نتحدث كثيراً عن طبقات المجتمع– أى مجتمع– فهناك الطبقة الوسطى التى تمثل العمود الفقرى ورمانة الميزان فى أى مجتمع، وهناك الطبقة العليا أو طبقة الأثرياء والأغنياء، وهناك أيضاً الطبقة الدنيا أو الفقيرة ومن هم تحت خط الفقر، ومعهم المهمشون وساكنو القبور، ومفترشو الشوارع. وهناك دراسات وتقارير كثيرة تتناول مكونات تلك الطبقات وآليات الزحف الطبقى والحراك المجتمعى من طبقة إلى أخري، إلى الأمام وإلى الخلف، لكن يكثر الحديث عن الطبقة الوسطى وتآكلها، أوإعادة تركيبها وفقاً للتغيرات التى تشهد المجتمعات بشكل عام، لكننى أضيف هناك طبقة جديدة بدأت تتشكل فى معظم المجتمعات، ومنها مجتمعاتنا العربية، وبالطبع المجتمع المصرى الذى هوموضع اهتماماتنا الأساسية، هذه الطبقة سميتها «الطبقة الممتعضة».. بدأ تكوين تلك الطبقة من هؤلاء الذين يبحثون عن دور أو مكان، أو مكانة فى المجتمع، وكذلك هؤلاء الذين كانوا يتولون مناصب أووظائف مرموقة وانتهت مدد خدمتهم لسبب التقاعد، أو التغيير، أو سوء الأداء، ومن مكونات هذه الطبقة هؤلاء الذين ظلمتهم المعادلات المجتمعية السائدة التى أبعدتهم عن دوائر الضوء، ومن هؤلاء أيضاً هؤلاء الذين ارتكبوا جرائم أو مخالفات وخرجوا بعيدًا حيث دور العقاب أو السجن، وبالطبع هناك رجال مال وأعمال اعتادوا تحقيق أرباح طائلة من جراء علاقاتهم مع السلطة فى وقت ما، وعندما توقفت هذه الأرباح أو قُنِّنَت تحولوا إلى أنياب الطبقة الممتعضة.. هناك كتاب وصحفيون وإعلاميون كانوا ملء السمع والبصر، وعندما خرجوا من تلك الدوائر بفعل عمليات التعرية والإزاحات الحلزونية الطبيعية سارعوا بالانضمام إلى هذه الطبقة، وتحدثوا باسمها.. هناك ضحايا الأزمات الاقتصادية من الطبقات الوسطي، انضموا رغمًا عنهم إلى تلك الطبقة، وهناك كذلك تجار المخدرات والمتعاطون الذين إذا شحت انقلبوا مسرعين إلى تلك الطبقة، وهناك شخصيات مرموقة ومثقفة تمارس الامتعاض إرضاءً لجوقة المتابعين باللايك، والشير، والتصفيق على وسائل التواصل الاجتماعي. الطبقة الجديدة القديمة موجودة فى كل الأزمان والمجتمعات بنسب متفاوتة، لكن رصدها يحتاج إلى باحثين مجردين لمسبباتها، ومكوناتها، وتداعياتها على السلم المجتمعي، والروح المعنوية للأمة. «الطبقة الممتعضة» بدأت بالتكون والتشكل فى مصر حول بؤرة صديدية اسمها «الإخوان»، وحولها التصقت فئات كثيرة من الممتعضين لأسباب جميعها أو غالبيتها شخصية.
وحتى لا أقع فى فخ التعميم والتسطيح والضحالة، أنتظر المثقفين والمفكرين من أجل فتح باب النقاش العام بشأن هذه الظاهرة.. إن كانت ظاهرة.