يعرف به أحد.
وقد وصفته التايمز بأنه الجناح اليسارى المتطرف فى حزب الوفد.
الزواج السياسى
تزوج النقراشى عام 1934 وهو فى سن السادسة والأربعين وله ثلاث أشقاء من أسرة متوسطة بالاسكندرية وهم محمد وحسن وفاطمة.. وجاءت ظروف زواجه متأخراً كما تقول ابنته صفية فى حوار مع جريدة «الأسبوع» المصرية أنه لم يفكر فى الزواج وانشغل بالسياسة.. فتأخر فى الإقبال على الزواج وأن صفية هانم زغلول «أم المصريين» هى السبب فى زواجه عام 1934 من ابنة عمها وكان قد سبق لها الزواج وتوفى زوجها الأول وأنجب النقراشى باشا ابنته صفية وابنه هانى الذي أصبح الآن أحد أهم علماء مصر في الخارج متخصصا في مجال الطاقة الشمسية وكان النقراشى يخصص أجندة خاصة فى المنزل يتابع من خلالها كمدرس سابق حالة أولاده التعليمية. كما تشير ابنته وابنه أنه كان حريصاً على متابعتهم والاطمئنان عليهم.. وكان يعرف عنا كل شيء عن التعليم بحكم خبرته وبالتأكيد مصاهرته لـ «صفية هانم زغلول» كان وراء ترقيته إلى مرتبة سياسية.. ومن خلال هذه المصاهرة تم اختياره وزيراً عدة مرات قبل رئاسة الوزارة.
النشأة والمولد
> ولد محمد باشا فهمى النقراشى فى 26 ابريل 1888 فى مدينة الاسكندرية.. ومع البداية تلقى علومه فى مدرسة «فالو» الفرنسية ومنها اتقن تماما اللغة الفرنسية قبل أن ينتقل إلى مدرسة جمعية العروة الوثقى بمنطقة الجمرك القديمة ومنها حصل على الابتدائية عام 1903.. والتحق بأشهر مدارس الاسكندرية مدرسة رأس التين والتى حصل منها على الثانوية العامة عام 1906م وتزامن حصوله عليها مع حادث دنشواى وحصوله على الثانوية العامة.. ووسط الدراسة بدأ سعد باشا زغلول تجربة البعثات الدراسية وفى عام 1907 أوفده قبل أن يستكمل الدراسة إلى جامعة نوتنهام بانجلترا.. والتى حصل فيها على الدبلوم العلمى وعاد إلى مصر وتم تعيينه مدرسا للرياضيات فى نفس مدرسة رأس التين ومنها تولى تدريس نفس المادة فى محرم بك.
وفى عام 1911 نقل إلى مدرسة العباسية الثانوية وعاد عام 1912 إلى مدرسة رأس التين الذى ارتقى فيها وعين ناظراً لها.. قبل أن يعود إلى القاهرة عام 1914 ويعين ناظرا للمدرسة الأولية الراقية فى الجمالية.. وفى عام 1917 وانتقل إلى مدرسة السويس الأميرية عام 1919، وبعدها وفى رحلة التنقل داخل الوطن عين مديرا للتعليم فى محافظة أسيوط مع بوادر ثورة 1919.
وانتقل من أسيوط إلى وظيفة بعيدة عن حقل التدريس إلى وكيل قسم الإحصاء والإدارة بوزارة الزراعة ومنها ارتقى ليتولى مدير التعليم الزراعى بالأقاليم المصرية عام 1923 قبل انتدابه مساعدا للسكرتير العام بوزارة المعارف عام 1924.
وأثناء تظاهرات الطلبة ضد صحيفة الكشكول وأحرقوا مبناها وكان وقتها مؤيدا لمواقف الطلاب وما كان من السلطات البريطانية إلا أن أحالته للتقاعد.
وحدث ما لم يحمد عقباه فقد قتل السير ستاك السوار البريطانى وتحركت بريطانيا على السريع للقبض على المشتبه فيهم فى الحادث وتم القبض على النقراشى مع أحمد ماهر لنحو العامين.
وما إن خرج من السجن ترشح ضمن قائمة حزب الوفد فى دائرة الجمرك بالاسكندرية وانتخب فى مجلس النواب عام 1926 عين أميناً عاماً لصندوق الوفد 1929 لكنه وسط انشقاقات حزبية فى الوفد انسحب من الحزب.. فى هذه الرحلة تبرز أوراق تناولت علاقته بالوفد تشير إلى أن عيون البوليس السياسى الذى كان همهما القبض على المشاركين فى الكفاح السرى ضد الاحتلال وبالفعل كان له نشاط كبير فى تحريض زملائه الموظفين أثناء ثورة 1919.
تقول صفية إن والدها كان أباً مثالياً ورغم اهتمامه بأعماله وأشغاله إلا أنه كان حريصاً على اللقاء بأولاده صفية وهانى وكان يذهب بهم إلى القناطر الخيرية فى مكان قريب من الاستراحة التى كان يقيم بها الرئيس الراحل السادات وكانت صفية تدرس فى المدرسة الأمريكية برمسيس أما شقيقها هانى فكان يدرس فى مدرسة تغير اسمها إلى مدرسة النقراشي.
