عرفت المهندس عثمان أحمد عثمان عن قرب.. فقد كان من أهم مصادر المعلومات عن الرئيس الراحل أنور السادات.. وكنت التقى به يومياً.. ليس فقط كمحرر رئاسة الجمهورية لجريدتى «الجمهورية» لكن كإسماعيلاوى من الذين يحرص عثمان على لقائهم.. وهذه الأيام ذكرى مولده فعثمان من مواليد ٦ أبريل 1917 كنت انتهز أى فرصة لأحاوره.. وقد وصف الكاتب الصحفى الكبير أحمد بهاء الدين.. علاقة عثمان بالسادات.. فى كتابه: محاورتى مع السادات.. كما لمسها بنفسه.. قال: إنه إذا تأخر عثمان.. عن حضور لقاء السادات أثناء وجودي.. كان السادات يسأل عنه فى لهفة ملحوظة.. فقد أصبح شخص لا غنى عنه.. وكأن السادات عثر على توأمه وشقيق روحه.. سألت عثمان عن علاقته بالرئيس الراحل جمال عبدالناصر.. قال لي: أول مرة التقى به فى السد العالي.. حيث كان يقوم بجولة تفقدية ومعه المشير عبدالحكيم عامر.. وفى ختام الجولة.. وقف عبدالناصر.. يسأل:فين عثمان أحمد عثمان ؟! فأجابه عثمان أنا يا ريس.. قال: عبدالناصر: أنت عثمان اللى لابس اوفرول وبتلف معانا.. أنا كنت فاكر عثمان بساعة كاتينه دهب وسيجار.. وبادره عثمان قائلاً: وبانام هنا مع العمال فى الخيمة دي.. وسأله عبدالناصر.. كيف فزت بمناقصة بناء السد العالى من بين كل هذه الشركات.. مصرية واجنبية.. قال عثمان :كانوا «١١» شركة.. انا قدمت العطاء بتاعى بأقل ١١ ألف جنيه عنهم كلهم.. كل شركة بألف جنيه.. وقال عبدالناصر :مش عايز حاجة يا عثمان.. أنت راجل جدع وبتبنى لنا السد العالي.. فبادره عثمان :لجان حصر الشركة لتأميمها.. أرهقتنا يا ريس.. نظر عبدالناصر.. لعبدالحكيم عامر.. قائلاً: ريحوا عثمان ده راجل جدع وبيبنى لنا السد العالي.. وصدر قرار بتأميم 50٪ فقط من الشركة.. وبعد عامين تم تأميمها بالكامل مع الاحتفاظ بعثمان رئيساً لها.. وبعد ذلك تم اختياره رئيساً شرفياً للشركة مدى الحياة.. وظل مكتبه كما هو حتى وفاته.. سألت عثمان عن بداياته.. قال لي: ولدت وعشت فى حارة عبدالعزيز بالإسماعيلية.. وذهبت للقاهرة للدراسة فى مدرسة السعيدية الثانوية.. حيث لم يكن فى الإسماعيلية مدرسة ثانوية فى ذلك الوقت.. والتحقت بكلية الهندسة جامعة القاهرة.. وقدمت شهادة فقر لإعفائى من المصاريف وكانت 40 جنيهاً.. وأقمت عند شقيقتى حرم الشيخ على حسب الله.. والدة المهندس صلاح حسب الله.. الذى تولى رئاسة المقاولين العرب بعد ذلك ثم وزيراً للإسكان.. قلت فى نفسى يا سبحان الله.. عثمان الذى تعلم بشهادة فقر.. وعمل «صبى ميكانيكي» وهو تلميذ فى الاعدادى بمرتب 25 قرشاً فى الأسبوع.. بعد وفاة والده.. تصنفه اليوم مجلة فوربس الأمريكية.. كأحد من أغنى 400 ثرى فى العالم.. قال لى عثمان: ان أول مستخلص.. كان من عملية بناء كفر عبده فى السويس.. اشتريت سيارة.. وبدلة للسائق.. وضحك عثمان قائلاً: تصور لما الناس تشوف سائق عثمان ببدلة.. فكم عدد بدل عثمان.. ولم يكن لدى بدلة واحدة فى ذلك الوقت.. وكان عثمان يسافر يوميا من الإسماعيلية للسويس.. وكان يصطحب معه كل من يقف على الطريق ويحصل منه على الأجرة.. حتى يوفر قيمة السفر.. وهكذا كان فكر عثمان اقتصاديا منذ بدايته.. قال لى سائق عثمان.. الذى استمر معه حتى وفاته.. واختاره عثمان عضواً بمجلس إدارة المقاولين العرب عن العمال.. قال: إن المعلم كان يسافر إلى شركة مرسيدس فى ألمانيا.. ويطلب مواصفات خاصة تضاف إلى السيارة التى يشتريها.. قال لى عثمان إنه عقب تخرجه فى كلية الهندسة.. طلب منه شقيقه المرحوم المهندس إبراهيم.. الذى كان سكرتيراً لنقابة المهندسين فى ذلك الوقت.. وهو والد المهندس إسماعيل عثمان.. ان يتوجه الى رئيس شركة مقاولات ليعمل بها.. لكن عثمان رفض قائلاً: لا أنا لن أعمل مع أحد.. أنا عايز أكون طلعت حرب نمرة 2 وذهب للعمل مع خاله لمدة ٨ شهور فقط ليكتسب خبرة عمل المقاولات.. ثم أنشأ شركة بحجرة بسيطة وبرأسمال 180 جنيهاً حصل عليها من العمل مع خاله.. وكان عثمان هو العامل الوحيد بالشركة.. لتصبح بعد ذلك اكبر شركة مقاولات فى الشرق الأوسط.. وينشئ عثمان 170 شركة.. وينتخب نقيبا للمهندسين بناء على طلبهم ويحصل على ٨ آلاف صوت من إجمالى ٩ آلاف.. مسجلاً أعلى رقم فى تاريخ النقابة.. قال لى عثمان إنه أنشأ حوالى 1000 مسجد.. فى مصر كلها.. وان أكثر ما تأثر به.. هو موت أمه.. وشقيقه محمد.. وحصل على أعلى الأوسمة وقال لى عثمان رداً على سؤال: إن عملى سيدافع عني.. لم ينس عثمان أسرته وأبناء الإسماعيلية وكل من وقف الى جواره.