خاب ظن الكثيرين الذين ظنوا أن المصريين تركوا حب الثقافة، والقراءة تحديدا، وانشغلوا عنها بالاهتمام بالسوشيال ميديا ومواقعها، الواقع فقط أنصف هذا الشعب منذ بدأت فعاليات معرض القاهرة الدولى للكتاب فى نسخته الخامسة والخمسين والتى بدأت منذ أسبوع لتشهد طوفانا من البشر، من كل الأعمار ، ولكن نسبة الشباب تبدو هى الاعلي، كما أن نسبة الأطفال تتزايد والاهم هو قناعة الأسر بأن اصطحاب الأبناء، والأطفال خصوصا، للمعرض أمر مهم، ففيه قاعة كبرى مخصصة لكل ما يتمناه طفل أو طفلة من العاب وقصص وأدوات للرسم فماذا يريد مواطن صغير أكثر من هذا؟، وماذا يريد المواطنون الأكبر أكثر من كل هذه القاعات والأجنحة التى شارك فيها ناشرون من ٠٧ دولة، وجاءت إليها أحدث الأفكار والإبداعات من خلال كتب ومطبوعات جديدة ومعبرة عن ذلك الاختلاف الكبير، والاتفاق أيضا، فى وجهات نظر أدباء وعلماء العالم ، فالمعرض هنا يمثل حاضنة لكل الأفكار النظرية، والتجارب العلمية الجديدة التى أضافت إلينا وإلى العالم كله المزيد من الإضافات الجديدة لتسهيل الحياة الإنسانية، بينها طبعا ما يخص الصحة والتعليم والتعامل مع الأمور الصعبة، ولعل الإقبال المذهل على هذا المعرض يعنى الكثير مما يمكننا فهمه من خلال ما رأيناه عبر شاشاتنا التليفزيونية التى تعاملت معه بشكل مختلف واهتمام كبير هذه الدورة، واعطت له وقتا يلائم أهميته وهذا هو المطلوب، والذى يطالب به كثيرون منا ، فإذا وصل زوار المعرض لقرب المليون زائر فى يومه الثاني، وتعدى المليونين فى يومه الرابع فإن هناك عشرات الملايين، وربما أكثر، فى البيوت، وفى المحافظات، يريدون زيارته وظروفهم لم تسمح، والحل معروف وهو أن تتم الزيارة عبر شاشات التليفزيون.
والتحريض على الكتابة
«نصنع المعرفة، ونصون الكلمة» هذا هو شعار المعرض هذا العام، والمعبر تماما عنه، وعن كم الجديد الذى يقدمه فى فروع المعرفة عبر الكتب والدوريات الجديدة، والتى يعاد طباعتها، وعبر عشرات الندوات والحوارات، وعبر استعادة إنجازات كبار علماء وكتاب مصر مثل عالم الآثار الكبير سليم حسن، وكاتب الأطفال الأشهر يعقوب الشارونى والمكرمين هذا العام، ومثل طه حسين عميد الأدب العربى العظيم والذى اعادت الهيئة العامة للكتاب طبع كتبه فى ذكراه لتجد إقبالاً عظيما من جمهور كبير يعرف قيمته، والبعض من هذا الجمهور كان العميد ملهما له فى أن يمارس الكتابة، وبينهم من نقرأ عنهم ونراهم عن بعد يوقعون كتبهم ونتساءل كم كاتبا وكاتبة جديدا فى مصر هذا العام؟ إن ما ينشر على مواقع السوشيال ميديا يعنى أن جيلا كاملا من الكتاب والكاتبات الجدد أشرق، وظهرت أول أعماله من خلال هذا المعرض، إضافة للكتاب الكبار وجيل الوسط، وأهمية هذا فى تفنيد نظرية أننا شعب لا يقرأ، أو انصرف عن القراءة ، ولقد بدأت قناة «القاهرة» الإخبارية الاهتمام بالمعرض قبل افتتاحه، ثم قدمت حوارا مهما مع كاتبة وكاتب نرويجى حضرا لمصر بمناسبة اختيار دولة النرويج كضيف شرف للمعرض، وبعدها توالت تغطيات تليفزيونية مهمة فى القناة الأولى وأون والسى بى سى وربما غيرها وهو أمر مهم، وفى قمة المطلوب من الاعلام المرئى تجاه المشاهدين فى البيوت وفى كل مكان، فنشر الوعى باهمية القراءة والمعرفة رسالة شديدة الاهمية إلى الجميع، واعتبار القاريء والكاتب والباحث نموذجا يستحق تتبعه رسالة تستحق كل جهد واحترام وتقدير وهذا هو ما يفعله معرض الكتاب الرائع فتحية لكل المسئولين عنه والعاملين به.