14 نقطة.. فى 11 محافظة.. على مسافة 3500 كيلو متر.. جاهزة تماماً لاستقبال الحجاج المسيحيين
خاطبنا رؤساء كنائس العالم.. «الفاتيكان» يدعمنا رسمياً.. و«اليونسكو» تضع المسار على قائمة التراث الإنسانى
القطاع الخاص والمجتمع المدنى يشاركان فى التسويق السياحى
مخطط استراتيجى.. يضمن تطويراً شاملاً يليق بالحدث التاريخى
فوز «القاهرة» بعاصمة السياحة لدول التعاون الإسلامى تقدير مستحق.. واعتراف بتميزنا
مصر ليس كمثلها وطن فى أنحاء الأرض قاطبة.. تاريخ وواقع لا يقبل الجدل.. كل شبر من أرضها موطئ لحدث أو أثر له دلالاته فى تاريخ البشرية.. وليس أدل على ذلك من رحلة العائلة المقدسة التى كانت فيها مصر ملاذا آمنا للمسيح عيسى عليه السلام ووالدته مريم العذراء ويوسف النجار وسالومى القابلة التى نذرت حياتها لخدمتهم.. رحلة الألم والمعاناة هرباً من هيرودس ملك اليهود الذى أمر بقتل كل طفل لم يبلغ العام الثانى من عمره خوفاً على ملكه من نبوءة تبشر بمولد المسيح وانتهاء سلطانه.. إلا أن الوحى ألهم يوسف النجار بالرحيل مع مريم العذراء ووليدها إلى مصر لتبدأ رحلتهم إليها والتى استمرت 4 سنوات إلا شهراً واحداً.. يوم 24 بشنس الأول من يونيو فى السنة الثانية للميلاد حطوا رحالهم فى محطتهم الأولى ما بين مدينتى العريش وبورسعيد.. حيث منطقة الفرما ليبدأ مسار العائلة عبر 25 نقطة مروراً على الأراضى المصرية بطول 3500 كيلو متر بينها 14 موقعاً فقط فى 11 محافظة تحمل آثاراً مادية..
هذا ما أكده لنا المهندس عادل الجندى رئيس الإدارة الإستراتيجية بوزارة السياحة والمنسق الوطنى لمشروع العائلة المقدسة فى مصر فى حواره مع «الجمهورية» بمناسبة انتهاء الاستعدادات لاستقبال رحلات الحج المسيحى التكميلى على مسار العائلة المقدسة وهى الاستعدادات التى شملت تطوير وتنمية المناطق العمرانية على المسار بتعاون وثيق بين وزارة السياحة والآثار والمحليات وجهاز التنسيق الحضارى ومؤسسات المجتمع المدنى طوال 10 سنوات مضت فى إطار إستراتيجية الدولة لإحياء المسار دعما للجذب السياحى وتعزيز تميز السياحة الدينية فى مصر كما يأتى الحوار متزامنا مع الذكرى 2022 لزيارة العائلة المقدسة التاريخية إلى مصر.
> كيف نجحت الدولة فى إحياء مسار العائلة المقدسة بهذا المستوي؟
>> خلال 10 سنوات عملت أجهزة الدولة بجد واجتهاد على تنفيذ خطة إحياء المسار وتطوير المناطق التى يمر بها تطويراً شاملاً مع مراعاة ان المسار يحتوى 25 نقطة أو محطة توقفت بها العائلة المقدسة بينها 14 نقطة فقط فى 11 محافظة بها آثار مادية ملموسة.. فمثلاً قطعت العائلة المسافة بها 5 نقاط بين رفح المصرية والفرما شرق بورسعيد دون اثر ملموس لذلك فان اولى النقاط التى بها أثر مادى ملموس هى النقطة رقم 6 فى الفرما يلى ذلك 3 نقاط فى ثلاث محافظات بالدلتا ثم وادى النطرون بالبحيرة ومسطرد بالقليوبية وشجرة مريم بالمطرية ومنطقة مصر القديمة والمعادى بالقاهرة ثم ميت رهينة بالجيزة ثم المنيا وأسيوط وكلها نقاط عبور للعائلة فى مناطق تم تجهزها لاستقبال الزوار.
> وما تكلفة أعمال تطوير المشروع حتى الأن؟
>> التكلفة الإجمالية لتطوير المسار بلغت حوالى 320 مليون جنيه ساهمت فيها وزارة السياحة والآثار بمبلغ 60 مليون جنيه كما ساهمت وزارة التنمية المحلية بمبلغ مماثل بينما تم توفير باقى التكلفة من الموازنات التخطيطية للمحافظات التى تقع بها نقاط المسار.
