بذلت الدولة المصرية جهوداً دءوبة من أجل التكيف مع تداعيات الأزمات العالمية المتتالية، وتطويع خططها التنموية من أجل تدعيم عوامل جذب الاستثمارات، فضلاً عن سعيها لتحسين القدرة التنافسية للاقتصاد، وزيادة مرونته، ورفع قدرته على امتصاص الصدمات الخارجية والداخلية، وذلك من خلال اعتماد العديد من الإصلاحات واتخاذ التدابير اللازمة لدعم بيئة الاستثمار، ومن بينها الإصلاحات التشريعية والمؤسسية، وتطوير السياسات المالية والنقدية لتحقيق معدلات نمو متوازنة ومستدامة، وتحقيق التعافى فى العديد من القطاعات، بجانب تعزيز دور القطاع الخاص كإحدى الركائز الرئيسية لبرنامج الإصلاحات الهيكلية، وهو ما يسهم بدوره فى التحول إلى اقتصاد إنتاجي، ويجعله وجهة جاذبة للاستثمار، ويعزز وضع مصر كوجهة استثمارية بين دول العالم. ورغم أن الدول والحكومات بدأت عقب جائحة كورونا فى اتخاذ بعض الإجراءات للتدخل فى عدد من الأنشطة الاستثمارية لاستعادة إمداد بعض السلع وإنقاذ الوظائف والشركات والتى عانت من التأثير السلبي، إلا أن مصر سعت إلى تعزيز دور المؤسسات التنافسية لمراجعة عمليات التنفيذ لضمان الحياد التنافسي. لذلك أشار الكثير من الهيئات الدولية وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، إلى أن التجربة المصرية والخطوات التى نفذتها الدولة لتطبيق الحياد التنافسى وكذلك إستراتيجية جهاز حماية المنافسة المصرى تعد مرجعية ليس فقط على المستوى الإقليمى بل أيضاً الدولي، وهو الأمر الذى أدى إلى أن مصر أصبحت الوجهة الاستثمارية الأولى فى أفريقيا خلال 2023، للعام الثانى على التوالي، على الرغم من التداعيات الاقتصادية العالمية، حيث بلغت نسبة الاستثمار الأجنبى المباشر فى مصر 18.6 ٪ من إجمالى الاستثمارات فى أفريقيا والبالغة 52.6 مليار دولار ولاشك أن بروز مصر كوجهة استثمارية فى أفريقيا كان بسبب دخول العديد من الشركات متعددة الجنسيات فى قطاعات السيارات، والأدوية والإلكترونيات، علاوة على إدخال مصر نظام الشباك الواحد على المشاريع الاستثمارية، والذى يعد من أبرز التدابير التسهيلية فى عام 2023، وقبل ذلك تشكيل المجلس الأعلى للاستثمار، برئاسة رئيس الجمهورية عام 2023، بهدف تعزيز التنسيق وفعالية أنشطة الترويج للاستثمار، وتقديم مصر حوافز مالية أخرى تركز بشكل خاص على الترويج للهيدروجين الأخضر. لذا يمكننا القول إن إستراتيجية مصر 2030 ورؤيتها الاقتصادية بمثابة إعادة تذكير المجتمع الدولى بالنوايا الحقيقية للدولة المصرية فى دعم الاقتصاد الحر، والسوق المفتوح وإتاحة التنافسية وسياسة ومكافحة الفساد. كما تسعى مصر الآن فى ظل حكومة يعقد عليها الكثير من الآمال والطموحات إلى خلق اقتصاد تنافسى ومتوازن ومتنوع، يدعم الابتكار والمعرفة والعدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية والبيئة، مع التطلع إلى تحديد عدد من أهداف الاقتصاد الكلى فى الإستراتيجية، بما فى ذلك رفع معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى السنوى للدولة إلى 12٪، ونصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى إلى 10000 دولار أمريكي، وخفض البطالة إلى 5٪، ومعدل التضخم إلى ما بين 3٪ و5٪، وخفض الدين العام كحصة من الناتج المحلى الإجمالى إلى 75٪، وبينما توفر هذه الأرقام أهدافاً مفيدة للدولة المصرية، فإن المنفعة الرئيسية لرؤية 2030 من منظور الاستثمار هى كدليل لقطاعات النمو المحتملة.