انتهت الضربة العسكرية الإيرانية لإسرائيل بعد استهداف تل أبيب لمقر القنصلية الإيرانية فى دمشق واعتبار ان مقر القنصلية هى أرض إيرانية.. لكن التصعيد مازال قائماً.. والمنطقة قابلة لمزيد من الاشتعال فى ظل إعلان تل أبيب انها سترد على الهجوم الإيرانى الذى جرى بالصواريخ والمسيرات وأعلنت واشنطن انها ترفض الرد الإسرائيلى وأنها خارج حساباته.. وطالبت تل أبيب بعدم الرد والاكتفاء بما حدث… فى ظل مخاوف واشنطن من اندلاع حرب شاملة تشهد مزيداً من تدخل أطراف أخرى تدعم طهران فى ظل الحديث عن تقديم روسيا الدعم لإيران.. وأيضاً ترقب الصين خوفاً على مصالحها فى المنطقة.
الأمور والمشهد فى المنطقة يزداد تعقيداً.. وتبرز المخاوف من مصير مجهول واتساع رقعة الصراع وتدخل أطراف أخرى ونذر الحرب الشاملة فى الإقليم تخيم على المشهد الإقليمي.. وهو ما حذرت منه مصر مراراً وتكراراً منذ اندلاع العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة.. واصرار الكيان الصهيونى على حرب الإبادة التى يشنها ضد الفلسطينيين سواء فى ارتكاب مجازر.. أو فرض الحصار والتجويع.. وتدمير كل معالم ومقومات الحياة.
تحذيرات مصر المتكررة على مدار 6 أشهر تتحول إلى واقع.. وان كانت الحسابات مازالت تحمل آمال وقف المزيد من التصعيد والاشعال خوفاً من أن تطال النيران الجميع.. وان العالم لا يحتاج المزيد من الحرائق والصراعات التى تتسع رقعتها.. فى ظل ما يحدث فى السودان وقطاع غزة.. والبحر الأحمر..
وفتح جبهات فى لبنان.. واستهداف إسرائيل للعمق السورى واليمن والعراق تزامن مع الحرب الروسية- الأوكرانية واستمرار الصراع بالإضافة إلى معاناة العالم من جائحة كورونا.. فالشعوب تريد أن تتنفس الصعداء وتطاردها كوابيس القتل والدماء والخراب والدمار والمعاناة الاقتصادية والأزمات سواء فى ارتفاع الأسعار أو معدلات التضخم جراء تداعيات هذه الصراعات والحرائق المستعرة.
لكن ما هو مستقبل المنطقة فى ظل التهديدات المتبادلة بين طهران وتل أبيب رغم ان بعض الخبراء ذهبوا لإطلاق مصطلح حروب «البلاى ستيشن» بين الجانبين لكن دعونا نتعامل مع الأمر الواقع.. فالضربة العسكرية الإيرانية لإسرائيل هى الأولى من نوعها التى تخرج من الأرض الإيرانية ضد إسرائيل فقد تركزت المواجهات من خلال ما يطلق عليه أذرع طهران فى المنطقة.. لذلك فإن السيناريوهات مفتوحة إلى أبعد مدي.. والمنطقة بأسرها على فوهة بركان.. لذلك فإن الاحتمال الأول ألا تقدم إسرائيل على الرد على الضربة العسكرية الإيرانية «ويا دار ما دخلك شر» وربما إسرائيل فى حالة انهاك وخسائر باهظة وغير مسبوقة على كافة الأصعدة سواء العسكرية أو الاقتصادية والخسائر الفادحة والتكلفة الثقيلة.. ثم حالة الحراك والانقسام داخل المجتمع الإسرائيلى والعزلة الإقليمية التى تواجه إسرائيل بل وتمتد دولياً فى ظل الحراك الشعبى ضد جرائم الكيان الصهيوني.
بات العالم على قناعة ان نتنياهو هو رأس الأفعي.. وأنه وراء كل الخراب والقتل.. وإشعال المنطقة ليس من أجل إسرائيل كما يؤكد شعبها ولكن من أجل البقاء السياسي.. وفى ظل عدم سيطرته على الحكومة خاصة انها تضم وزراء ربما أكثر تطرفاً من نتنياهو الذى يسعى لإطالة زمن الصراع بل ربما يريد مزيداً من التصعيد والإشعال حرصاً على رتبته السياسية واتهامه بالفشل وانه مصدر تهديد لإسرائيل بالإضافة إلى اتهامات بالفساد بما يعنى ان توقف العدوان والحرب على قطاع غزة تعنى ان نتنياهو سوف يلقى مصيره.
الأمر الثانى: أن هناك احتمالاً على قيام إسرائيل بالرد على الضربة الإيرانية.. وقد أعلنت انها ستكون محددة.. فى الوقت الذى قالت فيه طهران ان الرد على الرد سيكون أكثر قسوة وان هناك المزيد من الصواريخ الأكثر فتكاً وان الضربة القادمة ستكون أوسع وأكثر ألماً وإذا حدث هذا السيناريو فإن الأمور والاحتمالات ستكون مفتوحة ويتحول الصراع إلى مستدام والمواجهة إلى حرب.. وبالتالى فإن المنطقة سوف تتجه إلى المصير المجهول..
وسوف تشتعل جبهات كثيرة موالية لطهران.. وبالتالى مزيد من المعاناة.. وربما نتنياهو يريد هذا السيناريو لأسباب كثيرة.. وفى حالة اشتعال المواجهة بين تل أبيب وطهران فإن العالم سيدفع المزيد من الألم والمعاناة وليست دول المنطقة فحسب خاصة الجوانب الأمنية والاقتصادية وارتفاع الأسعار العالمية واضطرابات سلاسل التوريد.. أو تدخل قوى كبرى فى ظل حرب تكسير العظام للسيطرة على النظام العالمي.. سواء التحالف يريد استمرار النظام القائم.. أو المعسكر الآخر أو المعادى الذى يسعى إلى تشكيل نظام عالمى جديد وفى ظل صراع المصالح والنفوذ والاقتصاد والسيطرة على الممرات البحرية أو الطرق المخططة أو محاولات توريط واستدراج دول بعينها فى الصراع تقف حائلاً دون تنفيذ المخطط متعدد الأهداف والأطراف.