نموذج يُحتذى فى «بناء المستقبل».. واقتصادها الأقوى بالمنطقة «2030»
مناخ الاستثمار «جاذب».. الطاقة المتجددة «طفرة».. وفرص التكنولوجيا «واعدة»
الغذاء والدواء والعلم.. 3 أنشطة الاكتفاء الذاتى فيها «لا يخسر أبداً»
المشروعات القومية العملاقة.. فتحت «أبواب رزق» للشباب.. وحاصرت البطالة
يرى المفكر الاقتصادى الكبير د. طلال ابوغـزالة أن مبـادرة الحوار الوطنى التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى مؤشر جيد على حرص القيادة المصرية على تنمية الاقتصاد المصرى استنادا الى خلاصة خبرات المشاركين فى هذا الحوار.
وأشاد فى حواره مع «الجمهورية»بالطفرة الاستثمارية الكبيرة خلال السنوات الأخيرة فى مجال الطاقة المتجددة وكذلك تنمية منطقة الساحل الشمالى الغربى ومنها مشروع رأس الحكمة موضحا، ان المشروعات الاستراتيجية العملاقة تعنى خلق فرص عمل كبيرة وسريعة للشباب، وتقضى على البطالة.. وإلى نص الحوار ..
> كيف ترى الأزمة المحلية للاقتصاد المصرى الناتجة عن الأزمات العالمية ؟
>> دول العالم عموما ومنها الدول العربية تأثرت بأزمتى أوكرانيا وكورونا، لكن هناك بعض الدول استطاعت التجاوب مع الأزمات العالمية ونجحت بتحويل الأزمة إلى فرصة، وعلى رأس هذه الدول جمهورية مصر العربية وما أراه أن الاقتصاد المصرى لا يعيش أزمة بل يتجه لنهضة ستكون نتيجتها أن يصبح الاقتصاد السادس على العالم والأقوى فى المنطقة بحلول عام 2030، وهذا عائد إلى السياسة التى انتهجتها الدولة المصرية فى الاستثمار بالبنية التحتية.
> ما تقييمك لفكرة الحوار الوطنى الاقتصادى التى أطلقها الرئيس السيسي؟
>> مبدأ الحوار الوطنى وهدفه دائما هو تحقيق خير البلاد وخدمة مصالحه، والحوار الاقتصادى فى جوهره حوار شامل لاصلاح أى خلل فى كافة القطاعات، وذلك استنادا إلى خلاصة خبرات المشاركين فى هذا الحوار، ودعوة القيادة المصرية إلى هذا الحوار مؤشر جديد على حرصها الشديد على تنمية الاقتصاد المصري، خاصة أن المخرجات الأولية التى أعلن عنها كلها إيجابية والأهم اننى أجد حرصاً من الدولة على التجاوب مع أى فكرة تخدم الاقتصاد.
> وما مقترحاتك للخروج من هذه الأزمة نهائيا؟
>> تأمين الاكتفاء الذاتى فى ثلاثة نشاطات لا خسارة فيها وهى أساسية للانسان أينما كان؛ الغذاء والدواء والعلم، وأن نعمل نحن كحكومة وشعب، لكى نبنى مستقبلا زراعيا مستقلا ومستقبلا دوائيا مستقلا ومستقبلا علميا وتكنولوجيا مستقلا وأن يكون هناك برامج لتشجيع البحث العلمى لابتكار الأدوية والابداع فى مجال التكنولوجيا، وأعتقد ان الجميع يرى اهتمام القيادة السياسية المصرية بهذه الملفات.
> من وجهة نظرك كيف يمكن ضمان استدامة «التدفق الدولارى» ؟
>> الأمر الأكثر أهميّة هو بناء أرضية لاقتصاد قويّ ومتين، وذلك من خلال بناء البنية التحتية القوية فى مختلف المجالات، وتنفيذ بنى تحتية هدفها إنتاج الثّروة، وزيادة موارد النقد الأجنبي، ورفع معدل النّمو، وأرصدة الاحتياطى الأجنبية.
