لا شك أن العالم يمر بالعصر الأصعب لأزماته المتصاعدة، يودع أزمة ويستقبل أزمة والخيارات والمواجهات كلها مفتوحة مع زخم التوترات الجيوسياسية وتأثيرها والتهديدات والتصريحات هنا وهناك، الدين العالمى يتفاقم وبشدة ويواصل ارتفاعه.
عملية الإكراه الاقتصادى بسياسات التشديد النقدى مستمرة، تبعات التغيرات المناخية تتزايد معدلات النمو تتراجع كذلك الأوضاع المالية وضبط المالية العامة نحو خطط مالية متعددة السنوات تواجه مشاكل كبيرة وعطفا على ما سبق أصبح من الصعب إزالة حالة الغضب من العناء الاقتصادى الذى تواجه الشعوب كذلك مواجهة الدول لصعوبة حماية الاستثمارات الداعمة للنمو ومن المتعارف عليه أن كل دولة لها خصوصية فى ضبط المالية العامة كذلك هوامش الامان المالى وهنا يظهر سؤالاً ملحاً.. هل التعاون متعدد الأطراف يساعد على حل المسألة ومشاكل الديون.. الإجابة أنه قد يحدث وقد لا يحدث فالمؤسسات المالية وعلى رأسها صندوق النقد الدولى يقول طبقا لتصريحات كريستالينا جورجيفا رئيس الصندوق نحن المستجيب الأول وقت الازمات.
وهنا نستعرض بالتحليل والقراءة الفنية الواسعة حديث المؤسسات المالية الدولية وتأثير القرارات على كل أحوال الاقتصاد عالميا ومحليا، لا شك أن الأحاديث الدولية المثارة والتى توسعت فيها دوائر الجدل هو السؤال القائم باحترافية (هل يصلح الاقتصاد ما أفسدته السياسة والصراعات الجيوسياسية) وهل تصمد الدول فى وجه العاصفة فى الفترة القادمة ؟ لقد تم اعادة رسم خريطة جديدة للعالم خصوصاً على خلفية تخفيضات الانتاج لملف النفط والذى سنتحدث عنه لاحقاً وانتظر العالم أجمع اجتماعات الخريف فى واشنطن حتى يجيب المختصون عن كل التوقعات والحلول الناجزة لإنقاذ ما تبقى من اقتصاد العالم، لقد كان العالم ينتظر أى بارقة أمل من اجتماعات المؤسسات المالية فى واشنطن وهما أكبر مؤسستين دوليتين يسيران الأمور المالية عالميا هما صندوق النقد الدولى والبنك الدولى ولكن الموسيقى توقفت والاحتفال مستمر نعم فالإستراتيجيات المتداخلة والتى تخدم بعض الاجندات جعلت النتائج تختلف بشكل جذرى عن التوقعات فالتشتت يخيم على الاجتماعات والكل لا يرى قراءة الاحداث او لا يريد قراءة الواقع عمدا فالعالم يمر بمرحلة غاية فى الصعوبة وهناك اختبار كبير لصناع السياسة فى المرحلة القادمة.
لقد اجتمع محافظو البنك وصندوق النقد الدوليين فى واشنطن فى لقاء الربيع قبل اجتماعهم السنوى للخريف بفرصة تاريخية لمعالجة الازمات العالمية المتتالية والمتمثلة فى التوقعات الاقتصادية العالمية والقضاء على الفقر واعادة هيكلة الديون العالمية والتنمية الاقتصادية وفعالية المساعدات تحت عنوان (الطريق إلى المستقبل وبناء القدرة على الصمود وإعادة تشكيل التنمية) والتغلب على الديون وكيفية تحقيق النمو والحكم بفاعلية على الاوقات العصيبة التى يمر بها العالم وتسريع وتيرة التنمية فى عصر الأزمة العالمية وتمكين النساء وكيفية تحفيز قوة رأس المال الخاص فى التنمية المستدامة وكيفية تحفيز سلاسل الامداد المستدامة والشاملة والاستثمار فى رأس المال البشرى لتسريع وتيرة التمويل الأخضر .
