الحكومة الجديدة» التى كلف الرئيس عبدالفتاح السيسى «الدكتور مصطفى مدبولى» بتشكيلها، وها هى توشك أن تشرع فى تنفيذ المهام الموكلة إليها.. هذه الحكومة تأتى فى توقيت «استثنائي» بالفعل.. استثنائى بالنسبة للإقليم.. واستثنائى بالنسبة للعالم.. وبين الإقليم والعالم، تتوالى الانعكاسات المختلفة، ابتداء من التحديات التى يواجهها الأمن القومى مروراً بالظرف الاقتصادى وصولاً إلى «التفاصيل الحتمية» التى تستوجب تطوير الأداء حتى يمكن تحقيق الهدف أو مجموعة الأهداف التى تتطلبها طبيعة المرحلة وخصوصية اللحظة التى تمر بها البلاد.. فى ضوء «التحديات الثلاثة».. الداخلية.. الإقليمية.. والعالمية.
تأملت ما قاله الرئيس السيسى فى «تدوينة» له عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» يوم الاثنين الماضى حول تشكيل الحكومة الجديدة.. ورغم أن الكلمات مركزة وموجزة، إلا أنها معبرة وكاشفة.. وتشير بكل وضوح إلى المهام الأساسية للحكومة الجديدة فى المرحلة المقبلة.
قال الرئيس السيسي: «كلفت الدكتور مصطفى مدبولى بتشكيل حكومة جديدة، تضم الخبرات والكفاءات اللازمة لإدارة المرحلة القادمة، وذلك لتحقيق التطوير المرجو فى الأداء الحكومى ومواجهة التحديات التى تواجهها الدولة».
هنا.. فى كلمات الرئيس أربعة عناوين رئيسية لا يمكن لأى عين أن تخطئها.. العنوان الأول، هو أن الحكومة الجديدة حكومة خبرات وكفاءات لازمة.. العنوان الثاني، أراه فى الإشارة بقوة إلى «المرحلة القادمة» وما تتطلبه من إدارة حكومية استثنائية.. والعنوان الثالث، حملته عبارة تحقيق التطوير المرجو.. أما العنوان الرابع، فجاء فى عبارة «مواجهة التحديات التى تواجهها الدولة».
هذه العناوين الأربعة التى تضمنتها كلمات الرئيس السيسى فى تدوينته يوم الاثنين الماضى عن تشكيل الحكومة الجديدة.. هذه العناوين الأربعة تجمع بين التحديات الداخلية والتحديات الخارجية ومواجهتها بكل براعة.. وعلى الحكومة الجديدة أن تعى جيداً المعنى والدلالة لهذه العناوين.. قبل أن تخطو أولى خطوات مهام المرحلة المقبلة.
يظل الاهتمام بتحديات الأمن القومي، هو الأمر الأهم والأبرز والأخطر.. وإذا كان ذلك هو الثابت أو الشائع فى الظروف العادية، فإنه فى ظرف أو مع ظرف مثل الظرف الذى تمر به المنطقة والإقليم بل والعالم بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة وتداعياتها.. يكون الاهتمام بتحديات الأمن القومى مع هذه الأحداث أمراً «أكثر وجوباً وأشد حتمية».. وقبل أن استغرق فى سرد أحداث وتفاصيل.. لابد أن أشير هنا إلى «الدور التاريخي» الذى قامت به مصر فى اجهاض واحد من أخطر المخططات التى استهدفت الأمن القومى المصرى والأمن القومى العربى بشكل عام منذ عقود.. انه المخطط «الإسرا- أمريكي» الذى سعت من خلاله إسرائيل ومعها الولايات المتحدة «عبر الحرب على غزة» إلى تهجير الفلسطينيين إلى سيناء والقضاء على «القضية الفلسطينية».
عندما أتحدث فى «هذا الصدد» أنظر إلى جزئية اعتبرها واحدة من أدق وأهم مكونات الصورة المحتملة للإقليم والعالم فى مرحلة ما بعد الحرب الإسرائيلية على غزة.. أتحدث هنا عن سؤال آخر غير السؤال الذى تروج له إسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة الأمريكية.. كل يوم عن اليوم التالى لوقف الحرب فى غزة.. أتحدث عن «سؤال آخر».. وهو، كيف ستتعامل إسرائيل مع الإقليم والعالم بعد الحرب على غزة؟!.. سؤالى هذا مقرون بعدة حقائق كشفت عنها تصريحات وصور ومشاهد موثقة لقادة سياسيين وعسكريين ورجال دين ومستوطنين إسرائيليين.. هذه الحقائق تستلزم اتخاذ كل حذر وحيطة قبل الاجابة عن «السؤال الغائب».
كلنا يذكر «الخريطة الشهيرة» التى أمسك بها رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو وظهرت عليها «حدود إسرائيل المزعومة».. هذه الخريطة لا يؤمن بها نتنياهو فقط، بل هى «قناعة» كل إسرائيلى «فى أى زمان وأى مكان».. جميعنا يذكر أيضا ما قاله وزير الدفاع الإسرائيلى يوآف جالانت فى بداية الحرب على غزة واستندت إليه محكمة العدل الدولية فى قراراتها الصادرة ضد إسرائيل، حيث قال جالانت.. بالصوت والصورة.. «نحن نقاتل حيوانات بشرية».
يجب أن يكون حاضراً عند الإجابة عن السؤال الغائب، كيف ستتعامل إسرائيل مع الإقليم والعالم بعد الحرب على غزة؟!.. يجب أن يكون حاضراً عند الإجابة ما ذكره وزراء حكومة نتنياهو من عدم استبعاد ضرب غزة بقنبلة نووية، أو أن إسرائيل لا تخضع لأى قرارات أو مطالبات من «الأغيار» وأن مصيرها يحدده اليهود فقط.. يضاف إلى ذلك بالتأكيد هذه الدرجة من الإجرام العميق فى الشخصية الإسرائيلية تجاه مواطنى «الإقليم»، والذى كشفت عنه مجريات ومجازر الحرب ضد النساء والأطفال والشيوخ والعجائز.. لم يسلم منها لا الحرث ولا النسل.
دولة مثل إسرائيل، تمعن فى إجرامها ومجازرها.. تؤمن بأقسى صور العنصرية وتمارس أبشع مظاهر النازية والفاشية.. دولة مثل هذه الدولة، يا ترى هل ستصبح داعية سلام بعد حربها على غزة؟!
إن الحفاظ على الأمن القومي، الذى يعد المواطن «ركيزته الأساسية» هو بالفعل «المهمة الرئيسية» لأى حكومة، ليس فى مصر فقط، بل فى جميع دول الإقليم الذى تعيش فيه إسرائيل، خاصة وأن العالم يعيش الآن واحدة من أخطر الحقب فى تاريخه، وهى حقبة «الجنون الإسرائيلي» المدعوم أمريكياً.. اللهم فى هذه الأيام المباركة، أيام العشر من ذى الحجة، ندعوك أن تحفظ مصر.
من خرج فى طلب العلم كان فى سبيل الله حتى يرجع.. صدق حبيبنا محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.. اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم فى العالمين انك حميد مجيد..اللهم بارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم فى العالمين انك حميد مجيد.. وصلى الله على سيدنا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
فلسطين.. أرض الأقصى.. أرض المحشر.. أرض المسرى.. مسرى حبيبنا وسيدنا محمد رسول الرحمة والإنسانية.. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.