> ماذا عن تقييم جهود الحكومة المصرية فى عبور التحديات القائمة ؟
>> من حيث المبدأ، أنا لدى ثقة كبيرة بعملية صنع القرار الاقتصادى الاستراتيجى فى مصر، فخطة مصر كانت ومازالت تقوم على التركيز على المستقبل وبناء المستقبل، بينما عادة تحرص الدول الديمقراطية على ارضاء الشعب فى الحاضر وليس المستقبل، القيم المصرية تركّز على البنية التحتية وأساسيات البنية التحتية (طرق، شبكات اتصال، وتواصل أرضي، والبنية التحتية الرقمية، والبنية التحتية المتعلقة بكلّ ما يؤسس لربط النظام العالمى بالنظام المصري). إننا نعيش مرحلة تحوّل جذرى فى السياسات العالمية والنظام العالمي، ما يتطلب تموضعا جديدا من كلّ دولة على ضوء احتياجات المرحلة، وفى نفس الوقت على ضوء احتياجات المستقبل، من حيث المبدأ، أنا أقول إننى أؤيد حرص مصر على بناء مستقبلها لأجيالها القادمة، وبما يتناسب مع ومكانتها منذ (7) آلاف سنة.
> وما المطلوب من الفرد والأسرة ومجتمع الأعمال فى هذا السياق ؟
>> المطلوب من الفرد أن يدرك ويؤمن أولا بأهمية ما تقوم به الحكومة من نهضة على مستوى البنية التحتية، وهذا فيه مسؤولية ملقاة على عاتق وسائل الإعلام، وثانيا أن يؤمن الفرد بقدرته على أن يُصبح منتجا فى عصر المعرفة الذى نعيشه، وأما المطلوب من الحكومة فهو التوجه نحو الرقمنة وتمكين الفرد من الوصول إلى الانترنت باعتباره حقّا أساسيا من حقوق المواطن.
> وكيف ترى مخطط التنمية العمرانية «2052» وضمن أولوياته التنمية العمرانية للساحل الشمالى الغربي؟
>> مخطط التنمية العمرانية لا ينفصل عن توجّه الدولة المصرية الايجابى نحو تطوير البنية التحتية، وتنمية منطقة الساحل الشمالى الغربى ومنها مشروع رأس الحكمة أمر ايجابى بشكل عام، فالمشاريع الاستراتيجية والعملاقة تعنى خلق فرص عمل كبيرة وسريعة للشباب، وتقضى على البطالة، وإذا كان الهدف من ذلك سياحيا فهذا عمل عظيم، لكنى كنت أتمنى أن نرى بجانب ذلك ملتقى للاختراع والابتكار، أو أن تكون على غرار سيلكون فالى فى الولايات المتحدة، أى أن يكون ملتقى لشركات تكنولوجيا المعلومات والشركات التى يجرى تأسيسها للاختراع والابتكار. وبشكل عام فإن هذا المخطط من شأنه تنشيط عدة قطاعات اقتصادية هامة، وتوفير عوائد تمكّن الدولة من الانفاق على القطاعات الرئيسة مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية.
> بخبرتك هل هناك أفكار «خارج الصندوق» لجذب المزيد من الاستثمار الأجنبى المباشر إلى مصر ؟
>> كل دولة لها ظروفها والحلول التى تناسبها، ونحن فى مجموعة طلال أبوغزالة العالمية قمنا بتوقيع مذكرة تفاهم لتطويرآلية تأسيس المكاتب الإقليمية فى مصر مع الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة والترويج للاستثمار، والتى تنص على تحسين مناخ الاستثمار وفق أفضل الممارسات والتجارب الدولية، بما يتضمن اقتراح تعديل قوانين حالية أو سن قوانين جديدة أو تعديل الإجراءات الحالية، بالإضافة إلى المشاركة فى تنفيذ استراتيجية مصر للتحول الرقمي.
