المواطن هو العمود الفقرى للوطن.. والمواطنة هى علاقة الفرد بالوطن الذى ينتسب إليه ويكون له فيه حقوق دستورية وواجبات منصوص عليها بهدف تحقيق المصلحة العامة للمجتمع.
ويؤدى تطبيق المفاهيم المعتدلة للمواطن والوطن إلى تنمية مجموعة من القيم والمبادئ والممارسات التى تؤثر فى تكوين شخصية الفرد وتنعكس بالضرر فى سلوكه تجاه أقرانه ووطنه.
والمواطنة الحقيقية تعنى حق الانسان فى الحياة الآمنة الكريمة وفى العدالة والمساواة فى الحقوق الاجتماعية لكل فرد وكذا حقه فى التعبير عن رأيه وانتخاب من يمثله، وهى تمثل إطارا يستوعب المجتمع فيحافظ على حقوق الأقلية والأكثرية دون تجاهل للتركيبة الثقافية والاجتماعية والسياسية أو تغييراً مصطنعاً فى مكوناتها أو تزييفاً لواقعها ومن حقوق المواطن الأساسية المساواة وتكافؤ الفرص والمشاركة فى الحياة العامة بكافة مجالاته، ولا يتحقق ذلك بموجب القوانين فقط ولكن لابد أن ترتكز الممارسات الواقعية على المساواة الكاملة.
فحق المواطنة هو الرابط بين الدولة والمجتمع.. وحسناً نص الدستور المصرى على تفعيل مفهوم المواطنة وترسيخ وتعظيم لقيمة المواطن حينما نص على أن نظام الحكم فى مصر جمهورى ديمقراطى يقوم على أساس المواطنة وسيادة القانون وأن السيادة للشعب وحده يمارسها ويحميها وهو مصدر السلطات.. ولا شك أن الاهتمام بعضوية الفرد فى المجتمع كمواطن هو اهتمام بحقوقه باعتباره إنساناً وهو فى ذات الوقت اهتماماً بما يلتزم به من واجبات ويرتبط مفهوم المواطنة بعضوية الشخص فى المجتمع وتمتعه بالحقوق السياسية والمشاركة فى الاستحقاقات المختلفة التى تعتبر ركيزة أساسية فى بناء الدولة وعلى الجانب الآخر نجد أن المواطن بالمفهوم السابق الذى يبرز قيمته وحقوقه وواجباته فإن الدستور والقانون يكفل له من يمثله ويرعى مصالحه ويتحدث نيابة عنه أمام المجالس النيابية ويكون ذلك إما عن طريق الانتخاب أو التعيين ويكون النائب هو بمثابه الوكيل عن المواطن ويمارس دوره التشريعى والرقابى بما يحقق المصالح العليا للوطن والارتقاء بالحياة المجتمعية للمواطن.
وأياً كان النظام الانتخابى المطبق سواء كان النظام الفردى أو القائمة أو المختلط الذى يجمع بين الاثنين فإن أمر النيابة أو الوكالة عن الشعب لا يختلف إلا من وجهة نظر البعض الذى لا يؤمن بدور المواطن فى اختياره خاصة فى ظل اتساع دوائر القوائم بصورة غير منطقية وعلى الجانب الآخر نجد أن النائب الذى وصل لمقعده من خلال نظام الانتخاب الفردى فإن العلاقة المباشرة مع المواطنين ترسخ قيمة المواطن لديه وتأثيره فى عملية الاختيار.
والواقع أنه مهما تعددت الأنظمة فإن العلاقة بين النائب والمواطن يجب أن تكون قائمة على الوضوح والشفافية وأن يكون النائب أو من يرغب فى الترشح ليكون نائباً عن الشعب على دراية كاملة وكافية بمفهوم النائب والنيابة واختصاصها وصلاحيتها وأن يكون مؤهلاً تأهيلاً كافياً للقيام بدوره فى المجال التشريعى والرقابى حتى لا يظلم نفسه أولاً قبل أن يظلم ناخبيه لأن الأمر لم يصبح ديكوراً أو رفاهية مجتمعية بل هو مسئولية وطنية ومجتمعية وسياسية.
وعلى الجانب الآخر فإن المواطن وهو الطرف الأصيل صاحب الحق فى الاختيار الصحيح والمسئولية عن الاختيار غير السليم عليه أن يعى تماماً ويعلم يقيناً مفهوم النائب ودوره الحقيقى واختصاصاته وصلاحياته وما هو مطلوب منه حتى يختار نائبه وفقاً لمعايير واضحة ودقيقة ومتوازنة تستهدف تحقيق المصلحة العامة فى إطار متواز يرتقى بمقومات الحياة المجتمعية.
ولا شك أن تواجد النائب فى أوساط المواطنين هو بداية نجاحه وخارطة صعوده وصموده فالتواجد المجتمعى فى المناسبات يجب ألا يكون بهدف التهنئة وتقديم واجب العزاء فقط بل الهدف الأسمى منه هو أن يكون ذلك قناة غير تقليدية للاستماع لمشكلات المواطنين وشكواهم ومعاناتهم وفى هذه الحالة سيكون النائب لديه دراية بنبض الشارع الحقيقى وما يعانى منه من مشكلات وأزمات وهنا سيكون النائب همزة وصل بين المواطن وبين الحكومة ولا يقف دور النائب عند هذا الحد ولكن عليه أن يترجم ذلك فى صورة استخدام أدواته الرقابية والتشريعية من خلال اقتراح القوانين وتقديم طلبات الاحاطة والأسئلة والاستجوابات لمواجهة كل ما يدور بالشارع المصرى من مشكلات ولا يكفى ذلك حتى يكون قد أتم النائب دوره ولكن عليه أن يتبنى خطة إستراتيجية لمعالجة ما يبرز من مشكلات وأزمات تهم المواطنين من خلال الأدوات المتاحة له وبالتنسيق التام مع الأجهزة والوزارات المعنية.
وهنا تجدر الإشادة باستحداث مسمى التواصل السياسى ضمن اختصاصات وزارة شئون المجالس النيابية والقانونية والتواصل السياسى بهدف خلق حالة من التواصل الدائم بين المواطن والحكومة وأعتقد أن الوزير المختص المستشار محمود فوزى لديه من القدرة والارادة ما يكفل تفعيل هذا الدور بصورة متميزه تنقل صوت المواطن للأجهزة وللبرلمان بصورة واقعية.
وأخيراً فقد آن الأوان أن نحتكم إلى العقل والمنطق والحكمة فى إقامة علاقة متوازنة بين المواطن ومسئوليته فى الاختيار وبين النائب وفهمه الكامل لدوره واختصاصه وأدواته التى يستطيع من خلالها أن يلبى طموحات المواطنين فى إطار من الود والاحترام والتعاون المتبادل متفائلا أن تنتهى مخرجات الحوار الوطنى إلى نظام انتخابى يليق بالجمهورية الجديدة ويرسخ لممارسة ديمقراطية سليمة..
حفظ الله مصرنا الحبيبة
حما شعبها العظيم وقائدها الحكيم