بينما تتراجع أمريكا وإسرائيل فى سقف شروطها لوقف الحرب على الجبهة اللبنانية يتراجع الحديث عن وقف الحرب فى قطاع غزة بل صار الحديث يدور حول وضع غزة بعد حماس وهو حديث عند الإسرائيليين والأمريكيين يختلف عما يدور حول إدارة مشتركة من فتح وحماس لقطاع غزة لكن الأمر لدى إسرائيل مختلف فهى تعمل بقوة وسرعة على القضاء على شمال غزة تماماً فضلاً عن الإبادة المستمرة فى كل القطاع، وتقيم إسرائيل استطلاعات الرأى بين صفوف مواطنيها حول مدى القبول فى العيش والمستوطنات التى ستقيمها فى غزة.
المتأمل حتى فيما يتعلق بالحديث عن وقف الحرب على الجبهة اللبنانية يجد أن العدو حرص على تنفيذ منهجه فى التعامل مع العرب على مدى اعتداءاته عليهم منذ إنشائه والذى يتمثل فى عدة قواعد تبدأ: فى الحصول بالمشاركة بالتفاوض أو التفاهمات على ما لا تستطيع الحصول عليه بالقوة من خلال الدعم الأمريكي، فى حين أن القواعد الواقعية فى الحرب أن المفاوض يحصل على مكاسب على قدر قوته أو على قدر ما تطوله مدافعه كما يقولون، لكن إسرائيل لا تقبل ذلك وهو ما بدأ فى اقتراحاتها فيما يتعلق بحربه على حماس، وكذلك فى اقتراحاتها بالنسبة لوقف الحرب فى لبنان.
أما الأمر الثانى فى تعلق بحرصها على الفصل بين جبهات المقاومة، ففى الوقت الذى لا يخفى على أحد أن الجبهة اللبنانية اشتعلت اسنادًا للمقاومة الفلسطينية وأعلن قادة المقاومة اللبنانية أن وقف القتال فى جبهتهم مرتبط بوقف الإبادة فى فلسطين إلا أن الحديث الآن يكاد لا يشير إلى ارتباط الجبهتين فالخطة المطروحة لا تشمل غزة بل إنه لا توجد إشارة إلى جبهات الاسناد الأخرى فى اليمن والعراق وهى جبهات ارتبطت بالهجوم الإسرائيلى على غزة الأمر الذى يدفع المتابع أن يدرك أن هناك نية إسرائيلية أمريكية لقتال جبهة العراق واليمن بعد أن يتم تقييد جبهة لبنان باتفاق مثلما هناك نية لتجاهل الحديث عن غزة الآن حتى يتم القضاء عليها تماماً ويصبح حديث التفاوض هو حديث فرض الإرادة الإسرائيلية.
ثالثاً إذا نظرنا لبنود الاتفاق المطروحة نجده يقيد المقاومة ببند حق الدفاع عن النفس وهو بند واسع ومقيد أيضاً: مقيد لأنه يمنع المقاومة أن تقف مع الجبهات الأخرى إذا ما اعتدت عليها إسرائيل كما يمنح إسرائيل العودة إلى الاعتداء بادعائها أنها تدافع عن نفسها لأنها اكتشفت أن هناك تحركات ما مثلما تفعل فى كثير من أحوالها وسوف تجد الولايات المتحدة تسارع إلى تأكيد ما تقول، فكما نعلم أن الولايات المتحدة شريك فى الحرب إلى جانب إسرائيل وهى لا تخفى ذلك وما زالت تعلن أن ما يتم فى غزة لا علاقة له بالإبادة الجماعية رغم أن من يتم يحدث على الهواء ويتم توثيقه بل إن الجنود الإسرائيليين يعترفون به فى فيديوهاتهم ورغم آلاف المسنين والأطفال والنساء الذين يقتلون فى بيوتهم وفى المستشفيات وفى المدارس والخيام.
رابعًا: حرص الجانب الإسرائيلى الأمريكى أن يكون التفاوض تحت النار مثلما تم فى غزة على عكس ما اشترطت لبنان أن يتوقف القتال ثم يتم التفاوض وهو ما لم يلتفت إليه وقدمت أمريكا وإسرائيل مقترحها وأعلن أن الحكومة اللبنانية وحزب الله يقومان بدراسة المقترح.
خامسًا: لم تتقدم إسرائيل بمقترح ليتم الموافقة عليه لأنها تعلم أن نزع سلاح حزب الله الذى جعلته بندا فى مقترحها بحيث يتولى الجيش اللبنانى المسئولية فى الجنوب ويصبح مسئولاً عن نزع سلاح حزب الله ومسئولاً عن حرمانه من التسلح مرة أخرى خاصة من خلال سوريا وهذا غير ممكن واقعياً وغير ممكن عقلياً. أما أنه غير ممكن فلأن حزب الله قادر على مواجهة إسرائيل كما أنه لا يمكن نزع سلاح حزب الله واقعياً لأن الحزب لن يقبل فغياب حزب الله يعنى غياب أداة ناجعة فى كبح إسرائيل عن احتلال أرض لبنانية ومعروف أن إسرائيل لا تخفى خطتها للتوسع فيها فيما يسمى إسرائيل الكبري.