التحقيق مع 20 شخصاً بينهم ضباط استخبارات وموظفون فى دار الضيافة
وسط توقعات برد وشيك على اغتيال اسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسى لحركة حماس، تستعد المنطقة لضربة انتقامية إيرانية على إسرائيل، فيما ترفع كل من اتل ابيب وواشنطن، درجات الاستعداد إلى حالة التأهب القصوي.
لاتزال العملية العسكرية المرتقبة لإيران غير محددة المعالم فيما يخص توقيتها، شدتها، وكيفية تنفيذها، لكن العديد من التقارير تحاول توقع شكل ومسار الأحداث فى الفترة القادمة.
حسبما كشف دبلوماسى إيرانى أطلعته حكومته على التطورات، فان هناك محاولات من بعض الدول لإقناع طهران بعدم التصعيد، لكنها بحسب ما ذكر بلا جدوى فى ضوء التصعيدات الإسرائيلية الأخيرة.
وأضاف الدبلوماسى وفق ما ذكرته صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، أن حكومة تل أبيب تجاوزت كل الخطوط الحمراء، لذلك سيكون الرد الإيرانى حسب وصفه سريعاً وقوياً.
فيما قال مسئول أميركى إن إدارة بايدن تتبنى نهجاً حذراً فى الوقت الحالى فى ظل عدم وجود أى مؤشر على اتخاذ إيران قرار، بشأن شكل الرد وكيفيته، متوقعاً أنه سيكون بعد بضعة أيام أو أسبوع.
أشار أندرو تابلر، المدير السابق لشئون الشرق الأوسط فى مجلس الأمن القومى التابع للبيت الأبيض، إلى أن هناك ضبابية بشأن الخطوة التالية على سلم التصعيد، لكنه حذر أن النتيجة لهذه التصعيدات قد تكون دوامة يصعب السيطرة عليها بدلاً من رد محدود مثل الذى حدث فى أبريل الماضي.
على الجانب الإيراني، أوضح المحلل المستقل مصطفى باكزاد، فى تصريحات لوول ستريت جورنال، أن الاغتيال على الأراضى الإيرانية يستدعى الرد، لكنه أشار فى نفس الوقت إلى أن بلاده لا تستطيع تحمل تصعيد لا يمكن السيطرة عليه.
أضاف باكزاد أن النظام دُفع إلى زاوية ضيقة، حيث لا توجد سوى خيارات سيئة.
على النقيض من باكزاد، قال على فايز، مدير شئون إيران فى مجموعة الأزمات الدولية، لصحيفة نيويورك تايمز إن التصور بأن البلاد لا تستطيع حماية أرضها ولا حلفائها الرئيسيين قد يكون قاتلاً بالنسبة للنظام الإيراني، لذلك من الممكن أن يكون الرد عنيفاً عن ضربات أبريل الماضية.
وكانت قد خرجت خلال الأيام القليلة الماضية تصريحات من المعسكر الإيرانى واعوانه وحلفائه فى المنطقة، تؤكد حتمية رد قاسى على إسرائيل.
يأتى ذلك فى ظل توتر كبير يسود الشرق الأوسط وتحضيرات عسكرية من جانب أطراف النزاع وحلفائهم، فخلال الساعات القليلة الماضية، أعلن البنتاجون أن بوارجاً عسكرية وصلت إلى الشرق الأوسط استعداداً لأى سيناريو يمكن أن يحدث.
ففى منشور على منصة إكس، أعلنت القيادة المركزية الأميركية «سنتكوم»، أن حاملة الطائرات يو أس أس ثيودور روزفلت وصلت إلى منطقة عمليات الأسطول الخامس الأميركي، والتى تشمل منطقة الخليج والبحر الأحمر وخليج عمان وأجزاء من المحيط الهندي.
وروزفلت لها أهمية استراتيجية قصوى فى المنطقة، لأن لديها أغراضاً عديدة رئيسية، تشمل تعزيز الأمن البحري، وتوفير الدعم الحاسم للعمليات، وتحقيق الردع والاستقرار، وتمكين عمليات الاستجابة السريعة.
