لن يكون هناك حل عادل للقضية الفلسطينية ولن يكون هذا الحل عسكريا، وللوصول إلي هذا الحل «الصعب» لابد وان تتوافر مكوناته الأساسية وهي «الصبر المرير» و «التنازلات المؤلمة» الصبر للقائمين علي عمليات التفاوض ومسارات الحل السياسي وهي مصر والذين معها، والتنازلات لأطراف هذا الصراع التاريخيّ وهي اسرائيل من ناحية والفصائل والسلطة الفلسطينية من ناحية أخري، وهذا الطرح يحتاج الي قاعدة أفكار استراتيجية تخرج منها حزمة من العناوين الكبري تؤطّر لهذا الحل النهائي بعيدا عن تفاصيل اللحظة الراهنة وتجاذبات المشهد السياسي، ومن هذه العناوين الكبري ضرورة الإجابة عن بعض الاسئلة التي تبدو بسيطة لكن الإجابة عنها بصدق وتجرد ستضع النقاط علي حروف الحل المنتظر.
- هل الصراع بين اسرائيل وفلسطين صراع عقائدي وديني في الأساس أم صراع علي الأرض بين أصحابها الأصليين وسلطة الاحتلال؟
- هل هناك نوايا غربية حقيقية لإقامة دولة فلسطينية أم أن الأمر لا يعدو كسب مزيد من الوقت لإطالة أمد الصراع؟
- هل يمكن أن تتحد الفصائل الفلسطينية مع السلطة ليكون هناك صوت فلسطيني واحد؟
- هل الداخل الإسرائيلي الذي يتسم باليمينية المتطرفة يمكن أن يقبل بإقامة دولة فلسطينية؟
- ماذا عن الدول العربية المؤيدة للسلام والتطبيع وتلك الدول التي تمثلها ميليشيات ترفع شعارات الموت لإسرائيل؟
- ماذا عن الداخل الفلسطيني في الضفة الغربية؟
الإجابة عن الأسئلة والتساؤلات تقودنا الي الوقوف علي أرض الحقيقة المجردة الثابتة بعيدا عن الألاعيب السياسية والمتغيرات الجارية، هذه القراءة لملف الصراع تفسر لنا تفاصيل ولوغاريتمات وخوارزميات الأزمة من كل الاتجاهات، وتفسر لنا كذلك سر الصبر الاستراتيجي للمفاوض المصري أثناء جولات التفاوض شديدة التعقيد والتي يغلب عليها طابع المزايدات من كل الأطراف، مصر تحملت ما لم يتخيله أحد، تحملت تداعيات الاوضاع الاقتصادية الصعبة وتحملت حملات التشكيك والتشويه المسعورة لكل تحركاتها، تحملت مزايدات رخيصة واستعلاء كاذبا من كل الأطراف..
تحملت أكاذيب وأباطيل حول مواقفها العروبية والقومية الراسخة، تحملت استفزازات اسرائيلية ومزايدات فلسطينية وتسامت عن تلك الصغائر لأجل الهدف الأسمي وهو وقف شلالات الدم الفلسطيني وإعادة الهدوء حتي يمكن أن نسمع بعضنا البعض بعد إسكات أصوات المدافع، الهدف المصري الذي تعمل القيادة السياسية علي تحقيقه هو إقامة دولة فلسطينية حقيقية علي حدود ما قبل 4 يونية 67 عاصمتها القدس الشرقية، مصر قادت عشرات الجولات لتحقق مصالحة فلسطينية فلسطينية وعشرات الجولات من المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية وكان صبر المفاوض المصري هو سر بقاء الأمل علي قيد الحياة، مصر حارسة للأمل الفلسطيني وراعية للسلام في تلك المنطقة المشتعلة من العالم.