خلافه مع النحاس باشا
وكانت كهرباء خزان أسوان من أسباب خلافه مع النحاس، ومع اغتيال أحمد باشا ماهر وصلت قيادة الهيئة السعدية إلى النقراشى وخلف ماهر كزعيم للحزب السعدى وشكل أول وزارة ثم الفترة الثانية 9 ديسمبر 46 وحتى 28 ديسمبر 1948 وهى الفترة التى ترأس فيها وفد مصر فى مجلس الأمن وهاجم بريطانيا من منبر الأمم المتحدة وكان هذا الهجوم له أثر كبير على مسيرته البرلمانية والسياسية.
بعدها كانت الهجرة إلى فلسطين عبر الوكالة اليهودية يتم تنظيمها بمساعدة الانجليز وأرتفعت وتيرة المقاومة الشعبية فى ظل اضطرابات شديدة على أثرها اتخذ قراره بحل جماعة الإخوان والتى انتهت باغتياله فى 28 ديسمبر 1948.
الاغتيال والإنصاف
لا يشك أحد أنه له تاريخ سياسى طويل كواحد تربى وشارك فى ثورة 19.
والسؤال هل كان النقراشى باشا ظالما أم مظلوماً وما لغز اغتياله؟
تقول ابنته صفية التى ارتبطت فى زواجها بالعائلة الاباظية ـ بزواجها من البرلمانى السابق شامل أباظة وهو ابن السياسى البارز الدسوقى أباظة فى حديث نشرته مجلة الإذاعة والتليفزيون فى 25سبتمبر2009.
تشير صفية ابنته إلى أنه كان يتقبل النقد وعندما ظهر فى إحدى الصحف بشكل كاريكاتير على هيئة أبوالهول وله قفل فى مخه.. لم يتأثر لأنه كان فعلاً قليل الكلام.
وحول الكتب التى صدرت عنه مؤيدة ومشوهة لدوره تقول ابنته فى أحاديثها ومنها حديث «مجلة الإذاعة» إن هناك تجنيًا كبيرًا على والدها فى حادث اغتيال الطلاب على كوبرى عباس.
وتقول: كنت أذاكر مع ابنتى ووجدت المعلومات التى تناولته – أى النقراشى – مغلوطة وكتبت لوزير التعليم د.حسين كامل بهاء الدين حول هذا الأمر.
وتقول حفيدة النقراشى التقيت بالمؤرخ يونان لبيب رزق واستوضحت منه الحقيقة وملابسات الحادث وما أحاط به فى كوبرى عباس فذكر لى أن حادثة كوبرى عباس صحيحة وجدى ليس مسئولاً عنها.
أما شامل أباظة فيوضح أن المؤرخ عبدالرحمن الرافعى تناول الحادث واعتبره وسيلة دعاية ضد وزارة النقراشى وهو الحادث الذى اجبر النقراشى على تقديم استقالته للملك فى 15 فبراير 46 وتكليف إسماعيل صدقى بتشكيل وزارته الجديدة.
حل الجماعة
تقول ابنته فى أحاديثها إنها ليلة لا تنسى بالنسبة للعائلة ومن واقع أحاديث الأسرة الأقرب إلى النقراشى رئيس الوزراء فى الوقت الذى كانت تستعد لاحتفالات رأس السنة الميلادية عام 1948 ويصفون الحادث بالفاجعة الفظيعة وصدمة لهم كأسرة فى صباح الثلاثاء 28 ديسمبر 1948.
.. فقد انطلقت 4 رصاصات غادرة صباحاً بينما يصعد درجات سلالم وزارة الداخلية.
وأشارت الصحف أن القاتل طالب بكلية الطب البيطرى عبدالمجيد أحمد حسن وينتمى للجماعة الإرهابية التى قرر حلها.. ويقول المؤرخ عبدالرحمن الرافعى إن الطالب المتهم كان مطلوباً للاعتقال مشتبها به والنقراشى رفض اعتقاله!! وكشفت التقارير بعد ذلك ان الطالب والده كان يعمل بوزارة الداخلية.. وعندما توفى قرر النقراشى تعليم ابنه بالمجان؟!
توابع الحادث
وبعد حادث الاغتيال نقل جثمانه إلى منزله وحضر الملك فاروق واحضروا أسرته بينهم صفية وهانى لتقبل العزاء من الملك.. وخرجت جنازته من مسجد الكيخيا بالأوبرا ودفن بجوار صديقه أحمد ماهر بالقرب من دار الشفاء بالعباسية.
وتعرضت الأسرة بعد الاغتيال لحالة من الخوف والتهديد من الجماعة مرة بالقتل وأخرى بالاختطاف واضطروا أن يخرجوهم من الدراسة «الأبناء» والدراسة فى 9 شارع رمسيس.
وتشير تقارير حول الاغتيال من جماعة الاخوان واختلفوا قصصا وهمية لتبرئة ساحتهم.
