الأوليات دائمًا فى مجالهن يحجزن مكانهن فى وجدان الشعوب وذاكرة التاريخ.. وعظيمتنا اليوم أستاذة جامعية احتلت موقع الريادة بكونها أول سيدة مصرية يتم اختيارها عضوًا بمجمع اللغة العربية بالقاهرة، كما أنها صاحبة أول أطروحة استخدمت الحاسوب فى دراسة اللغة العربية عام 1974.
هى الدكتورة وفاء كامل ـ ابنة مدينة ههيا بالشرقية ـ أستاذ اللسانيات بكلية الآداب، جامعة القاهرة، التى تم اختيارها لعضوية العديد من الهيئات العلمية والثقافية منها عضوية كل من المجلس القومى للثقافة والفنون والآداب، ولجنة الثقافة بالمجلس القومى للمرأة، واللجنة العلمية لمركز تحقيق التراث بالقاهرة، وكذلك عضوية المجالس القومية المتخصصة.. وهى أيضًا الحاصلة على جائزتى جامعة القاهرة التشجيعية والتقديرية للعلوم الإنسانية والاجتماعية عاميّ 2004 و2013، وجائزة الأستاذة المثالية بجامعة القاهرة عام 2004، والحائزة على جائزة جامعة القاهرة للتميز العلمى لعام 2016، ودرع الجمعية المصرية لهندسة اللغة عام 2014، ودرع وزارة الثقافة فى احتفالية تكريم المرأة المصرية 2018.
حول أسباب اهتمامها بمجال تخصصها ونجاحاتها المتتالية وتميزها الكبير فيه تؤكد د. وفاء أن حب العلم والإخلاص له هو أساس التميز فيه، حيث بدأ عشقها للغة العربية منذ الصغر فكان والدها حاصلا على العالمية الأزهرية التى تعادل الدكتوراه، كما كان محبا للغة العربية ومتفانيًا فى خدمتها؛ فأحبت معه اللغة العربية وكانت تحاول قراءة كل ما تصل إليه يداها من كتب، ثم التحقت بالقسم العلمى فى الثانوية العامة وتفوقت والتحقت بكلية الطب التى أمضت فيها عامًا واحدًا، ثم أحست أن دراسة الطب لا تناسبها فتركتها وسافرت مع الأسرة لألمانيا، ثم عادت لتلتحق بقسم اللغة العربية بكلية الآداب التى أحبت الدراسة بها وتفوقت فيها.
وحول الانتقال من مرحلة التعليم إلى مرحلة التعلم وعشقها لتدريس اللغة العربية تقول د.وفاء: إن حب المجال وحبى لطلابى كان سببا فى حبهم لى أيضًا، وهو ماكان بدوره دافعًا وحافزًا للاستمرار والعطاء، لكنى لم أترك التعلم يومًا، ففى بدايات إعدادى لرسالة الماجستير اقترح علينا الدكتور محمود حجازى رحمه الله ـ أن نختار كُتابًا أو أدباء ونسجل رسائل فيهم، وندرس معاجمهم كلمة بكلمة، فاخترت بالفعل هذا الموضوع وكنت أول المشتغلين به، وتبعنى ثمانية زملاء، ولم يكن الطريق ممهدًا حيث لم يسبقنى إليه أحد ولكنى شققته وحدى ومن بعدى زملائي، ثم وجهنى أستاذى الدكتور حسين نصار إلى التفكير فى اتجاه آخر لدراسة الدكتوراه حتى تكون لى أبحاثى فى مناحى مختلفة؛ فكانت رسالتى للدكتوراه عن «جهود المجامع اللغوية فى العالم العربى فى قضايا اللغة» وكنت أيضا من أوائل من خاضوا الدراسة البحثية فى ذلك التخصص وهو ما أسهم بعد ذلك فى اختيارى لعضوية مجمع الخالدين.
وتبدى د. وفاء انزعاجها مما تتعرض له لغتنا الجميلة من استباحة فى وسائل التواصل الاجتماعى وغيرها، وتدعو للتصدى بكل قوة لمن يحاولون العبث بلغتنا.. لغة القرآن، فقضية اللغة العربية – بحسب د. وفاء – قضية وجود وبغير الاهتمام باللغة العربية لن يكون لمصطلح الحضارة العربية وجود.
وترى أستاذ اللغويات بجامعة القاهرة أن اختيارها لعضوية مجمع اللغة العربية كأول امرأة مصرية تخوض هذا الميدان يعد إنتصارًا أدبيًا وثقافيًا للمرأة المصرية، وفتحًا لباب الدخول إلى ذلك المجال الذى كان مغلقًا أمام المرأة فيما مضي.