تمتلك مصر محميات طبيعية تتفوق بها على جميع دول العالم.. ورغم هذا فإن استفادة مصر من تلك المحميات فى تنشيط السياحة البيئية لا ترقى إلى المستوى المستهدف سياحيا .. وزارة البيئة وضعت برنامجا لتحقيق الاستفادة من 142 فرصة استثمارية فى المحميات الطبيعية.. و بدأت ثمار الجهود تنعكس على ارتفاع نسبة السياحة البيئية والعلاجية .. لكن ما يزال الطريق طويلا من خلال تعاون السياحة مع البيئة فى إنشاء فنادق ذات طبيعة بيئية ضمن منهجية التحول العالمى فى الإفادة من الموارد الطبيعية.. حيث يأمل خبراء الطبيعة أن تحقق مصر موارد سياحية من وراء تلك لمحميات يمكن أن تصل إلى 30 مليار دولار سنويا على الأقل.
د. ياسمين فؤاد ـ وزيرة البيئة قالت أن الوزارة سعت جاهدة فى سبيل الحفاظ على الموارد الطبيعية، وإرساء مبادئ الإدارة الرشيدة لتلك الموارد وتحسين البنية التحتية وتطوير مراكز الزوار بالمحميات، لخلق منتج متميز للسياحة البيئية بما يوفر تجربة سياحية فريدة بالمحميات ترتقى للمستويات العالمية وتوفر خدمات للزوار بالمحميات، موضحة أنه نتيجة لجهود التطوير التى شهدها قطاع المحميات الطبيعية خلال السنوات الماضية ارتفعت إيرادات المحميات بنسبة تجاوزت 280 مليون جنيه.
أوضحت د. ياسمين أن وزارة البيئة نجحت فى استغلال المحميات الطبيعية والاستفادة منها كمورد بيئى وسياحى واقتصادى بمشاركة القطاع الخاص والمستثمرين فى إتاحة عدد 142 فرصة استثمارية حقيقية بالعديد من المحميات مما يساهم فى حماية الموارد الطبيعية بالمحميات الطبيعية وتوفير فرص وتجارب سياحية بمعايير عالمية تجعل مصر فى صدارة البلاد الجاذبة للسياحة البيئية عالميا ودعم الاقتصاد الوطنى وتوفير فرص عمل جديدة للشباب غير تقليدية لحماية البيئة وتحقيق التنمية المستدامة.
كما أن البيئة أطلقت حملات توعوية لدعم السياحة البيئية بالمحميات تضمنت إطلاق الحملة الترويجية (Eco-Egypt) الأولى لدعم السياحة البيئية والمحميات الطبيعية ضمن استراتيجية وزارة البيئة لتطوير المحميات وإطلاق حوار القبائل تحت عنوان «حملة حكاوى من ناسها» لعرض التراث الثقافى والبيئى للمجتمعات المحلية، حيث تهدف إلى تعظيم دور المجتمعات المحلية فى صون وحماية المحميات.
أكد د. عمرو سيد عبد الفتاح، معاون وزير البيئة السابق أن المحميات الطبيعية بالفيوم أحد أفضل المواقع فى العالم، حيث تجمع بين السياحة البيئية وأنواع كثيرة من السياحة نتيجة انفرادها بتراكيب جيولوجية نادرة وبحيرات مذهلة ومناظر طبيعية خلابة تجمع بين التنوع البيولوجى والتاريخ الثقافى وحسن الضيافة ومجموعة من عناصر الجذب والتقاليد التى تجعلها قطاعاً سياحيًا بيئيًا فريدًا من نوعه على المستوى العالمي.
