تفجير أجهزة البيجرات والأجهزة اللاسلكية عن بعد باستخدام تقنيات متقدمة، والتى يستخدمها حزب الله اللبنانى على مستوى القيادة والقاعدة الشعبية كوسيلة تأمين ضد الاستهداف جريمة ليست بجديدة أو غريبة على الكيان الإسرائيلى الملطخة يداه بالدماء، فهذا العدو لديه سلسلة طويلة من الجرائم المتنوعة، بداية من مذبحة دير ياسين فى خمسينيات القرن الماضى إلى مذبحة مدرسة بحر البقر فى سبعينيات القرن الماضى وصولاً إلى المذابح التى ترتكبها ضد المدنيين فى مدارس قطاع غزة وغيرها من مئات العمليات الإجرامية التى ارتكبها فى فلسطين وسوريا والأردن ولبنان وسيناء باستخدام أسلحة فتاكة بعضها تقليدى وبعضها غير تقليدي، هذا بخلاف عمليات الاغتيالات التى تمت ضد علماء أو قادة.
ما حدث بلا شك سقطة كبيرة وخطأ جسيم من مسئولى التأمين الإلكترونى فى حزب الله اللبنانى الذى يمارس حرباً طويلة مع الكيان الإسرائيلى منذ سنين ويمثل جبهة إسناد مهمة للمقاومة الفلسطينية خلال العدوان الإسرائيلى الذى ينفذ جرائم إبادة جماعية ضد المدنيين الفلسطينيين فى غزة والضفة الغربية منذ عام تقريباً بعد عملية طوفان الأقصى التى نفذتها المقاومة الفلسطينية فى السابع من أكتوبر الماضي.
أثبتت إسرائيل أنها تسطيع توجيه ضربات قاتلة لقوى عسكرية نظامية كانت أو غير نظامية بمعاونة من قوى غربية من خلال تنفيذ هجمات سيبرانية تستطيع من خلالها تعطيل مراكز القيادة والسيطرة للجيوش وللجماعات المعادية لها وعزلها بعيداً عن وحداتها العسكرية فى الميدان وتستطيع قتل الآلاف من الجنود والضباط الذين سيفقدون الاتصال مع قياداتهم، وسوف يستمر ذلك طالما ظلت تلك الجيوش أو الجماعات تعتمد فى تسليحها وتسليح جيوشها على استيراد الطائرات والأسلحة والذخائر العسكرية المصنعة فى الغرب الذى يمتلك شفرات التشغيل ويمكنه تعطيلها بل وتفجيرها وقتما يشاء.
الهجوم السيبرانى الذى قام به الكيان الاسرائيلى ضد حزب الله اللبنانى وتمكنت خلاله من قتل العشرات وإصابة المئات من المنتسبين لحزب الله فى كل الأراضى اللبنانية والسورية ممن كانوا يستخدمون تقنية جهاز البيجر أو الأجهزة اللاسلكية يؤكد أن العلم والأخذ بالتكنولوجيا وتصنيع السلاح محلياً والأخذ بأسباب القوة هما الطريق الوحيد للأمن وحماية الأرض والحدود لأى دولة.
النتنياهو وفريق اليمين المتطرف يريدون الدخول فى مواجهة كبرى مع حزب الله اللبنانى لتقليم أظافره التى تسبب له إزعاجاً كبيراً منذ العدوان على غزة ولهذا نقل معظم قواته من جبهة الجنوب معتقدا أنه قضى على المقاومة فى غزة، لتوجيه ضربة قاتلة لحزب الله ليتمكن من استعادة الردع فى الشمال والتخلص من حزب الله وإعادة المستوطنين لمنازلهم فى مستوطنات الشمال.
على الوجه الآخر للصورة يتأكد كل يوم أن المقاومة الفلسطينية التى قال رئيسها يحيى السنوار فى خطابه منذ يومين أنها بخير، انتصرت حينما تمكنت من تصنيع صواريخها بنفسها، رغم محدودية فاعليتها أمام الصواريخ الأمريكية التى يستخدمها الكيان الاسرائيلى وأمنت نفسها جيداً وأمنت قيادتها العسكرية والسياسية، ونفذت عملية عسكرية سيبرانية عالية الدقة يوم السابع من أكتوبر حينما عطلت أجهزة الانذار المبكر وأجهزة الاتصالات التى تربط فرقة غزة الإسرائيلية مع قيادتها فى تل أبيب وأسرت العشرات من الجنود وتمكنت من إخفائهم فى شبكة الانفاق العنكبوتية بعيداً عن جحافل القوات التى اجتاحت كل قطاع غزة، وعن أجهزة الاستشعار التى تستخدمها أجهزة المخابرات الغربية المساندة للاحتلال للبحث عن قادة المقاومة والأسرى الإسرائيليين.