يتعرض المجتمع للعديد من الظواهر المستحدثة التى تتطلب تغييراً فى القوانين التى تساهم فى التصدى لتلك الجرائم المستحدثة باعتبار أن القانون هو مجموعة من القواعد التى تقرها الدولة لتحكم سلوك الأشخاص، ولكن هل القوانين لوحدها تكفى لمواجهة الجرائم والظواهر المستحدثة؟! الإجابة بالطبع لا ! فالقانون يأتى كأداة ردع لكل من تسول له نفسه ارتكاب جريمة ما ويتم ردعه بفرض عقوبة عليه عند ارتكاب تلك الجريمة وأيضاً ردع لغيره، لكن فى حقيقة الأمر ما نحتاجه هو تغيير الفكر، فهناك بعض الجرائم والظواهر المستحدثة التى يكون التصدى لها بل الحل الجذرى لها هو تغيير الفكر، فكل الجرائم المتعلقة بالمرأة كالختان وزواج القاصرات والتحرش وغيرها من الجرائم علاجها الحقيقى يأتى من الفكر، فإذا بدأ المجتمع فى تغيير نظرته للمرأة وتربية الطفل منذ نشأته على احترام المرأة، وتربية الطفل على عدم التفرقة بين الذكر والانثى إلا بالعمل الصالح والتقوي، لقضينا على اغلب المشاكل التى تواجه المجتمع المتعلقة بالمرأة، وإذا تربت الانثى على القوة والثقة بالنفس ومعرفة حقوقها وواجباتها وكذلك الرجل تربى منذ صغره على أن قوة الرجل من احترامه للأنثى وما معنى القوامة؛ ولو فهم كلاهما ما معنى الزواج ولما شرعه الله ومتى يكون التسريح بإحسان وكيف يكون كذلك، لما حدث صراع بين الطرفين من أجل قانون الاحوال الشخصية، فإن كان قانون الاحوال الشخصية المنتظر تعديله قد ينظم الأوضاع ما بعد الطلاق، فإنه حتما لا يستطيع أن يرضى كل الأطراف وكل الحالات، فكل حالة تختلف عن الاخري، ولكن من المؤكد الحل الذى يرضى الطرفين هو التراضى والاتفاق بين الطرفين على ما يرضيهما ويحقق لهما الراحة قبل الزواج وبعد الطلاق فى حالة حدوثه.
فالمشكلة لدينا ليست فى نقص القوانين بل لدينا من القوانين ما يغطى جميع الجرائم حتى المستحدثة منها بل ينقصنا آليات تنفيذ القانون والعلم بالقانون، وينقصنا أيضاً الفكر، فجريمة مثل التنمر سواء أكانت بين الأطفال فى المدارس أو فى العمل أو فى المجتمع بأكمله لا يفلح القانون وحده فى التصدى له بل يحتاج الأمر إلى تغيير فكر المجتمع وتربية الطفل على روح تقبل الآخر وأن الاختلاف بين الآخرين ميزة وليس عيباً لأصبح لدينا جيل واع سوى نفسياً يتقبل الطرف الآخر ويؤمن بروح الاختلاف ولقضينا على جميع الظواهر المستحدثة التى تظهر فى مجتمعنا وسببها الرئيسى متمثل فى الفكر والتربية الخاطئة من الأسرة أولاً لأنها هى من تضع البذرة والنواة الاولى للطفل يعقبها مراحل التعليم المختلفة التى تساهم فى تغيير وبناء فكره من خلال المناهج الدراسية التى تساهم فى زرع قيم ومباديء لدى الطفل كمادة الأخلاق والقيم التى ناديت منذ بداية عملى بالبرلمان على ضرورة تعميمها للاطفال فى المراحل الأولى من حياتهم الدراسية لتحصين فكر الطفل منذ الصغر وبث الأفكار الإيجابية وعودة العادات والتقاليد الصحيحة التى افتقدها المجتمع فى الفترة الأخيرة وتغيير بعض العادات التى تناولتها الأجيال جيلا تلو الآخر تحت مسمى العرف .