الشعور العام هنا فى واشنطن هو القلق والترقب الحذر ولا أحد يستطيع أن يصرح بمسببات هذا القلق وهذا الحذر، لكن ببساطة تستطيع أن تعرف أن عودة ترامب إلى البيت الأبيض مجدداً هى السبب الرئيسى فى هذه المشاعر، هذا القلق يرتبط بحزمة توقعات لما بعد وصول الجمهوريين مجدداً إلى الحكم، فالجميع هنا يعلمون أن ترامب سيعود لينتقم من الكثيرين داخلياً وخارجياً، وهنا أركز على علاقة ترامب بحلف الناتو وموقفه من المساهمات المالية لدول الحلف والتى كانت 2٪ من الناتج الإجمالى لكل دولة وكثيراً ما تابعنا سجالات وخلافات بين ترامب والمستشارة الألمانية حول هذه النقطة، واليوم يجتمع قادة دول حلف الناتو فى واشنطن للاحتفال بمرور 75 عاماً على انشائه، حيث أعلن الرئيس الأمريكى هارى ترومان فى الرابع من أبريل عام 1948 إنشاء منظمة حلف شمال الاطلنطى وهى الدول الواقعة شمال مدار السرطان، حيث كانت الأجواء العالمية ملبدة بالأزمات والصراعات بسبب حصار برلين وانقلابات تشيكوسلوفاكيا وصعود الشيوعيين فى إيطاليا، فزعت الدول الاوروبية الكبرى لهذه الأحداث واجتمعت كل من هولندا وفرنسا وإنجلترا ولوكسمبورج وبلجيكا ووقعوا معاهدة بروكسل بعدها دعا جورج سى مارشال وزير الخارجية الأمريكى إلى إنشاء حلف شمال الاطلنطى والذى ضم كلا من الدول الاوروبية الخمس وأمريكا وكندا والبرتغال وإيطاليا والنرويج والدانمارك وايسلندا ثم انضمت كل من اليونان وتركيا وقال أول أمين عام للناتو: «هدفنا إبقاء الروس خارجا والأمريكان داخلا وإسقاط الألمان»، وبعد مناوشات سيادية بين فرنسا التى شعرت بأن هناك تحالفا خفيا بين أمريكا وبريطانيا على حساب فرنسا مما جعل الزعيم الفرنسى شارل ديجول يقرر الانسحاب الكامل من الحلف فى عام 1966 واستمرت هذه الحالة لمدة 30 سنة كاملة قبل ان تعود فرنسا إلى الحلف فى 2009، هذه نبذة سريعة عن هذا الحلف لكن الوضع الآن لا يختلف كثيرا عن السابق، اليوم يجتمع الزعماء ليسابقوا الزمن قبل مجيء ترامب الذى ربما دق المسمار الأخير فى نعش الحلف أو حتى ربما دفنه دون غسل كما يقولون، لذلك اخبرنى احد المسئولين الكبار هنا بأن اجتماعات واشنطن لابد وأن تخرج بمسودة جديدة وخارطة طريق جديدة لاستيعاب صدمات ترامب بعد صعود اليمين الأوروبى وأول هذه القرارات هو زيادة مساهمات الدول الأوروبية المالية إلى 3٪ من الناتج الإجمالى لكل دولة ونكمل غدا.