فى قراءة الموازنة العامة الجديدة للدولة.. تستطيع بسهولة ان ترصد نقاطاً ومبادئ وإيجابيات وأهدافاً وثقة وتفاؤلاً.. خاصة قضية بناء الإنسان المصرى التى تحظى بأولوية رئاسية غير مسبوقة حيث 30٪ زيادة فى مخصصات الصحة والتعليم. وارتفاع مخصصات الأجور والدعم بالإضافة إلى ارتفاع نسب الإيرادات لتصل إلى 36٪.. بالإضافة إلى ارتفاع بنسبة 29٪ فى معدلات المصروفات.. كذلك جدية الدولة فى افساح المجال وتمكين القطاع الخاص.. لذلك هناك نقاط مهمة ويجب التوقف أمامها بالقراءة والتحليل.
من الواضح أننا أمام رسائل واضحة تبعث بها الموازنة العامة الجديدة للدولة.. تعكس رؤية وتوجهات وتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى والمبادئ والثوابت التى يؤكد عليها والتى أرساها على مدار السنوات الماضية.. خاصة فى ترسيخ النقاش والحوار المجتمعى حول كافة القضايا.. لذلك دارت حوارات وجرت نقاشات مع كافة الأطياف الاقتصادية والفكرية حول بنود ورسائل وتوجهات الموازنة الجديدة للدولة المصرية والتى تعكس قبل أى شيء قوة الاقتصاد المصرى ومستقبله الواعد وحجم التحدى والطموح فى المستقبل وأولويات العمل والبناء والاهتمام خلال الفترة القادمة وإرادة إنهاء بعض مظاهر العجز والخلل من خلال رؤية وأهداف واضحة.
ثلاث نقاط مهمة أتوقف عندها قبل الحديث فى قراءة الموازنة العامة الجديدة للدولة هى كالتالي:
أولاً: الحوار كعقيدة مصرية رسخها الرئيس السيسى فى إدارة قضايانا وموضوعاتنا وتحدياتنا فى مساحة كبيرة للوعى والفهم والاستفادة من كافة الآراء والمقترحات والرؤى الوطنية والتى تمثل قيمة مضافة للتصور الرسمى أو الحكومي.. إيمانا بمبدأ تشاركية المصريين فى بناء وطنهم.
ثانياً: افساح المجال لمشاركة القطاع الخاص بفعالية وبدور ومساحة كبيرة بما يتسق مع رؤية وإرادة وجهود الدولة المصرية ومساهمته بقدر وافر ومهم فى النشاط الاقتصادى والتنموى للدولة.
ثالثاً: الموازنة العامة الجديدة تتسق تماماً مع أهداف ورؤية وتوجيهات الرئيس السيسى بوضع بناء الإنسان المصرى على رأس الأولويات وهو ما تترجمه بشكل واضح وحقيقى الأرقام والمخصصات فى بنود الموازنة العامة للدولة سواء فى مجالات وقطاعات الصحة والتعليم أو الدعم والحماية الاجتماعية وهى قطاعات استحوذت على مخصصات وبأرقام غير مسبوقة فى التاريخ المصري.
دعونا نؤكد أيضاً على أمر غاية فى الأهمية ان الموازنة العامة الجديدة تحمل أيضاً ايجابيات وبشائر ونجاحات كبيرة رغم أنها تأتى فى ظروف دولية وإقليمية بالغة التعقيد وما نتج عنها من أزمات اقتصادية عالمية عنيفة وطاحنة.. بطبيعة الحال لها تداعياتها على جميع الدول ومنها مصر وهى ليست خافية على الجميع.. سواء من الحرب الروسية– الأوكرانية التى دخلت عامها الثالث أو الاضطرابات الجيوسياسية فى المنطقة والتى اندلعت منذ أكتوبر الماضي.. وبطبيعة الحال لها تكلفتها وتداعياتها بل وخسائرها.. خاصة ما يدور فى البحر الأحمر من صراع ألقى بظلاله وآثاره السلبية على قناة السويس.. وما تتحمله الدولة المصرية من تكلفة لإنفاذ المساعدات إلى الأشقاء فى غزة خاصة ان مصر تساهم بما يقرب من 70٪ من اجمالى حجم المساعدات التى دخلت القطاع.. ورغم ذلك فإن مصر تستهدف نمواً 4٪ من الناتج المحلى رغم آتون الأزمات الاقتصادية العالمية.
