30 نوعاً.. تنتجه أرضنا الطيبة.. والمواد الخام التحدى الأول
مفاجأة: إنتاجنا غزير من الزراعات العطرية.. «من أجل التصدير»
النباتات الطبية والعطرية تستخدم منذ قديم الأزل فى تركيب الكثير من العقاقير الطبية، وأكد العلم الحديث على استخدام مستخرجات هذه النباتات كمادة فعالة للأدوية.. وبالرغم من أن النباتات الطبية والعطرية واحدة من أهم المحاصيل التصديرية بالنسبة لمصر التى تعد من أهم دول العالم فى تصدير النباتات الطبية والعطرية ويصل حجم الصادرات من تلك المحاصيل إلى حوالى 95٪ من الزيوت والعجائن وحوالى 85٪ من الأعشاب الجافة سنوياً.. إلا ان المستخدم للصناعة المحلية لا يتعدى 5٪ من الإنتاج حيث تصدر هذه النباتات لكثير من البلاد مثل «ايطاليا – أسبانيا – أمريكا – استراليا – المملكة المتحدة – ألمانيا – فرنسا» وتستخدم فى العديد من الصناعات منها إنتاج المركبات الدوائية لعلاج الأمراض المختلفة.
الدكتور أيمن حمودة أستاذ النباتات الطبية والعطرية ومدير معهد بحوث البساتين بمركز البحوث الزراعية.. يؤكد ان تاريخ مصر طويل وعظيم فى إنتاج وتصدير النباتات الطبية والعطرية لما تتمتع به من ظروف بيئية ومناخية تساعدها على إنتاج نوعية تفوق مثيلتها الأجنبية.. وتهدف استراتيجية التنمية الزراعية2030 إلى تحقيق أقصى إنتاجية من النباتات الطبية والعطرية لوحدة المساحة مع تحقيق أعلى جودة. كما تهدف إستراتيجية الدولة إلى زيادة المساحة المنزرعة من النباتات الطبية والعطرية إلى حوالى 250 ألف فدان وكذلك تعميم الزراعات العضوية للنباتات الطبية والعطرية خاصة فى الاراضى الجديدة.
موضحاً أن فى مصر يزرع أكثر من 30 نباتاً طبياً بصورة اقتصادية وهى كسبرة – ينسون – شمر – كراوية – كمون – بقدونس – شبت – حبة البركة – بابونج – إقحوان – مليسا – زعتر – ريحان – نعناع – بردقوش – أورجانو – عتر – حشيشة ليمون – سترونيلا – ياسمين – نارنج – أخناسيا – كركديه – جوجوبا – حناء – مورينجا – جرجير – بنفسج – قرنفل – حلبة – مريمية – عرق سوس – ورد بلدي– شطة – مغات.
وتعتبر محاصيل الحبوب العطرية مثل الكزبرة – الكمون – الشمر – الينسون – الكراوية – الشبت – بقدونس – حبة البركة – الكرفس من أهم هذه المحاصيل من حيث المساحة 70727 فدان حيث تقترب مساحتها السنوية إلى نصف المساحة الإجمالية للنباتات الطبية والعطرية المنزرعة (بنسبة 47 ٪) ويليها محصول البابونج بمساحة 18210 أفدنة (بنسبة 12.1 ٪) ثم الكركدية بمساحة 16209 أفدنة (بنسبة 10.8 ٪).
وحول المعوقات والتحديات التى تواجه النباتات الطبية والعطرية وكيفية مواجهتها يقول مدير معهد بحوث البساتين انه على الرغم من توفر الإمكانيات الهائلة لتتبوء مصر مكان الصدارة بين أهم الدول المنتجة والمصدرة لتلك النوعية من المحاصيل ومنتجاتها إلا أن زراعتها وإنتاجها وتصديرها يواجه عدة تحديات يمكن تصنيفها فى مجموعة فنية والإرشاد الزراعى التدريبى وتحديات تتعلق بالتسويق..الدكتور موافى الغضبان ـ أستاذ النباتات الطبية والعطرية بمعهد بحوث البساتين وبنك الجينات مركز البحوث الزراعية ـ يؤكد أن المنظومة تحتاج لرغبة حقيقية من قبل المستثمرين المحليين فى استخدام النباتات الطبية والعطرية فى صناعة الدواء المحلية، فمثلا إنتاج نبات «الخلة» غير مكلف ولكن غير مجد زراعته لتلبية السوق المحلى الدوائى ويتم استيراده من الخارج، فهناك فجوة فى التسويق المحلي، رغم أن مصر تحتل ترتيباً متقدماً فى تصدير النباتات الطبية والعطرية بعد البطاطس والقطن والأرز والموالح لكن الزراعة تتم من أجل التعاقدات التصديرية فقط، فمثلا نبات البابونج المصرى يحتوى على أجود وأرقى مادة فعالة لكن يتم تصديره لإنتاج أدوية بالخارج ونستورد الأقل جودة من سوريا وتركيا وغيرهما من الدول.