مناخ الاستثمار فى مصر مميز للغاية، وهناك العديد من الفرص الجاذبة خاصة فى قطاع التكنولوجيا، وقد قمنا فى مجموعة طلال أبوغزاله العالمية بتدشين خطوط إنتاج أول منتج عربى من التابلت واللاب توب وفقا لمعايير الثورة الصناعية الرابعة بالشراكة بين الهيئة العربية للتصنيع،وفى الوقت الحالي، يمكن أن تلعب المناطق الاقتصادية الخاصة دورًا أكبر فى جذب الاستثمار الأجنبى الذى تشتد الحاجة إليه خلال هذه الأوقات لتعزيز الرخاء الاقتصادي، من خلال دورها الحيوي.
>وما تقييمك لدور البنية التحتية الـ 10 سنوات الماضية فى التصدى للأزمات؟
>> هناك اجتهادات لا خطأ فيها، واجتهاد مصر بالتركيز على البنية التحتية وتطويرها، كان هو الاجتهاد الأسلم والأصلح، فلا خطأ فى هذا الاجتهاد، أنت عندما تبنى أساسات النمو والتطور، تكون قد وضعت نفسك فى مسار بعيد عن المسار الذى يختلف فيه أو عليه العالم، والبنية التحتية شيء أساسي؛ يفيد فى الحاضر والمستقبل، لذلك مازلت أكرر أن الاقتصاد المصرى سيصبح من الأقوى عالميا وبسبب التركيز على المستقبل.
> وماذا عن «الاستثمار الاخضر» ومدى نجاح مصر فى هذا المجال؟
>> لقد شهدت مصر طفرة استثمارية كبيرة خلال السنوات الأخيرة فى مجال الطاقة المتجددة، مدفوعة بارتفاع أسعار الغاز الطبيعى وكفاءة الطاقة الاستهلاكية، وفى العام 2022، ولأول مرة فى تاريخ الطاقة، تفوق الإنفاق الرأسمالى العالمى على أصول طاقة الرياح والطاقة الشمسية على الاستثمار فى آبار النفط والغاز وهو تطور مرحب به يَعِد بتسريع التحول إلى الطاقة الخضراء التى تشتد الحاجة إليها، لكن ولسوء الحظ، وفى ضوء الحرب فى أوكرانيا والاضطراب الكبير فى سلاسل إمداد الطاقة، بدأت بعض الحكومات الدولية فى تقييد استثماراتها فى مصادر الطاقة المتجددة، مما أبطأ بشكل كبير عملية التحول إلى الطاقة الخضراء، وهذا يمثل مشكلة لأن الاقتصادات العالمية تمر بأزمة فيما يخص تكلفة المعيشة التى تؤثر على الاستثمار فى البدائل الخضراء التى تشتد الحاجة إليها والمطلوبة للوصول إلى صافى الانبعاثات الصفرية بحلول العام 2050،لكن مصر استطاعت ان تكون خارج اللعبة الكبيرة بين القطبين الكبيرين وأمامها فرصة حقيقية للاستفادة من هذا التحول التاريخى بعد يقترب من 90 عام من الحرب العالمية الثانية .
> الاقتصاد المصرى شهد «نقلة» واضحة.. ما توقعاتك للفترة القادمة؟
>> أقول إن مصر تصلح لأن تكون نموذجا لكيفية التركيز على بناء المستقبل، وهذا النموذج يصلح لأن يكون مثالا للدول النامية، أما توقعاتى فمازلت أرى أن مصر تسير بثبات نحو المقدّمة لتكون ضمن أقوى (6) اقتصادات على مستوى العالم بحلول عام 2030، وهذا ليس مجاملة وإنما رؤية لواقع أتابعه جيداً
> حدثنا عن رؤيتك للثقافة الالكترونية ؟
>> لابدّ من التأكيد على أهمية محو أمية الانترنت والانتقال الى المجتمع الالكترونى والحكومة الالكترونية، بحيث يتحول المجتمع بأكمله الى الثقافة الالكترونية، فالمواطنون الالكترونيون هم المنتجون، كما أنهم الاضافة المطلوبة فى عصر المعرفة، كما أن خطة محو الامية الالكترونية المطبقة بشكل ووقت مناسبين تؤمن درعا واقية ضد الأزمات والحروب.