ويقول هانى النقراشى خبير الطاقة الشمسية والذى ورث عن والده كرهه للاخوان وكان وقت الاغتيال عمره 13 عاماً كيف علم بوفاة والده مشيرا إلي ان ناظر المدرسة استدعاه وابلغه ان سيارة ستوصله المنزل لان والده مريض وفى المنزل عرف كل شيء من والدته التى هى ابنة عم صفية زغلول والذى سمى النقراشى ابنته على اسمها.
اللافت انه بعد حل الجماعة الإرهابية بأسبوعين كما تشير أحاديث الأسرة تنبأ النقراشى باغتياله وكان واضحاً أن هناك شيئاً ما سيحدث لكنه لم يحدث اسرته فى شيء.
من مدرس إلى رئيس وزراء
النقراشى مهما قيل عنه الا انه له دور فى الحياة السياسية فى مصر خاصة مع ثورة 1919 ومشاركته السعديين فى حزبهم لصلة القرابة بين زوجته وصفية زغلول صحيح لم يولد وفى فمه ملعقة ذهب بدليل انه بدأ حياته مدرسًا وابتعت الى انجلترا وتزعم كما يقول الكاتب جمال بدوى فى المصور عام 2004.. ودخوله السياسة فى تظاهرات احتجاجاً على تصريحات لوزير خارجية بريطانيا كيرزون فى مارس 1919.والنقراشى تولى منصبه الوزارى وزيراً فى سبع وزارات المرة الأولى لمدة 6 أشهر مع النحاس باشا وأيضاً الثانية والثالثة والرابعة مع محمد محمود باشا والخامسة مع على ماهر من أغسطس 39 حتى 27 يونيو 1940 والسادسة وزارة حسن صبرى وفيها تقلد وزارة الخارجية وبعد اغتيال أحمد ماهر كلف بتشكيل الوزارة فى 45 وفى فبراير وحتى الشهر نفسه 1946 كلف برئاستها وكان وزير الخارجية فيها عبدالحميد باشا بدوى اول عربى يتولى منصب قانونى فى محكمة العدل الدولية.. واستمر فى مناصبه حتى اغتياله.
الوفاة
وبالوفاة أقيمت الجنازة ودفن بجوار صديقه ماهر باشا بالقرب من دار الشفا بالعباسية وكان قد انفصل عن الوفد وركز فى عمله السياسى مع السعديين وشكل الوزارة مرتين رئيساً لها وكان قبل اغتياله قد قامت إسرائيل فى مايو 1948 وتدفقت الجيوش العربية والمتطوعين إلى فلسطين وخلال فترته رئيساً للوزارة وقعت سلسلة انفجارات أدت إلى تفجير وتدمير عدد من المحال التجارية وتم كشف مخزن للأسلحة بالإسماعيلية فى عزبة الشيخ محمد فرغلي.. وكانت جريمة الاخوان ضده لقراره بحل الجماعة ، وجاء فى بيان الحل أن انحرف القائمون على امرها عن اغراضهم الحقيقية وهى اعراض سياسية ترمى إلى وصولهم للحكم وقلب النظم المقررة فى البلاد بالقوة والارهاب.
وأكد البيان الذى أصدره النقراشى بحلها وكان الثمن اغتياله انغمست الجماعة وامضت فى شرورها بحيث اصبح وجودها يهدد الأمن العام والنظام تهديداً بالغ الخطر.. وبات من الضرورى اتخاذ التدابير الحاسمة لوقف نشاط هذه الجماعة التى تروع أمن البلاد.. فى وقت أحوج ما تكون فيه إلى هدوء كامل وأمن شامل ضمان لسلامة أهلها فى الداخل وجيشها فى الخارج.. ويعد هذا البيان حدث ما حدث وردت الجماعة على بيان النقراشى بالرصاص فى عادة اخوانية لا تتغير .. وبوفاة النقراشى طويت صحفة مهمة من تاريخ مصر له ما له وعليه ما عليه لكن يظل اغتياله جريمة دامغة ضد الاخوان.. وأبناؤه صفية وهانى يرددون ذلك فى كل أحاديثهم بعد 77 عاماً على وفاته وقرن ونصف على مولده.. صحيح لقى الرجل مصرعه على يد ارهابى متطرف داخل وزارة الداخلية هذا الارهابى الكبير من ضحايا حملات التضليل الارهابية التى كان يمارسها حسن البنا المر شد الفعال وقتها ولايزالون على نفس المدرسة حتى اليوم.
.. والنقراشى يحتاج لكشف الحقيقة حول سيرة الرجل الذى راح ضحية الاخوان بين المؤيدون والخصوم والسر دفن داخل مقبرته بجوار صديقه أحمد ماهر باشا فى العباسية وهو الرجل الذى وقف على منصة الأمم المتحدة وبالقرب منه د.عبدالحميد بدوى عبقرى القانون المصرى وقال كلمته موجها الى بريطانيا ايها القراصنة اخرجوا من بلادنا.. ويومها رد خصومه يدين النقراشى رئيس الوزراء لا يمثل مصر فى تصفيات حزبية.