يتجه كثير من الشباب المراهقين وكبار السن بل والعديد من السيدات إلى استخدام وتناول الأدوية المحفزة للطاقة حتى تساعدهم فى تحسين الحالة المزاجية وزيادة قدراتهم الذهنية والبدنية على العمل أو التفكير بشكل أفضل. فلم يعد الأمر قاصرا على لاعبى كمال الأجسام الذين يرغبون فى نمو عضلاتهم بسرعة أو الرياضيين بشكل عام الذين تدفعهم رغبتهم العارمة فى أداء التدريبات بشكل جيد والفوز.
والحقيقة أنهم يستخدمون منشطات وعقاقير تباع بعيداً عن أعين الجهات الرقابية، وتستورد من الخارج عبر مسافرين، أو عبر البريد أو بطرق غير مشروعة. وأدى إقبال المئات على تعاطى هذه الأدوية المنشطة إلى انتشار تجار يروجون لها بين الشباب، ويجنون أرباحاً تقدر بمئات الآلاف شهرياً. والمصيبة الكبرى أن استخدام هذه الأدوية دون استشارة الطبيب ودون الحاجة إليها أصلا مع عدم الاكتراث لما تسببه من مضاعفات صحية جسمية على المدى القصير والبعيد قد لا يمكن علاجها والنجاة منها وقد تؤدى إلى الوفاة.
حادث وفاة 4 أصدقاء فى محافظة القليوبية بسبب تناول أدوية منشطة مستوردة من الخارج عبر أحد أصدقائهم وإصابة اثنين آخرين بنفس الأعراض.. دفعنا إلى دق أجراس الإنذار فى سطور هذا التحقيق.
د.حاتم غازى استشارى الحالات الحرجة لأمراض القلب والصدر ـ يؤكد أن تعاطى الأدوية بدون استشارة الطبيب قد يؤدى إلى حدوث مشاكل صحية جسيمة، الله خلق فى الإنسان جهازاً عصبياً منشطاً وجهازاً عصبياً مهبطاً. الجهاز العصبى المنشط يبدأ العمل مع الفجر لينشط الجسم ويزيد عمله بالتدريج ويمتد إلى المغرب ثم يبدأ يهدأ وفى الوقت نفسه يبدأ الجهاز المهبط فى العمل حتى يشعر الإنسان بالرغبة فى الراحة وينام حتى يستعد للعمل فى اليوم التالي. الجهاز العصبى المنشط يقوم برفع ضغط الدم ويدفعه للعضلات ويزيد ضربات القلب ويحسن وظائف المخ ويزيد التركيز. أما الجهاز العصبى المهبط فيقوم بعكس ذلك.. الجهازان يعملان بنظام متوال دقيق. أحدهما يعمل نهاراً والآخر يعمل ليلاً وهكذا لذلك خلق الله النهار للعمل وهيأ الجسم لذلك وخلق الليل للراحة.
يضيف قائلاً: للأسف لجوء بعض الشباب إلى تعاطى الأدوية المنبهة يعود إلى عدة أسباب أهمها تحسين المزاج والهروب من الواقع أو العمل ساعات طويلة لتحسين الدخل أو رغبة بعض الشباب فى بناء عضلات فى وقت قصير.. موضحاً أنه عادة عندما يشعر بعض الأشخاص بالخمول وعدم القدرة على العمل يبدأون فى تناول المنبهات مثل القهوة والشاى والمدخنات ويكون لها تأثير فى زيادة تشغيل الجهاز العصبى المنشط فيمنحهم إحساساً أكبر بالتركيز والانتباه وزيادة القدرة على العمل. لكن بدأت منتجات أخرى تجذب العديد من هؤلاء الأشخاص مثل مشروبات الطاقة والنسكافيه وغيرهما وهى عبارة عن تركيزات أكبر من الكافيين. وكذلك بعض الأدوية والمدخنات بأنواعها التى يعتادها المدخن ويضطر مع الوقت أن يزيد من كمياتها رغبة فى الحصول على قدر أكبر من التركيز والانتباه وهنا يكن الخطر.
يكشف د.غازى إن الأشخاص الذين يتعاطون هذه المنبهات يعتادون عليها مع كل فترة يحتاج الجسم كمية أكبر فتزيد لديهم الرغبة فى تجربة المزيد والأقوى منها وقد وصل الأمر ببعض الشباب الذين يمارسون رياضة كمال الأجسام إلى تعاطى منشطات رغبة فى منحهم قوة أثناء التمرين وتنشيط العضلات بدون استشارة طبيب أو متخصص وأدى ذلك إلى تلف العضلة وتيبسها.. محذراً من أن التنشيط الزائد للجهاز العصبى عن طريق تعاطى الأدوية المنشطة يمكن أن ينتج عنه ارتفاع مفاجئ للضغط فيؤدى إلى حدوث جلطة أو نزيف فى المخ والتى تسمى سكتة دماغية أو جلطة فى القلب أو انقباض فى الشرايين. فيجب استشارة الطبيب قبل تعاطى أى أدوية عموماً وخاصة التى تؤثر على الجهاز العصبى حتى نتجنب هذه الأخطار التى قد تؤدى إلى الموت.
