مسجد ابن طولون هو ثالث مسجد جامع بنى فى عاصمة مصر الإسلامية بعد جامع عمرو بن العاص الذى بنى فى الفسطاط وجامع عسك الذى بنى فى مدينة عسكر، وهو أحد أكبر مساجد مصر حيث تبلغ مساحته مع الزيادات الخارجية حوالى ستة أفدنة ونصف، ورغم ان مسجد عمرو بن العاص ما زال موجوداً إلا ان المسجد الطولونى يعد أقدم مساجد مصر القائمة حتى الآن بحالته الأصلية بالمقارنة مع مسجد بن العاص الذى توالت عليه الإصلاحات التى غيرت معالمه الأصلية. أمر ببنائه أحمد بن طولون مؤسس الدولة الطولونية سنة 362هـ/ 778 م بمدينته الجديدة القطائع، تلك المدينة التى أنشأها لتكون مدينة خاصة به وبحاشيته وجنده بعد ان ضاقت عليهم الفسطاط والعسكر، وكرمز لاستقلاله عن الدولة العباسية وكما كان معهوداً فى ذلك الوقت بأن المسجد الجامع هو مركز العواصم الإسلامية، وذكر ان من اسباب بناء الجامع ضيق جامع مدينة العسكر بالمصليين، وقد بدأ العمل فيه عام 263هـ / 877م لينتهى عام 264هـ / 789م، ورصد لبناء المسجد مائة ألف دينار ولكن تكلفته الفعلية فى النهاية وصلت إلى مائة وعشرين الف دينار. وتعود تسمية هذا المسجد الرائع الذى عرف فى القرن الرابع الهجرى العاشر الميلادى بالجامع الفوقانى تميزاً له عن الجامع السفيانى وهو جامع عمرو بن العاص فى الفسطاط. كما يعتبر من المساجد المعلقة إذ يصعد إلى أبوابه الداخلية بدرجات دائرية، وقد استخدم فى بنائه الطوب الأحمر وأقيم على جبل يشكر فكان أساسه فى حدوده القبلية على صخر الجبل مباشرة اما فى حدوده الغربية فكانت أساساته على عمق خمسة أمتار. وقد وضع أساسه على مثال المساجد الجامعة التى لها صحن كبير مكشوف تحيط به أروقة ذات عقود، وبنى على شكل مربع تقريباً طول ضلعه 162.25 متر فى 161.50متراً يشغل المسجد مع جدرانه مستطيلاً ويتوسطه صحن مكشوف مربع تقريباً ويحيط بالجامع من جوانبه القبلية والبحرية والغربية أروقه غير مسقوفة والتى يطلق عليها الزيادات، وأسوار هذه الزيادات عالية بسيطة فتحت بها أبواب تقابل أبواب الجامع كما فتحت بأسوار الجامع أبواب وشبابيك علوية بينها حناياً وطاقات. وللمسجد 12 باباً يقابلها نفس العدد فى الزيادات ويوجد فى بعض الأبواب معابر خشبية قديمة، وسبب تعدد الأبواب كان لتسهيل الوصول إلى المساكن والأسواق التى كانت حول الجامع. ويقع الجامع حالياً فى ميدان أحمد بن طولون بحى السيدة زينب حيث يجاور سوره الغربى مسجد صرغتمش الناصرى وسوره الشرقى متحف جابر أندرسون. واما منشئ المسجد فله تاريخ مسجل فهو مؤسس الدولة الطولونية فى مصر والشام والذى تعود أصوله إلى قبيلة التغزغز التركية وكانت أسرته تقيم فيبخاري، عرف بكنية أبى العباس وقد ولد فى بغداد بالعراق واشتهر بالتقوى والصلاح والشدة والقوة والبأس، أرسله الوزير عبيد الله بن يحيى بن خاقان إلى ثغر طرطوس فقضى فيه عدة سنوات اخذ خلالها العلم و الحديث والآداب عن كبار العلماء.