المواطن فى المحن والشدائد والأزمات التى يمر بها الوطن، هو مثل المقاتل فما بالنا إذا كانت الدولة تواجه، المؤامرات والمخططات ومحاولات الاستدراج والتركيع، والحصار، وتخوض حربًا وجودية، ربما ليست ساحتها جبهات المعارك والحروب، ولكن على رقعة الشطرنج السياسى والدبلوماسي، لذلك هنا المواطن، هو بالفعل يجب أن يتحول المقاتل يضمن بقاء ووجود وخلود وطنه وما يواجه مصر، أمر استثنائى وغير عادى ولعل تصفح أوراق المشهد الإقليمي، والنظر بإمعان فيما يدار ويحاك لمصر، وما يحاصرها من حرائق وصراعات فى كافة الاتجاهات الاستراتيجية، ومحاولات التركيع والابتزاز من خلال المساومات بمواردها الوجودية أو محاولات استفزازها واستدراجها، ومحاصرتها بالاكاذيب والشائعات على مستوى دول معادية، أو جماعات إرهابية أو محاصرتها اقتصاديًا، ومعنويًا، فإن ذلك يتطلب أن يعرف المواطن ما يجرى بطرق ووسائل حتى وان لم تكن رسمية، لكن من المهم، أن يحاط بما يواجه البلاد من استهداف مباشر وغير مباشر ليدرك سر معاناته، والصعوبات التى تواجه ظروفه الحياتية والمعيشية حتى يتحول إلى خنادق المقاتلين، والمصطفين بإرادة صلبة حول الوطن.
من هنا يجب على الحكومة أن تغير من خطابها للشعب، عليها أن تتيح سياسة الافصاح ولا تكتفى بالعموميات والعناوين الرئيسية، حتى وان لم تقل ذلك على لسانها ولكن عبر وسائل أو شخوص أو خبراء فى كافة المجالات خاصة خبراء الأمن القومي، من هنا أيضا فإن الحكومة تستطيع أن تعمل فى أجواء هادئة ومستقرة تستند على وعى الناس وفهمهم لما يجرى ويدور حتى يفهم المواطن، الحكومة تعمل فى ظروف استثنائية وتقاوم حالة الحصار ومحاولات الافشال، وضرب المصالح والموارد المصرية، أو أنها تضع فى اعتبارها فرضية واحتمالية الدخول فى مواجهة قد تفرض عليها لذلك تتسلح بالإجراءات اللازمة لذلك، أو انها تواجه تهديدات ومخاطر استثنائية على كافة الحدود والاتجاهات الاستراتيجية، تستلزم حالة من المراقبة واليقظة لها تكلفتها الباهظة، والمعاناة هنا أفضل من الاختراق والتهديد لذلك أرى أن خطاب الحكومة يجب أن يكون اكثر افصاحًا واستفاضة حول حقيقة ما يواجه البلاد، خاصة وأن الدولة المصرية تواجه منفردة تحديات وتهديدات غير مسبوقة صنعت ونسجت من أجل الابتزاز، أو تعطيل وضرب مشروع التقدم، والتنمية والقوة والقدرة، وتنامى حركة الصعود للامام.
الحكومة لديها فرصة ذهبية لابد أن تغتنمها بشكل جيد، وهى ان العام الدراسى على بعد أيام قليلة يمكنها الاستثمار فى العام الدراسى من خلال بناء الوعى الحقيقي، والافصاح عما يواجه الوطن من تحديات وتهديدات، لا يستثنى منها تلميذ الصف الأول الابتدائى حتى ولو فى شكل قصص وحواديت، وصولاً إلى محاضرات وندوات ولقاءات ومناقشات مع طلاب الجامعات فى كافة ربوع البلاد.