ويضيف أن الدولة ممثلة فى أجهزتها المختلفة تقوم بدورها فى منع دخول مثل هذه الأدوية البلاد وتجهض الكثير من محاولات المهربين، ولكن ما يدخل منها يمر عبر أشخاص يجلبونها بشكل شخصى ويجب على وسائل الإعلام المختلفة أن تقوم بدور كبير لتوعية المجتمع من خطورة هذا المنشطات التى تمثلا خطراً كبيراً على الصحة.
أما د.صبرى الطويلة ـ رئيس لجنة الحق فى الدواء بنقابة الصيادلة ـ فيؤكد أنه لا توجد فى السوق المصرية ادوية محفزة او منشطة وما يتم ترويجه عبر وسائل التواصل الاجتماعى وعبر قنوات غير شرعية هى أدوية مهربة وغير خاضعة للرقابة الدوائية وغير مدرجة فى سجلات الادوية المصرية. واذا كان هناك بعض المواد التى تدخل فى الأدوية المخدرة مثل الأمفيتامين فهذه عليها محاذير خطيرة جدا وهى فى جدول أول للادوية المؤثرة على الحالة النفسية ولها معايير معينة فى الصرف والجلب والتداول. أما ما يتم تداوله عبر صفحات الانترنت فليس عليها رقابة وهى تنتشر نتيجه التسويق بشكل شخصى عبر بعض الصفحات المجهولة والتى يلجأ إليها من يحتاج حالة من «الإيفوريا» سواء كانت طاقة زيادة لها علاقة بالطاقة الجنسية او لاستكمال بعض الاعمال المنزلية او الشغل الذى يتطلب طاقة بدنية أعلى او سهر لفترة طويلة او بذل طاقة اكبر. كل هذه الادوية سيئة السمعة لانها غير خاضعة للرقابة الدوائية من قبل هيئة الدواء المصرى ولا مدرجة ضمن الادوية التى تباع فى الصيدليات.
وإذا كانت الوزارة المصرية كما يؤكد د.الطويلة تتبع كل المعايير الدوائية الدولية التى تحقق مأمونية وفعالية الدواء المتداول فى الصيدليات أو المستشفيات. إنما هذه الأدوية التى يلجأ اليها بعض الناس عن طريق جلبها من الخارج أو دخولها للبلاد بشكل غير شرعى يجب التعامل معها بحزم. فهى ادوية مجهولة المصدر تأتى عبر مصادر غير معروفة وللأسف الشديد تمثل ما يزيد على 10٪ من سوق الدواء الموازى للصناعات الدوائية المصرية التى وصلت إلى 150 مليارات جنيه. اذن هذه الأدوية المهربة تمثل حوالى 15 مليار جنيه تقريباً من السوق الموازية للادوية المغشوشة بكل أنواعها وليس المحسوبة فقط على الأدوية المنشطة أو المحفزة.
والأخطر رغم أن هيئة الدواء المصرية تقوم بدور فى التوعية عن طريق عمل نشرات دورية بمخاطرها. ولكن يبقى الصوت الاعلى لتلك الصفحات التى تروج لها وتقوم بالاعلان عنها وتوصيلها الى باب البيت.
مؤكداً أن الكثير من القنوات الفضائية لا تلتزم بميثاق العمل الاعلامى وتبث اعلانات لادوية مزيفة وغير مدرجة ضمن الادوية المصرية وللاسف الشديد الكثير من القنوات ترفض الانصياع لمعايير الاعلان ورأينا كثيرا من هذه الادوية سبب العديد من المشاكل الصحية للذين استخدموها. يجب ان نقوم بتوصيل رسالة للمشاهد ان أمنه وأمانه فى الصيدلية وباستشارة الطبيب والمجلس الأعلى للاعلام يبذل وجهداً كبيراً فى مواجهة الوسائل الاعلامية التى تشارك فى هذه الجريمة لكن هناك وسائل مختلفة يلجأون إليها.
الطويلة ينصح باستشارة الطبيب قبل تعاطى اى ادوية لان الطبيب هو وحده الذى يدرس حالة المريض ويحدد المناسب له من الدواء وما يناسب مريضا معينا ليس بالضرورة أن يناسب مريضا آخر له نفس الأعراض ولا الجرعة كذلك.