الموازنة الجديدة حافلة بالأهداف الطموحة التى ترتكز على رؤية وإرادة وأيضاً بالأرقام التى تحمل رسائل مهمة فيما يتعلق بالمواطن المصري.. فرغم الأزمة العالمية وارتفاع الأسعار العالمية فإن الدولة تزيد من حجم الدعم والحماية الاجتماعية والرعاية الصحية والاهتمام بالتعليم.. وكل ذلك يندرج تحت إستراتيجية بناء الإنسان المصرى التى هى على رأس أولويات الرئيس السيسى وجل أهدافه توفير الحياة الكريمة للمصريين والارتقاء بظروفهم وأحوالهم المعيشية ولا يغيب عنه هذا الهدف على الاطلاق ودائماً ينتصر للمواطن المصري.
قضية مهمة أجدها فى قراءة الموازنة الجديدة وهى ان الموازنة تشمل الموازنة العامة للجهاز الإدارى للدولة وكافة الهيئات الاقتصاديةحيث يبلغ اجمالى المصروفات العامة للحكومة 6.4 تريليون جنيه وإيراداتها 5.05 تريليون جنيه بما يعكس نجاح الإصلاحات الهيكلية التى تم اجراؤها فى التعديل الأخير لقانون المالية العامة الموحد والذى أفرز مفهوم موازنة الحكومة العامة وتشمل الموازنة العامة للدولة وموازنات الهيئات الاقتصادية وهو ما يعزز التعرف على القدرات الحقيقية للمالية العامة للدولة بشكل شامل يتضمن إيرادات ومصروفات الدولة وهيئاتها العامة وهو أمر يرسخ الاحترافية والعلم والوقوف على طبيعة الأرض والقدرات التى نقف عليها وأمامها.
أبرز ما جاء فى بنود الموازنة الجديدة للدولة انها تستهدف تحقيق فائض أولى أكثر من 3.5٪ من الناتج المحلى الاجمالى وخفض العجز الكلى على المدى المتوسط إلى 6٪ ووضع معدل الدين للناتج المحلى فى مسار نزولى ليبلغ ٨٪ بحلول يونيو 2027 وهو هدف طموح ويمثل خطوة ايجابية وتحدياً مهماً ويرتكز على إستراتيجية جديدة بوضع سقف قانونى لدين الحكومة العامة لا يمكن تجاوزه إلا بموافقة رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء.. ومن الأفكار والأهداف الخلاقة التى وضعتها وشملتها الموازنة الجديدة توجيه نصف إيرادات برنامج (الطروحات) لخفض حجم المديونية الحكومية بشكل مباشر مع إطالة عمر الدين.
النقطة المهمة أيضاً التى تتسق مع توجهات الدولة والاقتصاد المصرى هى وضع سقف لاجمالى الاستثمارات العامة للدولة بكامل هيئاتها وجهاتها لا يتجاوز تريليون جنيه فى الموازنة الجديدة وهو ما يجسد رؤية وإستراتيجية وإرادة الدولة فى تمكين القطاع الخاص لزيادة مساهماته فى النشاط الاقتصادى التنموي.. خاصة ان الدولة قطعت شوطاً كبيرآً فى مجال المشروعات التى لا تقوم بها إلا الدولة ولا يقوى أو يقبل عليها القطاع الخاص.. وأن الدولة هيأت سبل ومقومات النجاح والعمل والإنتاج والقيام بأدوار حيوية ورئيسية فى الأنشطة الاقتصادية والتنموية.. لذلك الموازنة تعكس جدية الدولة فى هذا الإطار والكرة فى ملعب القطاع الخاص فى ظل توافر كافة أنواع الدعم والتشجيع والنجاح.
الأمر الملفت أيضاً ان معدل نمو إيرادات الموازنة العامة للدولة «جهازها الإداري» يبلغ 36٪ لتصل إلى 2.6 تريليون جنيه بينما يبلغ معدل نمو المصروفات 29٪ لتصل إلى 3.9 تريليون جنيه.. ونسبة نمو الإيرادات تفوق نمو المصروفات وهذا أمر ايجابى رغم تداعيات الأزمة العالمية.
