إلغاء التعامل المباشر مع الجمهور فى تأدية الخدمة استثمارية كانت أو غيرها هو الطريق الصحيح لمواجهة الفساد بكل أنواعه خاصة المالى أو الإداري، هذا الأمر للاسف الشديد عانينا منه كثيرًا وأهدر نجاحات بالجملة فى الماضي، وأثبتت التجارب بالفعل أن الدول التى سبقتنا فى تحرير الخدمات من العنصر البشرى واستخدمت النظم الحديثة والميكنة فى تأديتها نجحت بامتياز وللأسف لم نستوعب الدرس جيدًا على مدار العقود الماضية وتأخرنا كثيراً فى تجهيز البنية التحتية التى تخاطب هذا التطوير الذى كان يجب البدء فيه منذ الثمانينيات أو التسعينيات من القرن الماضى على الأقل لكى نتوافق مع التكنولوجيا الجديدة فى تقديم الخدمات فى أسرع وقت دون تعقيدات ورشاوى ساهمت فى تعطيل الاقتصاد القومى سنوات كثيرة أهدرت خلالها فرص هائلة للاستثمار الحقيقي.
لابد أن ندرك جيدًا أن الدخول فى مرحلة التنفيذ والتطبيق العملى لأى مرحلة جديدة مثل التحول الرقمى والشمول المالى وغيرها من وسائل التحديث والتطوير، لابد أن يسبقها تجهيزات كبيرة وخطوات مدروسة للوصول إلى بنية تحتية تستطيع تأدية الخدمة وفقًا للمعايير المعمول بها عالميًا، كالمنصات الإلكترونية والأنظمة وشبكات التواصل داخل المؤسسات وبعضها لإنهاء الإجراءات فى أسرع وقت وبأقل تكلفة دون تدخل بشرى أو تلاعب ومحسوبيات، هذه الرؤية السديدة أدركتها القيادة السياسية فى مصر فى السنوات العشر الماضية وخططت لتنفيذها فى إطار الإصلاحات الاقتصادية التى تحققت على أرض الواقع وشملت إصلاحات إدارية كثيرة وتشريعات عديدة بما فى ذلك الإصلاحات النقدية والمالية، هذه الاصلاحات أيضًا تناولت بنية تحتية رقمية يعتمد عليها فى تقديم الخدمة بشفافية دون محسوبية أو وساطة كما كان يحدث من قبل، هذه الإنجازات نجنى ثمارها تباعًا وبين الحين والأخر نحصل على مزايا جديدة فى تقديم الخدمة باسلوب مريح وبأعلى جودة وأقل تكلفة.
ما سبق من حديثى هو واضح بشدة فى إطلاق المرحلة الأولى من منصة مصر الصناعية الرقمية التى أطلقها المهندس كامل الوزير نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية يوم الأحد الماضى بتوجيهات من الرئيس عبدالفتاح السيسي، بهدف التيسير على المستثمرين وتقديم الخدمات الرقمية لهم فى سهولة ويسر، ونقول هنا أنه لولا الخطوات الاستباقية التى اتخذتها مصر فى السنوات العشر الماضية لما تمكنا من إطلاق مثل هذه المنصات التى تنهض باقتصادنا القومي، والأن مطلوب تعميم المنصة الرقمية الصناعية على كافة الأنشطة الاستثمارية حيث هناك أنشطة متعددة نحتاج إنهاء اجراءاتها فى سيولة ويسر دون بيروقراطية أو مغالاة.