اعتقد أن المجتمع المصرى رغم امتلاكه مقومات القوة إلا أن الحكمة بالغة، وقيمة التسامح تعلو على الانتقام أو القصاص؛ فهذا الشعب العظيم لديه متسع لقبول الآخر، بل يسعى دومًا للتعايش السلمى الذى من شأنه أن يضيف لتاريخه المشرف وثقافته الثرية وحضارته المتجذرة؛ لكنه لا يساوم على مبادئه، ولا يتخلى عن ثوابته، ولا يترك كل من يحاول العبث بقيمه وكل ما يضير بمنظومة الأخلاق الحميدة.
المجتمع المصرى المتسامح تخلو ساحته من الصراعات والخلافات؛ وفى المقابل يسود الوئام والتفاهم، وتطغى المصلحة العامة على الخاصة، وتنتشر المحبة المغلفة بالحنو والتكافل والترابط؛ فلا تجد شعبًا على وجه المعمورة يصطف خلف وطنه وقيادته السياسية، أسرع من هذا الشعب العظيم وقيادته السياسية، الذى يعشق تراب وطنه، ولا يتقبل أن ينال منه معتد.
مجتمعنا المتسامح لا تجد فيه إلا المواطن المنشغل بقضايا وطنه، وما يهم الأمة المصرية والعربية على السواء؛ فترى حالة من الحراك الفكرى ينغمس من خلالها الجميع متوافقين على رؤية مشتركة تقوم فلسفتها على المواطنة، وتنبرى على لغة جامعة يطلق عليها الحوار الوطنى الشامل؛ ومن ثم نحصد ثمرة ما يتوصل إليه العقل الجمعى وما يتوافق عليه الضمير الوطنى الذى ولاؤه وانتماؤه للوطن دون مواربة.
من يعاشر المصريين ويعيش فى كنف كرمهم ويقف عند مشرب قيمهم وعاداتهم وتقاليدهم يبرهن عن انبهاره بطبيعة هذا الشعب الأبى الذى يمتلك الرضا والحب والتآلف وفق ماهية الاحترام والتقدير؛ فقد يخالفك الرأى لكنه لا يظهر لك سلبية تثير الوجدان؛ ومن ثم تلحظ رؤى بناءة تلوح فى الأفق، وترصد حالة من السعادة والبهجة تغلف الوجوه رغم تحديات الحياة ومصاعبها وضغوطها المتوالية.
مصر منذ فجر التاريخ دشنت فلسفة التسامح عبر تاريخها وحضارتها الغائرة؛ لذا تجد شعبها العظيم يتخلى عن كل ما يفرق ويتجمع حول ما يقوى النسيج ويزيد من قوة الرباط ويؤلف القلوب ويروى الوجدان ويغذيه بالحب والوئام؛ فمن يتعامل مع المصريين اجتماعيًا أو سياسيًا أو عبر تفاعلات شتى مجالات الحياة العلمية والعملية، يلتمس فحوى قيمة التسامح ويشعر بالارتياح لما يقابله من نفوس صافية ووجدان راق ومشاعر رقراقة جياشة.
شعب مصر المتسامح يعيش ماهيّة الاستقرار رغم ما يحيط به من تحديات وأزمات؛ فلا تجد قبولًا لمن يخرج عن نصوص القانون، ولا ترى تعاطفًا تجاه من يستهدف النيل من القيم المجتمعية، ولا مكان لمن يريد النيل من مقدرات الوطن سواء أكان ذلك بالفساد، أو الإفساد، أو الإرهاب، أو نشر الضغينة، والشائعات المغرضة؛ حيث إن التسامح يغلفه قوة وحزم.. ودى ومحبتى لوطنى وللجميع.