أضاف عبد الفتاح أن محافظة الفيوم بها محمية قارون ومحمية وادى الريان وإجمالى مساحة المحميتين قرابة 3100 كم2 أى ما يعادل نصف مساحة محافظة الفيوم، وأفضل حفريات على مستوى العالم موجودة فى محمية قارون الطبيعية حيث جبل قطرانى شمال بحيرة قارون والمنتظر إعلانه كمنطقة تراث طبيعى وثقافى عالمي، وكذلك موقع وادى الحيتان بمحمية وادى الريان والذى تم إعلانه أول موقع للتراث الطبيعى العالمى فى 2005، إضافة إلى مئات المواقع لمراقبة الطيور المقيمة والمهاجرة خاصة جزيرة القرن الذهبى ذات الـ 55 فداناً تقريباً بمعدل 2.5 كم 2 وتوجد فى قلب بحيرة قارون الطبيعية وهى مناطق ذات تصنيف عالمى لمراقبة الطيور، ويجد زائر المحميات الطبيعية بالفيوم مفتاحاً سحرياً لبوابات الزمن حيث تضم المحميات الطبيعية فى مصر مواقع تراثية وحضارية كانت جزءًا من إمبراطوريات قديمة ظلت مختبئة فى هذه الطبيعة الخالدة، ولذلك يمكننا القول: إن المحميات الطبيعية المصرية أكبر متحف للتراث الطبيعى والثقافى على المستوى العالمي، مشددا أن الاستثمار البيئى فى محميتى قارون ووادى الريان يستهدف تأكيد إستراتيجية حماية وصون الطبيعة ودعم السياحة البيئية.
أجمل شواطئ العالم
الدكتور محمد السيد ـ أحد خبراء العلوم البيئية أكد أن السياحة البيئية أحد أشكال السياحة بمصر مثل السياحة العلاجية والثقافية ولها أهمية كبيرة ومن أبرز مناطقها .. مدينة شرم الشيخ بجنوب سيناء حيث بها محمية رأس محمد التى تعتبر المقصد الأول للسياحة البيئية لأنها من أجمل شواطئ العالم، ونموذج يعكس أهمية التنمية المستدامة مع المحافظة على الطبيعة بما يضمن توفير وجهة سياحية عالمية فريدة من نوعها وكذلك السياحة الصحراوية، مشيرا إلى أن وزارة البيئة قطعت شوطاً كبيراً فى مجال السياحة البيئية خلال الأعوام الماضية، وقدمت مجموعة من النماذج المتميزة منها سياحة المغامرات، وهى جزء من السياحة البيئية، حيث رفع كفاءة وتطوير عدد من المحميات طبيعية بتطوير البنية التحتية وتقديم خدمات للزوار من خلال المجتمعات المحلية التى تقوم بتقديم خدمات للسائحين، إضافة إلى وضع معايير للنزل البيئى لمزاولة النشاط، مضيفا أن محمية رأس محمد تسمى «جنة الله فى الأرض» حيث يوجد بها حوالى 150 نوعا من الشعاب المرجانية، وكذلك «البحيرة المسحورة» التى تعد رقعة استشفاء وتلبية الأمنيات، كما أنها أول محمية طبيعية يتم إنشاؤها فى مصر، وتم إعلانها رسمياً محمية طبيعية عام 1983م، على مساحة 97 كم، وثانى أهم محمية وثالث أهم موقع غطس على مستوى العالم، فضلا عن باقى المحميات والتى تعد المقصد الأول لسائح السياحة البيئية والتى تسعى مصر جاهدة لتنميتها.
التنزه بالطبيعة
بينما أوضح واتر بحرى مسئول برنامج الحماية بالجمعية المصرية للطبيعة ومنظم رحلات بيئية أن السياحة البيئية مرتبطة بالتنزه فى الطبيعة مثل الجبال والبحار والشواطئ وتقسم لثلاثة أنشطة مثل رياضة المشى الطويل « الهايكنج»، ومشاهدة الطيور والأنشطة المائية وتقوم على مشاهدة التنوع البيولوجى والنظم البيئية المختلفة بكل مكان، وللأسف يتم إدراج رحلات السفارى ضمن السياحة البيئية وهذا خطأ شائع ومن المفترض أنها تكون من شخصين لعشرة وليس أكثر وهذه المعايير لعدم إزعاج الكائنات الحية بالأماكن التى تتم زيارتها وهذه السياحة تناسب المحميات الطبيعية وأشباهها مثل جزر النيل والمناطق الزراعية.
