حالة استثنائية نعيشها نحن المصريين خلال شهر رمضان.. نرى كل شيء حولنا بمنظار غير تقليدى الجميع رجالاً ونساءً شباباً وشيوخاً تراهم فى حالة تصالح شديدة مع النفس ومع الغير.. السلوكيات المعتادة تتبادل إلى الأفضل والأحسن.. حتى البعض من ذوى الخلق «الذميم» تجده وقد انضوى تحت لواء الشهر الفضيل الذى شعاره «الصوم جنة» أى وقاية وستر من كل معصية ممكن أن يرتكبها الشخص فى الأيام العادية غير رمضان.
لذا فليس من العجيب المشاهد التى نراها فى كل بقعة داخل أرض مصر المحروسة وهى أمور قد لا تكون موجودة سوى فى مصر وفقط وليس هذا من قبيل الانحياز للوطن الأم «مصر» ولكن تلك حقائق يشهدها القاصى والداني.. للدرجة التى جعلت بعضهم من غير المصريين.. وهو بالمناسبة الفنان الإماراتى حسين الجسمى يغنى قائلاً: «رمضان فى مصر حاجة تانية» وهو بالفعل كذلك فما يفعله المصريون فى شهر الخيرات والبركات ليس مثيل فى غيره من البلدان العربية أو الإسلامية رغم أن بعض هذه الدول تتمتع بمستويات مرتفعة فى دخول أفرادها مادياً.
ففى القاهرة ومحافظات الأقاليم تمتد موائد الرحمن فى الكثير من المواقع سواء القرى أو المراكز والأحياء بكل مستوياتها والكل يتسابق فى تقديم ما يستطيع من طعام وشراب وفواكه وغيرها طلباً لرضاء المولى عز وجل وسعياً لكسب الثواب فى هذا الشهر الفضيل كما ترى الجمعيات الأهلية التابعة لوزارة التضامن هى الأخرى تشمر عن ساعديها ويقوم مسئولوها يبذل الجهود فى توصيل كل الاحتياجات لقرى ونجوع فى أقاصى البلاد من إقامة أسقف للبيوت وتوصيل المياه النقية وحفر الآبار وإقامة المساجد ناهيك عن المساهمة فى ايصال المواد الغذائية بصفة دورية للأسر الأكثر احتياجاً.
هذه هى مصر المحروسة من جانب رب العباد الذى ذكرها فى كتابه الكريم أكثر من مرة فى أكثر من موضع.. وهؤلاء هم المصريون الذين تجودون بما فى أيديهم سواء لإخوانهم المصريين أو لضيوف مصر الذين اضطرتهم ظروفهم الصعبة إلى اللجوء إلى مصر طلباً للحماية والأمن والأمان الذى افتقدوه فى ديارهم فكانت مصر وكان المصريين فى الزمان والمكان عند حسن الظن بهم.. مساندين ومعاونين كل من طلب منهم المساعدة.
إن نفحات الشهر الكريم إنما هى فرصة يجب اغتنامها خاصة أنها من فضل الله علينا تتكرر كل عام ليتجدد معها الأمل فى رحمة الله تعالى حيث الرحمة والمغفرة والتوبة النصوح والطمع فى عفو الله ومغفرته.. فهنيئاً فهم من يظهر معدنهم الأصيل فى كل زمان ومكان.