> لكن المهم كيف تصل الرسالة إلى العالم ليعرف جاهزية مصر لاستقبال زوار المسار؟
>> بدأنا بالفعل تنفيذ مخطط مدروس ومبتكر لحملات متخصصة للتسويق السياحى يشمل تنظيم رحلات تعريفية ولقاءات مع منظمى الرحلات ووكلاء السفر ورؤساء الكنائس والقيادات الدينية المحلية والعالمية ومخاطبة الفاتيكان واطلاعهم على مكونات تنمية المسار وخطة الدولة فى هذا الشأن كما اشركنا القطاع الخاص للمساهمة فى خطط التسويق السياحى خاصة أن المخطط الاستثمارى أتاح نحو 70٪ لهذا القطاع فى الخدمات السياحية المتوفرة على المسار من فنادق ومطاعم وكافيهات ومحلات لبيع الهدايا التذكارية والمصنوعات المحلية وهو ما يحفز أصحاب الاستثمارات على القيام بمهام الدعاية والتسويق للسلع والخدمات التى يقدمونها فى نقاط المسار.
> لكن من المفترض استخدام التقنيات الإلكترونية فى خطة التسويق للمسار؟
>> تم التنسيق مع اليوتيوبر المؤثرين إعلامياً لدى الفئات المختلفة من السياح فى مختلف أنحاء العالم لتنفيذ خطة تسويقية مدعومة بمعلومات ومقاطع تم تصويرها خلال رحلات تعريفية تم تنظيمها لهم فى مواقع المسار كما تم عمل ابلكيشن يمكن للسائح من خلاله رصد وتتبع مراحل الرحلة ومشاهدة الآثار بتقنيات الواقع الافتراضى وكل وهذا حقق نسبة مشاهدات عالية رغم حداثة التجربة.. ويجرى العمل الآن فى موقعين بجبل الطير وأربعة مواقع بوادى النطرون وثلاثة مواقع فى محافظات الدلتا وأوشكنا على الانتهاء من استخدامها فى إطار خطط الترويج لزيارة المسار.. وأثمر الجهد التسويقى فى إنجازات مبشرة حتى الآن منها أن إحدى شركات السياحة خصصت مركبها لبرنامج زيارة المسار عبر نهر النيل بمعدل رحلتين أسبوعياً وجذبت بالفعل العديد من العملاء ويشهد الحجز على الاستمتاع بخدماتها إقبالاً متزايداً وهو ما يترجم نجاح وإيجابية دور القطاع الخاص فى الترويج للمسار فى إطار المخطط الإستراتيجى والضوابط التى حددتها الدولة.
> ما أهم الجنسيات التى أقبلت على زيارة المسار حتى الآن؟
>> السواد الأعظم حتى الآن من المصريين بينما تراوحت نسبة الزوار الأجانب مابين 20 و30٪.. وهذا يتوافق مع المرحلة الأولى من المخطط التسويقى.. وقد درسنا تعزيز جذب السياح الأجانب بعد رصد حيثيات قرار السفر لديهم.. ووجدنا انه يتأثر بثلاثة توجهات الاًول ينتج عن استشارة السائح رئيس كنيسته عن المسار للتبرك بزيارته لذلك قمنا بالتواصل مع رؤساء الكنائس والثانى عن طريق موقع اليونسكو الذى يلجأ اليه السائح المثقف لفتح مواقع التراث العالمى اللامادى الداعم للروحانيات لذلك حرصنا على ادراج المسار ضمن مكونات الموقع الإلكترونى لليونسكو منذ العام الماضى.. والثالث كتالوج الفاتيكان الذى يتضمن مسار العائلة المقدسة منذ زيارة بابا الفاتيكان مصر وإعلانه مسار العائلة المقدسة ضمن أركان الحج المسيحى.. من هنا نضمن وصول الترويج لكل الفئات المستهدفة بأكثر من وسيلة وقد ظهرت ثمار تلك الخطة بوضوح فى منطقة جبل الطير حيث تزورها حالياً أعداد كبيرة من دول أمريكا اللاتينية خاصة البرازيل اضافة إلى الألمان رغم ان ألمانيا لم تكن مدرجة ضمن الأسواق الرئيسية لزوار مسار العائلة.. وكلها مؤشرات إيجابية تشير إلى اننا نمضى بقوة على الطريق الصحيح.