أشار بحرى إلى أن هناك معايير تمت من خلال تعاون مصرى ألمانى خاص بالسياحة البيئية وقامت وزارة البيئة بوضع معايير للفنادق البيئية مثل النجمة الخضراء، وهناك تغيير واضح فى أسس ثقافة السياحة البيئية بما يحقق الاستمتاع للسائح خاصة وأنه سائح على ثقافة عالية وليس سائحا عاديا، كما أنه تم تدريب السكان المحليين للمحافظة على التنوع البيولوجى بالمكان والحرف التراثية لأنها مصدر رزقهم وحتى تكون مستمرة ومستدامة وبالتالى الحفاظ على البيئة، فهى سلسلة متكاملة فى المنظومة البيئية.
قاطرة التنمية المستدامة
محمد كارم عز الدين أحد خبراء السياحة العلاجية يكشف أن هناك جهوداً مبذولة من القيادات السياسية للاهتمام بالسياحة البيئية والسياحة العلاجية لأنهم قاطرة التنمية المستدامة للقطاع السياحي، علاوة على الجهود المبذولة بمحافظة جنوب سيناء على الأخص مدينة شرم الشيخ لكونها من أوائل المدن التى تشهد السياحة البيئية التى تم إدراجها ضمن قائمة السياحة المستدامة خلال الفترة الماضية مما ساعد بشكل كبير على تدفق الحركة السياحية لهذه المدينة إضافة للاهتمام البيئى بسانت كاترين خاصة مشروع التجلى الأعظم وكذلك واحة سيوة والواحات البحرية، وإنشاء فنادق بيئية تتناسب مع طبيعة كل مكان وهذا ما يفضله به السائح ويستمتع به علاوة على الحفاظ على الحرف التراثية للمكان مما يساعد على توفير فرص عمل للسكان المحليين وهذه الحرف تجعل السائح يستمتع بالمكان على طبيعته بدون تلوث، موضحا أن السائح يحب العودة للطبيعة بعيداً عن صخب المدينة والتكنولوجيا فى جو نقى خال من التلوث وهذا موجود فى مصر، فالسياحة البيئية من أغلى أنماط السياحة، حيث الفنادق البيئية وهناك السياحة الاستشفائية بواحة سيوة والواحات البحرية وتمثل الوفود الألمانية 90 ٪ منها.
د. خالد الشافعى الخبير الاقتصادى ورئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية أكد أن السياحة البيئية أحد الموارد الرئيسية لازدهار السياحة فى مصر، سواء أكانت دينية أو شاطئية واستشفائية وغيرها وآن الأوان أن يكون العائد الاقتصادى للسياحة بوجه عام يصل لـ 30 – 40 مليار دولار خلال الفترة القادمة ، فقد بلغت إيرادات مصر من السياحة خلال الفترة الماضية الـ 14 مليار دولار سنوياً، ومصر تملك مقومات السياحة البيئية، وهذا نادر الحدوث فى دول العالم، حيث ان مصر يتميز بتنوع المقاصد السياحية البيئية مثل سيوة وسانت كاترين وشرم الشيخ والعديد من المحميات الطبيعية التى تمتاز بها كل محافظة بمصر مطالباً بمزيد من التسويق ووضع رؤية متكاملة لمزيد من تسويق أفضل للسياحة البيئية فى مصر خاصة وأنه تم تطوير البينية التحتية للعديد من الأماكن لجذب مزيد من السائحين لصلاحية مصر لذلك لما يمتاز به جوها ومناخها وشواطئها وما تحويه من شعاب مرجانية بما يساهم بمرودود إيجابى على الاقتصاد المصرى من خلال الاستثمار الأخضر فى السياحة البيئية والتى توفر العديد من فرص العمل ويستغل مقومات الدولة المصرية مما يحقق الكثير للاقتصاد المصرى بزيادة مواردنا من العملة الأجنبية.