كما أرسل أيضاً وزير الدفاع لويد أوستن طرادات ومدمرات إضافية قادرة على الدفاع الصاروخى فى كل من القيادة الأمريكية الأوروبية والقيادة المركزية الأميركية، بالإضافة إلى نشر وحدات دفاع صاروخى برية إضافية فى المنطقة
وأمر أوستن بإرسال سرب مقاتلات إضافية إلى الشرق الأوسط، فى خطوة هدفها تعزيز قدرة الدفاع الجوى الأميركية، حيث كانت الولايات المتحدة – الحليف الاستراتيجى لاسرائيل – قد ساعدت خلال ضربة أبريل الماضية، فى إسقاط عدد كبير من الصواريخ الإيرانية المتجهة إلى إسرائيل.
كشف البنتاجون عن زيادة الاستعداد العسكرى بالشرق الأوسط بنشر دفاعات صاروخية إضافية، فيما قال مسئولون أميركيون لشبكة سى إن إن، إنهم يراقبون المنطقة بحثا عن أى مؤشرات حول الرد الإيرانى المحتمل.
وتسير مجريات الأحداث فى وقت تتوقع فيه الولايات المتحدة أن تنفذ إيران تهديداتها بالرد على مقتل هنية فى طهران فى ظل احتدام حرب غزة.
وفتحت إسرائيل الملاجيء لمواطنيها تحسبنا لاية ضربات محتمله.
فى الوقت نفسه كشفت وكالة رويترز ان إيران وحلفائها من قادة الفصال عقدوا اجتماعا فى طهران لمناقشة استراتيجية الرد على إسرائيل.
من جانب آخر، مازالت السلطات الإيرانية تحقق فى حادثة اغتيال هنية، حيث اعتقلت أكثر من 20 شخصاً، من بينهم ضباط استخبارات إيرانيين كبار ومسئولون عسكريون وموظفون فى دار الضيافة العسكرى التى أقام فيها زعيم حماس قبل اغتياله.
داهمت عناصر الأمن الإيرانيون مجمع دار الضيافة، التابع لقوات الحرس الثوري، ووضعوا جميع أفراد طاقم دار الضيافة تحت الإقامة الجبرية، وصادروا جميع الأجهزة الإلكترونية، بما فى ذلك الهواتف الشخصية.
كما تم استجواب مسئولين عسكريين واستخباراتيين كانوا مسئولين عن حماية العاصمة، على وضع عدد منهم قيد الاعتقال حتى اكتمال التحقيقات.
وتتولى وحدة الاستخبارات المتخصصة فى التجسس، التابعة للحرس الثورى التحقيق، وتوقيف المشتبه بهم من أجل الوصول إلى أعضاء فريق الاغتيال الذى خطط وساعد ونفذ عملية القتل، وفقًا لما نقلته صحيفة نيويورك تايمز عن مسئولين إيرانيين، طلبوا عدم الكشف عن هويتهما بسبب الطبيعة الحساسة للتحقيقات.
لم يعلن الحرس الثورى حتى الآن عن أى تفاصيل بخصوص الاعتقالات أو تحقيقاته حول الانفجار، ولكنه تعهد بالانتقام الشديد لاسيما بعد الخرق الأمنى الضخم الذى مكن من استهداف هنية، حيث تكشف شدة ونطاق تحقيقات الحرس الثوري، مدى الدرجة التى صدمت بها قيادة البلاد.
بحسب نيويورك تايمز لم يكن هذا الحدث انهيارًا مدمرًا للاستخبارات والأمن فحسب؛ ولا مجرد فشل فى حماية حليف رئيسي؛ ولا دليلاً على العجز عن كبح جماح تسلل الموساد؛ ولا ضربة مهينة للسمعة فحسب بل كان كل هذا، وأكثر من ذلك.