حققت دعوات المقاطعة الشعبية ضد موجة الغلاء نجاحاً كبيراً خلال الأيام القليلة الماضية، حيث كانت مبادرة أهالى محافظة بورسعيد الباسلة لمقاطعة سوق السمك، بمثابة الشرارة الأولى للتحرك الشعبى تجاه جشع التجار والسعى وراء تحقيق مكاسب جنونية على حساب المواطن.. حيث اطلق أبناء المحافظة مبادرة قبل أسبوعين تقريبا تحت شعار «خليه يعفن» لمواجهة الارتفاع الجنونى فى أسعار الأسماك، ولما أحدثت صدى واسعاً بين المواطنين، تلقفتها باقى المحافظات وبدأت فى الامتناع عن شراء الأسماك، وهو ما أدى إلى انخفاض ملحوظ فى أسعار الأسماك بنسب متفاوتة فى عدد من المحافظات.
الجميل أن المقاطعة لم تقف عند الأسماك، بل امتدت لتشمل أيضا اللحوم والدواجن، لتبدأ حملة مماثلة لمقاطعة اللحوم والدواجن لارتفاع اسعارها، رغم وعود الحكومة بانخفاض الأسعار فى أعقاب السيطرة على الدولار وتوافره فى البنوك.
تأتى تلك الحملة أو المبادرة المهمة التى أطلقها عدد كبير من المواطنين عبر منصات التواصل الاجتماعى بنفس شعار «خليها تعفن» تزامناً مع اقتراب عيد الأضحي، لمقاطعة شراء اللحوم فى محاولة لإجبار الجزارين على خفض أسعارها بعد تسجيلها 450 جنيهاً للكيلو، بل تجاوز 500 جنيه فى بعض المناطق، وهو ما دفع القائمين على الحملة إلى دعوة المواطنين للامتناع عن شراء اللحوم لمدة أسبوع لإجبار الجزارين على خفض الأسعار، خاصة أن الأسعار المرتفعة غير مبررة، ولابد من مقاطعتها لحين عودة الأسعار القديمة حتى تكون فى متناول المواطن.
ووفقا لمحمود العسقلانى رئيس جمعية «مواطنون ضد الغلاء»، فإن حملات المقاطعة بدأت تأتى بنتائج إيجابية وهى سلاح قوى وله تأثيره رأيناه فى نجاح عدد من الحملات السابقة، وهو ما يعطى تحذيراً للسوق أن المستهلكون قادمون.
كشف رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء فى تصريحات صحفية أن حملة المقاطعة تحتاج إلى سعر عادل لا يؤذى المستهلكين بالشكل الذى تعرضوا له فى الشهور الماضية، وعلى الجانب الآخر يتواكب مع الحالة العامة للأسعار، خاصة أن الأسماك ليست سلعة مستوردة.. لذلك يجب أن تنخفض أسعارها، ونحن نحرص ألا يحدث ضرر للتجار أو الصيادين، فيجب أن تتمتع كل الحلقات بوفرة مالية وربحية ولكن يجب ألا يكون ذلك على حساب المواطنين، والمقاطعة سلاح ذو حدين من الممكن أن تؤذى التجارة أو تأتى بنتائج عكسية.. لافتا إلى أنه يجب تكاتف جميع المحافظات مع حملة المقاطعة فى القاهرة وعمل فريق واحد ضد الغلاء.
من هذا المنطلق، يجب الوصول لنقطة فاصلة عندها تنتهى المقاطعة وتبدأ مرحلة التفاوض لتكون مقاطعة مرحلية وبعدها تضاف مرحلة أخرى للمقاطعة على طريقة «إذا عدنا عادوا» نطرح هذا الكلام بشكل عملى وإيجابي.
يأتى ذلك فى الوقت الذى ناشد فيه العديد من رواد التواصل الحكومة بتوفير منافذ لبيع الدواجن والأسماك بأسعار مخفضة لتشجيع المواطن على مقاطعة اللحوم لحين خفض أسعارها التى أصبحت– وفقا لما ذكره حسين أبوصدام نقيب الفلاحين– فوق طاقة المواطن، حيث وصلت كما ذكرت فى البداية إلى 500 جنيه فى كثير من المحافظات، لاسيما القاهرة والاسكندرية.
كان مصريون قد دشنوا حملة كبيرة لمقاطعة الأسماك لمدة شهر، بعد ارتفاع أسعارها لأرقام قياسية غير مسبوقة، ونجحت الحملة خلال أيامها الأولى فى تخفيض الأسعار، ورغم ذلك مازالت مستمرة وسط إصرار المواطنين على عدم الشراء.
تعرض تجار الأسماك فى 8 محافظات شملت الإسكندرية وبورسعيد ودمياط والإسماعيلية والشرقية وبنى سويف والسويس والغربية لخسائر فادحة بسبب الحملة، لذا أتمنى أن تتسع الحملة لتشمل العديد من السلع الأخري، وذلك لكبح جماح جشع التجار، وليكن شعارنا جميعاً «بيدى لا بيد عمرو»، والتعاون مع الحكومة فى مواجهة تلك الظاهرة السلبية وعندها يمكننا القول حقاً «المستهلكون قادمون».