يظهر فى بعض أماكن العمل.. غيرة الموظف من زملائه لنجاحهم.. هى الغيرة المهنية.. وهذه تختلف عن التنافس المشروع بين أبناء المهنة الواحدة..
وللغيرة.. نمطان:
> الأول: الغيرة الاكتئابية حيث يعانى الشخص من الاكتئاب ويعزف عن العمل.. وتجويد أدائه وهذا نجده بكثرة فى الصحف.
> أما الثاني: فهو الغيرة العدوانية حيث يهاجم الشخص زملاءه الناجحين.. ويحاول اصطياد أخطائهم بكل الطرق بما فيها غير الأخلاقية كالنميمة والوشاية والمكائد.
> وهذا كان آخر حديث لى مع المهندس عبدالصادق الشوربجى رئيس الهيئة الوطنية للصحافة الذى أكد لى.. أنه بحكم خبرته فى التعامل مع الصحفيين.. أحيانًا أو كثيرًا ما يحاول إصلاح ما بين اثنين وصلا لحد أنهم لا يتحدثان مع الزملاء الآخرين.
ويضع علماء النفس «روشتة» للتخلص من الغيرة المهنية.. وهى تشتمل على الابتعاد عن المقارنة بالآخرين.. القناعة والتركيز على نقاط القوة الشخصية.. تحديد الأهداف لقد زادت وتيرة الغيرة المهنية فى عصرنا الحالي.. بينما لم تكن شائعة بشكل كبير فى الزمن الجميل.
وأتذكر الآن ما قاله الراحل العظيم أنور السادات عندما كان يؤسس لصحيفة الجمهورية وتعرض الأسماء وكان يجد أن كل اسم عرض كان يجد من المعارضين بشدة له والغيرة منه ولماذا هو بالذات.
أقصد بالزمن الجميل الذى لم أعشه ولكن سمعت عنه من كبار الصحفيين أمثال محسن محمد.. عندما كتب فى مقاله اليومى «انظر إلى قطبى الشعر العربى أمير الشعراء أحمد شوقى وشاعر النيل حافظ إبراهيم ولأنهما كانا ناجحين فلم يعرفا الغيرة المهنية قط فها هو أحمد شوقى فى منفاه بإسبانيا عقابًا له من الإنجليز لعلاقته الوطيدة بالخديو عباس حلمي.. يكتب لحافظ إبراهيم يا ساكنى مصر أن لا نزال على عهد الوفاء وأن غبنا مقيمينا هلا بعثتم لنا من ماء نهركم شيئًا نبل به أحشاء صادينا.. كل المناهل بعد النيل آسنة.. ما أبعد النيل إلا عن أمانينا.
فيرد عليه حافظ إبراهيم.. عجبت للنيل يدرى أن بلبله صادٍ ويسقى رُبى مصر ويسقينا.. والله ما طاب للأصحاب مورده ولا ارتضوا بعدكم من عيشهم لينا.. لم تنأ عنه وان فارقت شاطئه وقد نأينا، وان كنا مقيمنا.
تأمل صدق المشاعر فى رد حافظ على شوقي.. لنتأكد من الود بينهما.. ما أروع النجاح الذى لا يعرف الغيرة المهنية طريقًا.
وهناك قصة حقيقية نشرت منذ زمن بعيد بصحيفة أمريكية، قرأتها عندما كنت فى أمريكا أنا وابنتى لنكمل رسالة الماجستير والدكتوراه هناك.
تقول القصة إن مزارعًا أمريكيًا تفوق فى زراعة الذرة، وكان يحصد جائزة التفوق كل عام كأفضل مزارع.. وكان يقوم بتوزيع تقاويه على مزارعى الذرة من حوله.. ولما سأله الصحفى باندهاش كيف تعطى لمن ينافسك أدوات نجاحك وتفوقك عليه؟.
كانت إجابته ان الرياح تنقل حبوب اللقاح من الذرة الناضجة من حقل لآخر.. فإذا زرع جيرانى ذرة رديئة فإن التلقيح المتبادل سوف يؤدى إلى تدهور جودة محصولي.. يا لها من حكمة.
وأنا شخصيًا أتذكر منذ سنوات ما قامت به الزميلة الراحلة سمية أحمد فقد وصلت لها دعوة لمؤتمر للمرأة فى تونس فقالت لى إن الدعوة لك لأنه مؤتمر خاص بالمرأة.. هكذا كنا ولكنا أصبحنا فى أجواء أخرى الآن.
أعود مرة أخرى وأقول إننى أتعشم خيرًا فى السنوات القادمة وأن نعيش أصدقاء وزملاء فى المهنة لا تتدخل فيها الغيرة أو الكراهية أو الأنانية.