الحكومة أيضا مطالبة فى خطابها أن تنتهج قيمة وفضيلة رسخها الرئيس عبدالفتاح السيسى وهى توجيه الشكر والتحية إلى الشعب المصرى العظيم، الذى يتحمل عن وعى ووطنية وانتماء وفهم مصاعب ومعاناة كبيرة فى سبيل الاحتفاظ بوطنه آمنًا ومستقرًا وقويًا، وهذه الوقفة الشعبية التاريخية ليست بجديدة على المصريين ووفرت أهم ركائز القوة والقدرة على مجابهة كافة التحديات الاستثنائية، والتهديدات الوجودية، فالجبهة الداخلية هى سنام وذروة القدرة على عبور أى تحد وأيضا أهم عناصر تحقيق النصر، من المهم أن تستطيع تحويل المواطن إلى مقاتل، فالمقاتل يدرك أنه يخوض حربًا دفاعًا عن الوطن وكرامته ووجوده لذلك لا يبحث عن شيء إلا القليل الذى يعينه على مواصلة القتال، لتحقيق النصر، هكذا يجب أن يفهم المواطن أن يكون قادرًا على تحمل الصعاب، وحتى لا يتهم الحكومة بالفشل والعجز، لأنها لم تفصح عن الأجواء التى تعمل فيها، والصعوبات والتحديات التى تواجه عملها، وربما نجحت فى احتواء وتخفيف حدة الأزمات لذلك قول الرئيس السيسى الدائم وتوجيهه للحكومة والوزراء والمسئولين، قولوا للناس وفهموهم علشان يكونوا معاكم ويصبروا، والرئيس دائم الحديث عن الوعى والفهم الصحيح لتحدياتنا وظروفنا فما بالنا ونحن لا نعيش ظروفًا إقليمية أو دولية طبيعية، وما بالنا أيضا إذا علم الناس أن كل ما يجرى من صراعات وتوترات وحروب وحرائق الهدف منها اصطياد مصر، ولماذا لا يربط المخططات والمؤامرات القديمة التى فشلت بما يدور الآن، وأن ما يجرى الآن هو حلقة جديدة فى محاولة اضعاف الدولة المصرية، لتمرير وانفاذ المخططات.
الرئيس السيسى قال من قبل إن مصر نجحت فى اجهاض المؤامرة، وتعطيل المخطط، خاصة فى يونيو 2013 فى ثورة عظيمة خرج خلالها المصريون بالملايين نجحت فى اجهاض المؤامرة، وتعطيل المخطط بما يعنى أن المخطط لم ينته بعد، ولكنه تعطل والآن عاود النشاط، ولكن يأتى فى وقت الدولة المصرية أكثر قوة وقدرة بعشرات الاضعاف على كافة الأصعدة اقتصاديًا وتنمويًا وعسكريًا وأمنيًا ودفاعيًا، وإقليميًا ودوليًا من حيث الدور والثقل، وبلغت حالة الردع المصرية ذروتها، وهو ما حدا بقوى الشر أن تبحث عن وسائل أخرى بعد فشل ثورات الربيع العربى المزعوم مثل الضغوط والابتزاز ومحاولات قطع الموارد الوجودية أو ايقاف وتعطيل مصادرها أو الحصار الاقتصادي، أو محاولات الاستدرج والاستفزاز، والتمادى فى الأكاذيب والتشويه والتشكيك بل وصلت الأمور إلى الإغراءات، ولكن موقف مصر لم يتزحزح وثوابتها لم تهتز، وأيضا محاصرتها بالحرائق والصراعات من كل حدب وصوب.. إذن نحن فى ظروف استثنائية على كافة الاصعدة وهو ما يتطلب حالة من الحراك الفكرى والتوعوي، يجب أن تقودها الجامعات والإعلام، والشباب والرياضة، والمؤسسات الدينية، وهذا ليس خلطًا للدين بالسياسة، بل هو أن حماية الاوطان والحفاظ عليها وحشد طاقات شعوبها، وترسيخ الاصطفاف هو جوهر الأديان، ولا أقول إن قوى الدولة الشاملة لابد أن تكون أكثر حضورًا ويجب هنا أن اذكر دور العز بن عبدالسلام فى الحشد لمعركة عين جالوت التى انتصر فيها الجيش المصرى على التتار وقام بدور تاريخي، حتى ان كنا لم نصل إلى درجة الحرب فإن خلق إرادة التحدى والصمود، والصبر والوعى بما يدور ويحاك لمصر، يحتاج إلى دور الجميع.. المساجد والكنائس والجامعات والمدارس والإعلام، من هنا على الحكومة أن تؤدى أو تدير هذا الدور بجدارة وكفاءة وواقعية، لانها تتحدث بمصداقية تلامس الواقع لتخلق فى الوطن حالة من الوعى والفهم وبالتالى الاصطفاف.
تحيا مصر