ويلفت د. حمدى نبوى استشارى المخ والأعصاب والمشرف العام على تخصص جراحة المخ والأعصاب بالهيئة العامة للرعاية الصحية ـ ان الله سبحانه وتعالى خلق الكون بتوازن رهيب جدا فالانسان يشعر بالتعب حتى يرتاح فان لم يأكل ويحصل على قسط من الراحة ينهارالجسم وينتهي. فقد خلق الله سبحانه وتعالى الليل للراحة والنهار للعمل. فلابد من النوم والراحة حتى يستطيع الفرد العمل بشكل جيد ولا يحتاج الى اللجوء الى اى دواء او منشطات واذا تناول دواء يجعله لا يستطيع ان يشعر بتعب فانه بذلك يقضى على جسمه. فالتعب عملية فسيولوجية تدفع الجسم للحصول على الراحة ليستعيد نشاطه مرة اخري.
لذلك الأدوية المحفزة التى تجعل الجسم نشطا اكثر من اللازم تجعله لا يشعر بالتعب وبالتالى لا يحصل على قسط من الراحة ومعظم هذه المركبات على المدى الطويل تتسبب فى حدوث فشل كلوى وتؤثر على القلب ثم تتسبب فى جلطة فى شريان القلب مما يؤدى الى الموت المفاجئ.. فيجب على كل من يتعاطى مثل هذه المركبات ان يقوم بعمل فحص وظائف الكلى لكى يطمئن على صحته.
ويؤكد د. حمدى أنه من الضرورى جدا استشارة الطبيب قبل تعاطى اى ادوية فبعض الادوية المسموح ببيعها فى الصيدليات اذا تعاطى منها جرعة كبيرة قد تؤدى الى تسمم او اضرار جسيمة.. مشيراً إلى أن قرار مجلس الوزراء بعمل تحاليل مفاجئة للموظفين للكشف عن المنشطات والمخدرات سيحد جدا من انتشارها خاصة أن عقوبة من يثبت تعاطيها ستكون الفصل من العمل.
ويرى أن أى إنسان فى مصر يستطيع ان يذهب لاى صيدلية ويشترى اى علاج يريده وهذا خطر كبير فلابد من تعديل القانون المصرى وضرورة منع صرف اى ادوية بدون روشتة وكذلك لابد من منع عمل غير الصيدلى فى الصيدلية.
يكشف محمد طارق – مدرب كرة قدم – أن العديد من الشباب يلجأون إلى تعاطى ادوية منشطة بسبب عدم قدرتهم على العمل بشكل جيد وذلك بسبب الضعف البدنى او قلة النوم والسهر وعدم الراحة فمثل هذه الادوية تمنحهم قوة ولكن المصيبة تأتى فى النهاية بتدمير الصحة. كذلك يلجأ بعض اللاعبين الى تعاطى هذه الادوية لكى يستطيعوا التدريب بشكل جيد والحصول على قوة بدنية قوية والاداء فى المباريات بشكل قوى ولكن هو لا يدرى انه بذلك يضع نهاية حتمية سريعة لمشواره الرياضى ولحياته.
وينصح الشباب بالمحافظة على تناول الاطعمة المفيدة الصحية وممارسة الرياضة بشكل منتظم للحفاظ على اللياقة البدنية والنوم مبكرا وعدم السهر والاعتماد على الفواكه والعصائر الطبيعية لتزويد الجسم بالفيتامينات الطبيعية والبعد عن التدخين بانواعه.
ويؤكد على ضرورة توعية المجتمع بمخاطر تناول الأدوية المحفزة وذلك بإبراز مدى الضرر الذى أصاب نماذج استخدمت هذه المنشطات بالفعل واثرت عليها بالسلب حتى تكون عبرة. وايضا عن طريق عمل حملات اعلانية على كل القنوات توضح الاضرار الجسيمة لتناول هذه المنشطات على غرار الاعلانات التى كانت تحذر من تعاطى المخدرات. كذلك نطالبهم بعمل حملات توعية للشباب فى المدارس والجامعات والأندية والمساجد والكنائس بخطورة تعاطى هذه الادوية واهمية الحفاظ على صحة الانسان التى هى امانة يجب الحفاظ عليها.
كما يطالب بتسهيل ممارسة الشباب للرياضة بالمجان أو باشتراك رمزى وعمل ساحات رياضية مفتوحة فى الحدائق العامة ليتم تشجيعهم على ممارسة الرياضة.