أما الدكتور محمود صبحى سلام ـ مدير تطوير زراعى وحاصل على دكتوراه زراعة النباتات الطبية والعطرية كلية الزراعة جامعة المنيا ـ فيوضح أنه يتم تصدير النباتات الطبية والعطرية أعشاب خام أو كزيوت ولا يتم تصنيعها لارتفاع التكاليف، كما أن المستثمر يفضل الأجنبى لأنه أرخص وليس الأجود فهو يريد الربح ، يشير ان مصر الموطن الأصلى لمعظم النباتات الطبية والعطرية ،لذا يتم زراعة الطلب التصديرى وليس العكس، فالمزارع الصغير يهمه التسويق وإذا توافر ذلك فلا نتردد فى الزراعة لصالح الصناعة المحلية، لكن للأسف الكثير من الأدوية تصنع بالخارج وتعبأ هنا.
ويرى سلام أن رغبة المستثمر هى المعيار الأساسى للزراعة من أجل التصنيع بمصر لسد احتياجات السوق المحلى لضمان التسويق ، ففى السابق قام عدد من المزارعين بزراعة عشب الجنسنج من أجل السوق المحلى وللأسف حقق خسائر ، والمزارع والشركات عجزوا عن تسويقه.
الدكتور غريب سيف الدين ـ استشارى نباتات طبية وعطرية وماجستير نباتات طبية وعطرية كلية الزراعة جامعة القاهرة ـ عرف النبات الطبى بأنه النبات الذى يستخدم مكون منه أو عدد من مكوناته فى تداوى الإنسان من مرض معين ويستخدم كعشب طازج أو مجفف أو مستخرج منه المادة الكيمائية المستخدمة لوجود مركبات لها تأثير فسيولوجى يفيد صحة الإنسان، مثل تحفيز المناعة لذا فهو مفيد فى علاج الأورام السرطانية والأمراض المزمنة مثل السكر والضغط، والصينيون دونوا أكثر من 5000 عشب للتداوى به وكذلك الإغريقيون والمصرى القديم بالإضافة للهنود وكل الحضارات القديمة استخدمت الأعشاب للتداوى سواء منتج مزروع أو نبات بري، والنبات الطبى أغنى مصدر لإنتاج الأدوية لوجود المواد الفعالة، وهو الحصن الحصين للدول وقت الكوارث، وكذلك وقت الانغلاق مثلما حدث فى كورونا فأخذت الدولة فى البحث عما يكفينا لإنتاج الدواء والكساء من تلك النباتات، فنحن نصدر 85٪ من إنتاجنا من النباتات الطبية والعطرية، فقد بلغت صادراتنا 200 مليون دولار عام 2022 ونتنافس عالمياً على المركز الرابع فى الإنتاج، والـ 15٪ موجودة محلياً، علما بأن 91٪ من زراعات النباتات الطبية والعطرية تتركز بمحافظات الوجه القبلى و19 فى الوجه البحرى ونصدر لأسواق الولايات المتحدة الأمريكية، ألمانيا، سويسرا، الاتحادالأوروبي، دول شرق آسيا، الأردن، السعودية، صربيا وكرواتيا.
ويرى المهندس محمود عبد الغنى مهندس واستشارى زراعة النخيل والنباتات الطبية والعطرية ـ أن الاستثمار فى مصر يتجه للزراعة فى شتى المحاصيل والنباتات الطبية والعطرية تشغل 20٪ من حيز هذه المحاصيل لعدة أسباب أهمها خوف المستثمر من مخاطر التسويق محلياً، فهو أكبر معوق لزراعتها من أجل الإنتاج المحلى لذا يتجه للزراعة التصديرية، مطالباً بدعم الدولة والمستثمر لزراعة النباتات الطبية والعطرية من أجل الاستفادة وتسويق المنتج محلياً مثل زراعة القمح والبطاطس، لكن للأسف لا يوجد توجه من الدولة لزراعة هذه النباتات وتعظيم الاستفادة منها، فالمطلوب محلياً قليل جداً رغم أنه ذو جودة عالية أفضل من المستورد وهنا تدخل الدولة سيحدث فارقاً لصالح التصنيع المحلى وتطوير صناعة الدواء. مع توفير محفزات للاستثمار مع وضع شرط بالتصنيع محلياً بجانب التصدير.