> ما التعداد المستهدف عالمياً لقاصدى الحج بزيارة المسار؟
>> يجب أولاً أن تعرف أن عدد الكاثوليك فى العالم نحو 2.4 مليار شخص وهى الشريحة الأعظم المهتمة بمسار العائلة المقدسة فى مصر إلا أننا نهتم كذلك بأتباع الكنائس الأخرى بما فى ذلك الكنائس المصرية والعربية من الأرثوذكس من خلال العناية بتطوير كنيسة الروم الاثوزكس ضمن المسار لجذب المسيحيين من الطوائف الأخرى خاصة فى سوريا والأردن ولبنان بالإضافة إلى مصر ورصدنا إقبالاً ملحوظاً منذ بدء فتح الزيارة للمسار فى منطقة مصر القديمة حيث يتجلى أعظم مشهد معمارى فى كنيسة الروم فضلاً عن كنيستى أبوسرجة والمعلقة وهذا يرجع إلى ان البرج أو الحصن بكنيسة الروم من ابرز معالم المنطقة فضلاً عن احتواء الكنيسة على أقدم معقل لأدوات التعذيب الرومانية القديمة وأداة مقياس النيل وهو ما ضاعف ثراء الموقع وتحفيز السياح على الزيارة وهو ما تعززه التوقعات حول معدلات السياحة الوافدة مع بداية العام القادم.
> إذن ماذا عن أعداد السائحين المتوقع زيارتهم للمسار خلال الفترة المقبلة؟
>> تدور التوقعات حول ما يقدر بنحو 3 ملايين زائر بداية من العام المقبل ليصل إلى 15 مليون سائح سنوياً خلال العشر سنوات القادمة.
> كيف منحت الدولة فرصاً لمشاركة القطاع الخاص والقطاع المدنى للمشاركة فى العمل على المسار؟
>> بات لدى القطاع فرصا كبيرة لتنويع برامجهم السياحية والخدمات للسائح بعد شمول التطوير البنية الأساسية والمرافق ليس فى مواقع المسار فقط ولكن لكل المواقع المجاورة له والمؤدية اليه سواء كانت مواقع أثرية أو مناطق ريفية دعما لمختلف الأنماط السياحية سواء كانت ترفيهية أو ثقافية أو صحية أو ريفية مع مراعاة ان بعض هذه المواقع تتناسب مع مسار السائح المسيحى القاصد للحج فمثلاً فئة كبار السن وهم الشريحة الأكبر تتاح لهم فرصة العلاج عبر السياحة الصحية فى زيارة العيون المائية والرمال وجبال الملح واشعة الشمس فى وادى النطرون.. وهذا يعنى فرصاً أكبر للقطاع الخاص فى تنويع البرامج السياحية لإشباع احتياجات أعداد أكبر من العملاء.. من جهة أخرى شملت خطة تأهيل المجتمعات المحلية واشراك مؤسسات المجتمع المدنى والجمعيات التى بلغ عدها 6 جمعيات حتى الآن فى وضع وتنفيذ برامج التدريب لتنمية قدرات الأهالى فى استثمار الزيارات وحسن استقبال السائح وكفاءة التعامل معه والطرق اللائقة للاستضافة والاهتمام بنظافة المكان وفرز وتدوير المخلفات فيه وتحفيزه على ذلك من خلال تعريف الفرد بأهمية ومردود السياحة على الدخل والاقتصاد وتوفير العملة الأجنبية فضلاً عن التدريب على إنتاج المصنوعات من الخامات المحلية وتجميلها بأيقونات أو علامات أو زخارف ذات طابع دينى وكيفية تأسيس مشروعات متناهية الصغر وبيان الإجراءات الخاصة بها والجهات المعنية بذلك وكيفية تطويروإدارة مخاطرالمشروع.
