بتجرد تام وإخلاص شديد مع وعى غير زائف وفهم أظنه صحيحاً والله من وراء القصد فى كل ما أكتب وأسطِّر، أقترح باختصار ان تجرى الانتخابات القادمة نوابا وشيوخاً فى وقت واحد، الزاوية التى انطلق منها هى المزاج العام للمواطن المصرى الذى يعيش ظروفاً شديدة الصعوبة والذى سيتحول إلى ناخب خلال الفعاليات الانتخابية القادمة.
فالمزاج العام ليس فى أحسن حالاته جراء الأزمات الاقتصادية المتتالية والأزمات الإقليمية المتسارعة، فكرت مليا فيما سيجرى وفقا لما هو مخطط ومقرر من إجراء انتخابات الشيوخ ثم بعدها بأشهر قليلة انتخابات النواب، وجدت ان ذلك سيمثل عبئا شديدا على الجميع.
>>>
فالصحافة والإعلام التى يجب عليهما تغطية الانتخابات فى كل الدوائر وحث الناخبين على المشاركة والإدلاء بأصواتهم فى دوائرهم وشرح أهمية مجلس الشيوخ ودوره فى البنيان التشريعى والسياسى ثم تكرار نفس القصة بنفس المفردات بعد أشهر قليلة، بالإضافة إلى الأعباء المالية الضخمة وكذلك الأعباء الأمنية التى لا تحتاج شرحاً أو تفسيراً فى ظل حالة الاحتقان الاقتصادى الشديد.
بيد أن النواب الحاليين فى مجلسى الشيوخ والنواب قاموا بأدوارهم التشريعية والرقابية فى ظل ظروف صعبة للغاية، لكن هناك أسئلة يجب ان نجيب عنها بتجرد ووضوح ومصداقية.
ما مدى درجة الرضا الشعبى عن أداء النواب خلال الفصل التشريعى الذى قارب على الانتهاء؟
>>>
ما مدى تأثير الحالة الاقتصادية على المزاج العام والعقل الجمعى المصري؟ ما هى التوقعات الموجودة على الأرض لنسب المشاركات فى الانتخابات القادمة؟ هل ستتغير فلسفة الاختيارات الحزبية للمرشحين أم ستستمر كما هي؟ هل أفرزت الأحزاب شخصيات جديدة جديرة بخوض الانتخابات؟ هل استطاعت الأحزاب السياسة الانغماس فى القضايا الجماهيرية والسيطرة على مقاليد الشارع السياسى والانتخابي؟ والسؤال الأهم هل تقطعت وانفصلت النهايات الطرفية الإخوانية وما يدور فى فلكها عن الشارع الانتخابي؟ هل جفت التمويلات السياسية الخارجية من المشهد وأصبح المال السياسى من التراث وجميعنا يتذكر الجمعيات الشرعية وأنصار السنة والسلفيين والإخوان وغيرهم؟
>>>
أتصور أن هذه الانتخابات فى هذا التوقيت مفصلية بشكل قاطع، فالتوقيت الذى تجرى فيه شديد التعقيد من كافة النواحي.
العالم يتشكل أمام أعيننا والإقليم يعاد ترتيب مفرداته وهذا كله يمثل تحديا شديدا للدولة المصرية التى لا يجب ان تغيب عن المشهد بل يجب عليها – كما تفعل – ان تشارك وتدير عملية التغيير والحفاظ على الدولة الوطنية والجيوش الوطنية والتخلص من القوات الفاعلة من دون الدولة، كذلك تخوض مصر معركة اقتصادية مع المؤسسات الدولية من أجل مواجهة الفقر والجوع فى دول الجنوب حتى تتوقف النزاعات التى تنتج هجرة غير شرعية وإرهاباً وتغيرات ديموجرافية عنيفة، كل هذه الأمور تشكل جزءاً أصيلاً من المزاج العام المصرى أضف إلى ذلك الأوضاع الداخلية وتشابكاتها، والشائعات الإعصارية التى لم تتوقف لحظة واستغلالها للظروف الدولية والإقليمية خاصة حرب غزة ولبنان ومحاولة تشويه الموقف المصرى والتشكيك فيه وهذا يؤثر لا شك على المزاج العام المصرى.
>>>
من هنا أرى أن إجراء استحقاقين انتخابيين متتاليين فى فترة زمنية متقاربة يفصلهما شهور سيمثل عبئا جديدا على الدولة من ناحية وإنهاك للمزاج العام من ناحية أخري، وبعيدا عن الرؤى التى ترى ان ذلك سيواجه صعوبات لوجيستية أو أمنية أو سياسية أو انتخابية أقول قد يكون ذلك أو بعضه صحيحا، لكنى أتذكر جيدا ان فخامة الرئيس وجه بدراسة ذلك المقترح وقال «ادرسوا ذلك الأمر» أتذكر كذلك أن هناك دولا عديدة تشبهنا مثل تركيا تجرى فيها الانتخابات متزامنة وفى يوم واحد، كل ما أرجوه ان نفكر وندرس ونرفع توصياتنا مجردة آخذة فى الاعتبار أهم ما يجب أن يؤخذ ألا وهو المزاج العام للشارع المصرى الآن وأثناء الانتخابات.