تحدثت فى حلقات سابقة من المقالات التى أوجه فيها النصح لاتحاد الكرة للخروج بالكرة المصرية من حالة التراجع الشديد فى السنوات الأخيرة، عن بعض الحلول للكشف عن المواهب فى الأقاليم والقرى والنجوع النائية من الفقراء الذين حرمتهم الظروف الاقتصادية من اللعب فى ظل وجود الإستراتيجيات التى تعتمد على دفع آباء اللاعبين لمبالغ كبيرة من أجل أن يتمكن أبناؤهم من لعب كرة القدم سواء فى الأندية، أو الأكاديميات التى تطلب مقابلاً كبيراً لا يستطيع دفعه الفقراء الذين هم المورد الأساسى للمواهب، وفى وقت إتجهت فيه الرياضة إلى وسيلة للتكسب لمن ليس لديهم أى فكر فيها، وفقط وجدوا فيها الفرصة للكسب بالملايين بشكل أسهل كثيرا من أى مجال آخر.
سألنى بعض الأصدقاء!!.. لماذا تتحدث دائما عن المواهب بين الأسر الفقيرة، قلت إنها حكمة الخالق سبحانه وتعالى فى إكساب الفقراء بتلك المواهب أكثر من الأسر القادرة التى يكون الطفل فيها فى وضعية اجتماعية أفضل مما يجعله لا يبذل الجهد والمثابرة مثلما يفعل الفقراء لتغيير مستوى معيشتهم، وتلك من حكمة الله سبحانه وتعالي، فلماذا إذن تحاولون أن تعارضوا حكمة الخالق فى التوازن فى النعم بين كل البشر!!
ولا زلت أكرر الكلام عن ظاهرة غياب المواهب فى كرة القدم المصرية، مثلما كان يحدث فى سبعينيات وثمانينات القرن الماضى عندما كانت كرة القدم المصرية تفرز المواهب بإستمرار والتى أمدت المنتخب بعناصر كثيرة من المهرة.
وبعيدا عن عدم ظهور ناشئين، فقدت الأندية الكبرى نقطة هامة جدا وهى تربية الناشئ بين جدران النادى وبالتالى انتماؤه للفانلة التى يرتديها واكتساب الروح القتالية بسبب هذا الانتماء.
ولن أتحدث هنا فقط عن الأندية التى تخلت عن أحد أدوارها الرئيسية بالبحث والتنقيب عن المواهب، وإنما أيضا عن دور الاتحاد باعتباره الجهة الحاكمة لكرة القدم فى أى دولة، وهناك الكثير من الدول بما فيها دول عربية محيطة أدركت دور الاتحاد فى البدء بمشاريع كبيرة تستغل فيها المال القادم من الرياضة للصرف على تلك المشاريع والتى ذكرت تفاصيل بعضها فى مقالات سابقة.
فى السنوات الأخيرة تحولت كرة القدم من لعبة رياضية إلى صناعة تفوق الكثير من الصناعات فى المجالات الإقتصادية الكبري، ولكن مع فارق كبير وضعته الهيئات الرياضية الكبرى وهو عنوان كبير يقول..»المال القادم من الرياضة يصرف على الرياضة»
المهم أن المسئولين لدينا فهموا السياسة الجديدة لصناعة الرياضة فى العالم بشكل خاطئ، لأن المقصود من صناعة الرياضة هو أن تقوم الرياضة بجلب الأموال من مصادر متعددة كى تستطيع الصرف منها على الرياضة نفسها ومشاريعها وأهمها التنقيب عن المواهب فى المناطق النائية والبرامج اللازمة لتطوير مواهبهم. ولكن للأسف صناعة الرياضة تحولت عندنا إلى وسيلة لتكسب الأشخاص من الرياضة دون وجه حق، ودخل الرياضة رجال الأعمال بالكوم من أجل التكسب من الرياضة وليس لتنفيذ مشاريعها، فتحول المال القادم من الرياضة إلى جيوب أشخاص ربما لا يفقهون شيئا عن الرياضة بدلا من إنفاق هذه الأموال كما تنص كل القواعد الأوليمبية على مشاريع الرياضة.
المهم فى كل ما سردت أننا ابتعدنا منذ سنوات عن المكان الحقيقى للمواهب ومنجم الذهب لنجوم المستقبل وأصبحنا نبحث فى شريحة لا تنجب المواهب إلا بنسبة تقل عن واحد إلى 300 من نسبة ظهور المواهب فى الفئات الفقيرة فى القرى والنجوع النائية البعيدة عن العيون.
الحلول التى أذكرها الآن هى فى وضع برامج يتبناها الاتحاد مع الدولة وتعمل على التنقيب عن النجوم فى تلك الأماكن النائية وبخاصة الفقيرة منها، دون إنفاق باهظ لإظهار هذا العمل بالشكل السليم، وأن يتم بعناية انتقاء المدربين الذين يقومون بهذا العمل الجليل لأن تربية النشء رياضيا والأهم خلقيا يتطلب شخصيات للمدربين من نوع خاص، بحيث يكون مدرب الناشئين أفضل تأهيلا من مدرب الكبار.. فهل يفعل الاتحاد..؟
أفلح إن صدق !!