> فى إطار الحديث عن دعم وتنشيط السياحة الدينية فى مصر.. ماذا عن مزارات أهل البيت من حيث خطط التطوير والترويج التى شهدتها المواقع الخاصة بها مؤخراً؟
>> نملك فلسفة مرجعية عمادها تاريخ مزارات أهل البيت ومكانتها الرفيعة لدى المسلمين فى كل بقاع الأرض.. وسعينا لتحويل هذه المواقع إلى منتج سياحى قادر على الجذب السياحى بما لذلك من مردود ثقافى وعقائدى واقتصادى كبير فمثلاً كل من مساجد عمرو والسيدة عائشة والحسين وغيرها تقع ضمن مسارات القاهرة التاريخية والدينية وكان لزاماً علينا العمل على تطوير هذه المناطق تطويراً شاملاً يتضمن كل المواقع بما فيها من آثار وطرق ومنشآت وخدمات لهذا شمل التطوير مجرى العيون وشارع صلاح سالم وكل المناطق المحيطة مثل عين الحياة وعين الصيرة وتلال الفسطاط توفيراً لأماكن راحة للسياح وكذلك الترفيه وتناول الاطعمة والاستمتاع بمشاهدة القاهرة من المناطق المرتفعة وفى نفس الوقت توفير فرص تعزز إنفاق السائح وتوفير المزيد من فرص العمل والكسب للمواطنين.. كذلك امتد التطوير ليشمل منطقة الدرب الأحمر والقلعة مروراً بجامعى الأزهر والحسين والقاهرة الفاطمية وهو ما يمثل مسار مزارات أهل البيت التى تم دعمها بخدمات سياحية متنوعة فى إطار منظومة انتجت مشهداً عمرانياً عالمياً يشكل فى مجموعه مشروعاً شاملاً لمسارات متعدده منها مسار أهل البيت ومسار العائلة المقدسة ومسار وجه القاهرة الإنسانى الذى يتضمن السيدة زينب ومولد الحسين والتمشية على الكورنيش والأكلات والمشروبات الشعبية مثل حمص الشام والذرة المشوية فضلاً عن مسارات الترفيه والأسرة الذى يحوى الجزر الجديدة والناشيونال بارك وعين الحياة وممشى أهل مصر وكل هذا يصب فى مخطط تحويل مصر إلى مزار عالمى.
> هل اكتمل تنفيذ المخطط الخاص بهذا الشأن أم لا يزال العمل جارياً فيه؟
>> لدى قطاع الآثار خطة لتطوير مسار آل البيت وهى خطة طويلة وممتدة لأن هناك العديد من المبانى التاريخية والأثرية مجاورة لمزارات أهل البيت تحتاج إلى ترميم فمثلاً هناك مسجد ابن قلاوون مابين الازهر والحسين يعد أثراً مهما يجب ترميمه لتشمله زيارات قاصدى أهل البيت وكذلك مسجدا السلطان حسن والرفاعى بجوار القلعة يقعان ضمن مسار المرور لآل البيت وهو ما يوضح أهمية ان يكون المخطط شاملاً ومتكاملاً ليحقق الهدف الإستراتيجى من استثماره سياحياً.
> كيف ترى فوز مدينة القاهرة بلقب عاصمة السياحة للدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامى لعام 2026؟
>> كان ذلك مفاجأة سارة للغاية إلا أنها تعبر عن تقدير مستحق لتميز عاصمة مصر وكفاءة الفريق الذى أعد الملف الخاص بالمشاركة فى المنافسة القوية والتى استطعنا فيها الفوز على منافسين عمالقة فى هذا المجال مثل مدن تركيا وإيران وماليزيا والسعودية وغيرها.
> ما المعايير التى تطلبها الفوز بالجائزة؟ وكيف تم اجتيازها؟
>> كانت معايير واشتراطات صعبة للغاية ويضاف إليها المنافسة القوية مع مدن تربعت لفترات طويلة على رأس قائمة المدن السياحية الإسلامية ولكننا نثق فى اختلافنا وتميزنا واتخذنا من طبيعة ثقافتنا وعاداتنا انطلاقة لتقديم أنفسنا بشكل جديد أضف إلى ذلك عوامل مهمة للغاية على رأسها الاستقرار الأمنى وتوافر عوامل الراحة لذوى الهمم وكثافة عدد الفنادق بمختلف المستويات وتوافر عنصر الندرة والتميز فى أنماط الحياة الإنسانية النابعة من الثقافة والعادات والتقاليد المصرية وهذا ما أبهر لجنة التحكيم لتمنحنا فى النهاية اللقب.
> ما الآثار الإيجابية المتوقعة على السياحة المصرية بعد هذا الفوز؟
>> هذا الفوز انطلق بالقاهرة من الدائرة الإقليمية بالشرق الأوسط إلى العالمية دون جدال وتقدمنا فى المنافسة على مدن لها تاريخ فى السياحة العالمية مثل اسطنبول بتركيا بما يحفز سياح العالم لاختيار القاهرة فى المرحلة المقبلة لتكون قبلتهم الرئيسية فى النزهة والسياحة خاصة أن ما لدينا من مقاصد وأنماط سياحية متنوعة يمكنها إرضاء جميع الأذواق وتلبية احتياجات كافة فئات وطوائف السائحين من مختلف أنحاء العالم.