الدكتور على عوف رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية يرى أن لجوء الكثير بين الناس إلى تعاطى أدوية تحسين مرخصة هى ثقافة مجتمع وليست فى مصر فقط فالناس تتأثر بالإعلانات التى تنتشر عبر السوشيال ميديا والقنوات الفضائية التى تبث سمومها بأدوية غير مرخصة عن التخسيس وتحسين المزاج. وأكد عوف على ضرورة استشارة الطبيب قبل تعاطى الدواء لأن كل دواء له جرعات حسب الوزن والحالة الصحية وهى أمور يراعيها الطبيب قبل وصف الدواء لأى مريض. فالدواء الآمن هو ما يباع من خلال الصيدلية. أما ما يباع خارج الصيدلية فهو فى حكم مجهول المصدر. وعلى ذلك فإن صفحات السوشيال ميديا تبيع الوهم للمواطنين عن طريق الاعلان عن ادوية غير مرخصة.
يشير د. على عوف إلى أن الصيدلى له الحق فى ان يصف للمريض أدوية معينة دون اللجوء للطبيب.. وهو ما يسمى OTC مثل الأدوية التى تستخدم للتخلص من آلام الجسم وقانون ادارة المهنة اعطى الحق للصيدلى فى وصف وصرف هذه الأدوية دون اللجوء لطبيب.
أكد أن بعض الادوية مثل المضادات الحيوية يجب ألا يصرفها الصيدلى إلا بناء على روشتة او مزرعة بول او غيره بحيث يستطيع ان يحدد نوع الميكروب الذى يريد القضاء عليه.. ويؤكد أن فى مصر سوء استخدام كبيراً للمضادات الحيوية.. الصيدلية هى الضمان والأمان لشراء العلاج لانك تستطيع ان تعود اليها اذا حدثت اى مشكلة بعد تعاطى الدواء. اما اذا تم شراء الدواء عن طريق وسائل التواصل فلن تستطيع ان تعود اليه اذا حدثت أى مشكلة. فهم يبيعون هذه الادوية ثم يختفون!!
أوضح عوف أننا بدأنا أولى مراحل منع صرف ادوية المضادات الحيوية إلا بروشتة بالمستشفيات الجامعية ومستشفيات وزارة الصحة والتأمين الصحى حيث يتم صرف الادوية عن طريق المستشفي. وكان لابد من هذه الخطوة لأننا فى مصر نسيء جدا استخدام المضادات الحيوية حتى وصلنا فى بعض الحالات الى اننا لا نجد مضادا حيويا فعالا لعلاج حالات مرضية اصبح لديها مناعة كبيرة لكل المضادات الحيوية الموجودة.
والمرحلة الثانية هى الصيدليات وبدأت بتوعية الناس عن طريق اصدار هيئة الدواء بيانات توزع باستمرار على جميع الصيدليات توضح فيها خطورة استخدام المضادات الحيوية ولابد ان يكون هناك توعية للناس ان يتم صرف العلاج عن طريق الروشتة وان يصرف المريض الكمية التى يحتاجها فقط.
ويشير إلى أن هناك شركات اجنبية عالمية تعمل على وضع نظام للمضادات الحيوية داخل مصر وهو بعد اجتماعى تساعد من خلاله البلد ألا يباع فيها مضادات الحيوية الا بروشتة مثل ما يحدث فى امريكا واوروبا ،فهناك شركات ممكن ان تتبنى الإنفاق على هذه الحملة كنوع من انواع العمل الاجتماعى الذى تقوم به الشركات الكبري.
يضيف أن اكثر الدول التى يأتى منها الادوية وتدخل البلاد بشكل غير شرعى تركيا والصين والهند واكثر الادوية التى يتم تهريبها هى الفيتامينات والبنادولات والسنترام وادوية الاورام. وترجع أسباب جلب الادوية من الخارج بشكل غير شرعى هو عدم توافرها فى مصر أو أن عليها طلبا كبيرا او موجودة بنسبة بسيطة أو لايباع الا بروشتة.
وأوضح أن الأجهزة المعنية تقوم بدور كبير لتوعية وحماية المواطنين والقضاء على الادوية غير المرخصة عن طريق جهاز حماية المستهلك ومباحث التموين ونقابات الصيادلة لها دور مهم فى تحذير الصيادلة من التعامل مع شركات او ادوية غير مرخصة او مجهولة المصدر وان يكون الصيدلى على علم بأنه المسئول عن الأدوية الموجودة فى الصيدلية.
ويطالب بعمل خط ساخن للإبلاغ عن الادوية مجهولة المصدر أو المصانع مجهولة المصدر او اى مصدر يروج لبيع أدوية مجهولة حتى يتم التعامل معهم بسرعة والضرب بيد من حديد على يد كل من تسول له نفسه غش الدواء.