الموازنة الجديدة للدولة تعكس أيضاً فى أرقام ونسب المخصصات اهتمام القيادة السياسية غير المسبوق ببناء الإنسان المصري.. فقد وجه الرئيس السيسى بزيادة مخصصات قطاعى الصحة والتعليم بنسبة أكثر من 30٪.. والحقيقة ان الصحة والتعليم يستحوذان على اهتمام غير مسبوق من القيادة السياسية وهناك زيادة مطردة فى مخصصاتهما سنويا لأنهما أساس بناء الإنسان.. هذه الرؤية التى يتبناها الرئيس السيسى وانحيازه للمواطن المصري.. فعلى سبيل المثال بلغت مخصصات الصحة فى موازنة 2022-2023 304.5 مليار جنيه وفى موازنة 2023-2024 بلغت 397 مليار جنيه وفى الموازنة الجديدة هناك زيادة 30٪ وهذا يعكس ويجسد عمق الاهتمام بتطوير هذا القطاع الذى يخدم جميع المصريين.. وقد شهد على مدار 10 سنوات اهتماماً غير مسبوق.. من خلال رؤية متكاملة للارتقاء بمجال الرعاية الصحية الذى عانى بشكل واضح خلال العقود الماضية.. ولعل مخصصات الصحة فى موازنة (2010) لم تكن تزيد على 19.1 مليار جنيه كانت تضيع على الأجور والمعاشات.. ولذلك فهناك فارق بين السماء والأرض.. فالرئيس السيسى وضع على رأس أولوياته قضية بناء الإنسان المصرى وفى المقدمة صحة المصريين.. لذلك اطلق 14 مبادرة رئاسية فى مجال الصحة للقضاء على فيروس «سي» وقوائم الانتظار و100 مليون صحة وغيرها من المبادرات التى تلبى احتياجات وتوافر الرعاية الصحية لكافة الفئات مثل الأطفال والمرأة وكبار السن وحديثى الولادة وتلاميذ وطلبة المدارس.. ثم الارتقاء ورفع كفاءة المستشفيات القديمة وإنشاء مجمعات وقلاع ومستشفيات فى مجال الرعاية الصحية.. وتزويدها بأحدث الأجهزة الطبية ثم المشروع القومى للتأمين الصحى الذى يعد نقلة وقفزة تاريخية فى قطاع الرعاية الصحية بمصر والذى بالفعل كان حلماً تحول إلى واقع.
مخصصات التعليم فى موازنة العام الماضى بلغت 299 مليارا و891 مليون جنيه وزادت هذا العام بمعدل 30٪.. وهو ما يعنى أيضاً الاهتمام الرئاسى بالتعليم وتطويره.. من أجل بناء إنسان مصرى قادر على مواكبة العصر والتسلح بمقومات ومهارات سوق العمل المحلى والإقليمى والدولي.. كما ان الإنسان الذى يحظى بجودة تعليم عالية هو قوة دفع لتقدم الوطن.. وإضافة قوية على طريق التنمية المستدامة.. وكذلك فالتعليم والوعى صمام الأمان للوطن.. فالرئيس السيسى يسعى إلى بناء الإنسان والشخصية المصرية (المتوازنة) والتعليم والوعى والفهم ومواكبة العصر والقدرة على البحث والتحليل أساس الشخصية المتوازنة بعيداً عن المغالاة والتطرف.. لذلك لا يدخر الرئيس جهداً أو توجيهاً فى الاهتمام بملف قطاعى الصحة والتعليم لأنهما أعمدة التقدم لأى مجتمع ونهوض أى وطن.
إستراتيجية بناء الإنسان المصرى تمضى إلى الأمام بثقة والتزام بمبادئها من أجل استكمال هذه الرؤية وتبدو أكثر وضوحاً فى الموازنة الجديدة 2024 – 2025 حيث وجه الرئيس السيسى بزيادة مخصصات الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية إلى 636 مليار جنيه بزيادة كبيرة عن العام الماضى حيث بلغت فى موازنة 2023 – 2024 «496» مليار جنيه.
مازال الدعم يحظى باهتمام كبير من الدولة المصرية وقيادتها السياسية.. لذلك تحرص على وصولها إلى المستحقين.. وتحرص على زيادتها رغم تداعيات الأزمات الاقتصادية العالمية.. فدعم السلع التموينية بلغ 144 مليار جنيه فى ظل توجيهات الرئيس السيسى بعدم الاقتراب من الدعم عموماً.. ودعم رغيف الخبز فرغم ارتفاع تكلفته من الجنيه إلا انه مازال يباع للمواطن المستحق بخمسة قروش وتتحمل الدولة باقى التكلفة.. أيضاً رغم ارتفاع أسعار البترول عالميا بل وحالة التذبذب والارتفاع المفاجئ فى الأسعار فربما يوضع فى الموازنة رقم معين وبسبب أحداث وظروف عالمية مثلما حدث فى الأزمة الروسية– الأوكرانية يتضاعف هذا الرقم أو السعر.. والدولة رغم الزيادات العنيفة فى أسعار المواد البترولية إلا أن الأسعار فى مصر لا تقارن حتى بالأسعار فى الدول البترولية والدول الكبرى وعليك ان تتعرف على سعر لتر البنزين مثلا فى الخارج وسعره فى مصر.. المقارنة تكشف عمق الدعم الرئاسى للمواطن المصرى خاصة الفئات الأكثر احتياجاً.. فالرئيس السيسى قالها كثيراً ان المواطن المصرى لا يتحمل الحصول على السلع الأساسية بالأسعار العالمية .. لذلك الدولة تتدخل لتتحمل الجزء الأكبر من الأسعار.. من هنا جاء الاهتمام بدعم المواد البترولية بـ154 مليار جنيه نتيجة لارتفاع الأسعار عالمياً وتغيير سعر الصرف.