استعادة الثقة
وكان من المنتظر ان يستعيدوا الثقة فى الاقتصاد العالمى من خلال تحديد مستوى عال من الطموح للمؤسسات المالية الدولية لتفعيل عملها فى معالجة بعض اكبر التحديات التى يواجهها العالم.. خصوصاً منطقة الشرق الأوسط والاقتصادات الناشئة تحديدا وتأثير الصراعات الجيوسياسية على معدلات النمو فى هذه المنطقة، فأسعار الشحن بعيدا عن قناة السويس أثرت على العالم أجمع بسبب علاوة الشحن والمخاطر بالدوران حول افريقيا ويقول مسئولو الصندوق إن الاخبار السارة هى عدم دخول العالم إلى مرحلة الركود الاقتصادى وبدأت معدلات الفائدة والتضخم فى الهبوط ولكن الاخبار غير الجيدة هى انخفاض هوامش الامان للدول بسبب الصدمات الفجائية وعدم القدرة على تحقيق التوازن بين الاستثمار فى الناس والبنية التحتية لتحقيق النمو بالإضافة إلى تفاقم النزاعات التى تمثل تحولا سيئا لأى اقتصاد رغم تفاؤل الصندوق، وهذا يجعلنا نتحدث أولاً عن تصريحات المسئولين فى البنك والصندوق حول التمويلات واهميتها وجدواها بعد كل هذه المناقشات فى خريفهم المفتوح والتحديات العالمية ملحة وخطيرة شديدة التعقيد وكذلك التمويل الخارجى السنوى والذى يبلغ تريليون دولار للبلدان النامية والذى من المفروض ان يساعد هذه الدول على حماية شعوبها من التأثيرات المناخية المتزايدة وتحويل اقتصاداتها الى اقتصاد فاعل فهل هذا يحدث بالفعل كما اننا نتساءل فقط لمسئولى البنك والصندوق.. أين تعهداتكم لهذه الشعوب التى لم يتم الوفاء بها منذ 2009 وكانت وقتها 100 مليار دولار فى السنة ولم يتم الوفاء بها حتى الآن بالاضافة أن 60٪ من الدول الناشئة النامية منخفضة الدخل تعانى ( ضوائق مالية) أو هى قريبة منها فى حين أنهم جروا العالم إلى هذه الحرب الهجينة وعرضوا العالم لصدمات اقتصادية بسبب هذه الحرب والوباء الذى لا يعرف أحداً من أين أتى ومن هو المسئول عنه والتى جعلت الدول فى حالة من عدم المساواة وهناك ما يقرب من 100 مليون شخص يعيشون فقراً مدقعاً حول العالم اكثر مما كانوا عليه قبل الوباء.
ويبدو أن محافظى البنك الدولى ليسوا مستعدين لاى تغييرات إضافية لمضاعفة الموارد اللازمة لحل المشكلات الحقيقية فهناك اختلاف فى وجهات نظر المساهمين حول أولويات المؤسسات المالية الدولية قد تؤدى إلى تآكل الثقة عالمياً.
إن العالم بمؤسساته المالية يحتاج إلى نقلة نوعية فى حجم التمويلات والاستجابة السريعة لمعاناة الدول النامية وتحفز رأس المال الخاص للاستثمار فى البلدان النامية ويرى خبراء المؤسسات المالية ان الدول الناشئة تحتاج إلى زيادة الدعم المالى بينما الدول الكبرى لا ترى وتغمض عينيها قاصدة بعدم تخصيص اموال كافية لحل المشكلات التى تسببت فيها جزئياً.
وبالنظر إلى الاجتماع الخريفى كمحلليى للواقع الاقتصادى فى هذا الشأن الخاص بالمساعدات او التمويلات فنرى ان البنك والصندوق لم يقدما حلولاً واضحة بل وغير راغبين فى الابتكار على نطاق واسع فالعالم فى حاجة إلى مزيد من إقراض المؤسسات المالية الدولية مع حماية الفقراء ويجب عليهم قبل اجتماعهم المقبل ان يجدوا حلولاً لمزيد من التمويل الميسر والاستثمار الخاص والاستخدام الابداعى لحقوق السحب الخاصة لصندوق النقد الدولى (لخفض أسعار الفائدة).