فى مجال بناء الإنسان تجد ان التوجيهات الرئاسية واضحة.. لذلك فإن الاهتمام بتحسين مستوى معيشة المواطن المصرى والارتقاء بأحواله وأوضاعه المعيشية أمر ثابت ويزيد سنوياً.. فقد بلغت مخصصات الأجور فى الموازنة العامة الجديدة 575 مليار جنيه مقارنة بموازنة العام الماضى بلغت 470 مليار جنيه.. اذن هناك ارتفاع لمؤشر الاهتمام ببناء الإنسان بشكل غير مسبوق.. يزيد ولا يتراجع.. فهو هدف إستراتيجي.. والحقيقة ان الاستثمار فى بناء الإنسان يحقق العديد من الأهداف الإستراتيجية سواء فى خدمة مشروع مصر للبناء والتنمية والتقدم والحفاظ على الاصطفاف الوطني.. أو اجهاض محاولات وحملات الأكاذيب والتشكيك أو باعتباره صمام الأمان للأمن القومي.. فالإنسان المصرى فى رؤية القيادة السياسية هو أصل وسبب الإنجازات وبطل حكاية ومعجزة مصر خلال السنوات الماضية.. وهو وراء ما تحقق من نجاحات وإنجازات بوعى وصبر وعمل وتحمل.. الحقيقة ان مخصصات الصحة والتعليم فى الموازنتين الأخيرتين فاقت النسب المنصوص عليها فى الدستور والمحددة بنسبة 10٪ من الناتج المحلى وهو أمر غير مسبوق يعكس رؤية الدولة فى عبقرية الاستثمار فى بناء الإنسان.
الموازنة العامة هى مرآة الدولة وتوجهاتها واهتماماتها ونجاحاتها ومقدرتها على بلوغ الأهداف والتحدى من أجل إنهاء اشكاليات ونسب عجز.. لذلك اقرأ عزم الدولة وإرادتها على إنهاء قضية الدين العام من خلال وضع سقف قانونى لا يمكن تجاوزه إلا بموافقة رئيس الجمهورية وتوقيعه.. لضعف إيرادات برنامج «الطروحات» لخفض مديونية الحكومة بشكل مباشر وخفض العجز الكلى إلى 6٪ كما ان هناك زيادة ملحوظة فى إيرادات الدولة وتفوقها على المصروفات فى العام الماضي.. الإيرادات ارتفعت بنسبة 31٪ لتصل إلى أكثر من تريليونى جنيه والمصروفات كانت 30.5٪ لتصل إلى تريليونين و838 مليار جنيه وفى الموازنة الجديدة ان معدل نمو الإيرادات بلغ 36٪ لتصل إلى 2.6 تريليون جنيه بينما بلغ معدل نمو المصروفات 29٪ بما يعنى ان نسبة نمو الإيرادات أعلى هذا العام بـ7٪ من نمو المصروفات.
نقاط أخرى أتوقف عندها فى الموازنة الجديدة وهى مهمة للغاية.. ان الموازنة تستهدف نمو الإيرادات غير الضريبية بنسبة 60٪ والضريبية بنسبة 30٪ دون إضافة أى أعباء ضريبية على المواطنين أو المستثمرين.. وهذه بارقة ونقطة ضوء مهمة.. من خلال توسيع القاعدة الضريبية بتعظيم جهود الاستغلال الأمثل للنظم الضريبية والإلكترونية فى دمج الاقتصاد غير الرسمى فى الاقتصاد الرسمى وكان ذلك مطلب الكثير من خبراء الاقتصاد على مدار العقود الماضية.. كذلك فإن وضع سقف واحد لاجمالى الاستثمارات العامة للدولة بكامل هيئاتها وجهاتها بما لا يزيد على تريليون جنيه فى الموازنة الجديدة يجسد ويؤكد جدية الدولة فى تمكين وتشجيع القطاع الخاص.
الحقيقة ان أهداف الموازنة الجديدة تكشف عن ثقة وأيضاً نجاح كبير فى بناء اقتصاد وطني.. الموازنة العامة للدولة عنوان الحقيقة بأرقامها ونسبها ومؤشراتها وأهدافها وطموحاتها تكشف عن قوة وثقة وثبات وزيادة فى الإيرادات وإرادة لتخفيض نسب العجز والخروج من نفق الاشكاليات القديمة والإستراتيجية الجديدة فى «مصر– السيسي» الاهتمام غير المسبوق ببناء الإنسان وأيضاً تمكين حقيقى للقطاع الخاص واهتمام غير مسبوق ومتواصل بالصحة والتعليم والدعم.
تحيا مصر