فالتمويلات الميسرة هى اهم الوسائل لحل المقايضات المفترضة بين المناخ مقابل التنمية والأولويات الوطنية فى مقابل تفعيل المنافع العامة العالمية سواء مناخياً أو فى مساعدة فقراء العالم أو تخفيف عبء الديون المتراكمة والتى لم تترك كبيراً او صغيراً.
نمو الاقتصاد العالمى
لقد عدل الصندوق فى مطلع هذا العام توقعاته للنمو الاقتصادى وكان متفائلاً بشأن نمو الناتج المحلى إلى ٣٪ ولكن حال العالم لا ينم عن ذلك إلا إذا قام المجتمعون بدورهم فعلاً فلابد من عودة الثقة عالمياً أولاً فى إمكانية التوسط فى صفقة طموحة للمؤسسات الدولية لمحاولة (ترميم العالم) من خلال مشاركة المؤسسات الدولية المالية فى ضخ مزيد من الاستثمارات وخلق حالة من المسئولية للمؤسسات متعددة الاطراف وتهدئة حالة المنافسة بين القوى العظمى اكثر من ذلك وان يتم الاتفاق على حزم تمويلية لتهدئة وتلبية مخاوف جميع البلدان لحل المشكلات الاقتصادية العالمية التى يحتاج اليها العالم اكثر من اى وقت مضى وان يكون هناك الإرادة السياسية لها لتوسيع نطاقها بشكل كبير وإلا تحولت الاجتماعات سواء ربيعية اوخريفية او شتوية إلى (مكلمة لأصحاب الياقات البيضاء).
وبالرغم من اضطراب المصارف الامريكية والدعم المالى القوى للمصارف الامريكية من الفيدرالى إلا ان العالم ومؤسساته تنظر بعين الاعتبار الى بيانات التضخم الامريكية فقط على حساب بقية دول العالم وتبنى آليات قراراتها وتشير رسائل صانعى السياسة النقدية فى الاقتصادات الرئيسية إلى أن معدلات التضخم وإن ظلت مرتفعة ستأخذ فى الانخفاض وبالتالى لن تكون البنوك المركزية مضطرة للاستمرار فى رفع سعر الفائدة بل إن الاسواق بدأت تتوقع أن تخفض البنوك نسب الفائدة لتخفيف وطأة ارتفاع كلفة الاقتراض فى ظل الضغوط الائتمانية الناجمة عن أزمة القطاع المصرفى ولكن هذه التوقعات التى يبنى عليها المجتمعون قراراتهم قد لا تتحقق فقد أثبتت المراحل الماضية أن (النتائج عكس التوقعات) حتى لو كان اصحابها الفيدرالى الأمريكى أو المؤسسات المالية الدولية .
و هنا يبرز ذلك سؤال هام هل يصلح الاقتصاد والسياسات النقدية والمالية ما أفسدته السياسة؟ الحقيقة أن الاجابة فى غاية الصعوبة فمن الواضح أن اجتماع الخريف للمؤسسات المالية يتسم (بالتشتت) فالتحديات التى تواجه الاقتصاد العالمى كبيرة فحتى اتجاهات التجارة الدولية قد تغيرت ولابد لكل دول العالم أن يكون لديها حالة من الحذر الدائم فالاقتصاديون يستطيعون شرح سلوك اى شيء فى الاقتصاد ولكن اى اقتصادى فى العالم لا يستطيع تفسير ما يحدث وكأن العالم بما يحدثه هذا الصراع فى الازمة الروسية الأوكرانية وحرب غزة ولبنان ودخول إيران على الخط الساخن والفرص الانتهازية (كإنسان يطعن نفسه) فإلى جانب القضايا التقليدية التى يطرحها مختلف المشاركين فى الاجتماع تم التركيز على فرص الحصول على مزيد من التسهيلات والقروض مطالبين الدول الناشئة بمزيد من الاستقرار الاقتصادى والسياسى والاجتماعى والسياسات المالية النقدية لكل الدول المنخرطة فى برامج مشتركة مع صندوق النقد الدولى أو البنك الدولى .
فالصندوق لا شك يلعب دوراً فى رسم ملامح السياسات الاقتصادية التى تطبقها البلدان المرتبطة معه ببرامج مشتركة إذ إن بنية الاقتصاد العالمى السائدة حالياً منحت الصندوق « المفتاح السحرى « الذى من خلاله تستطيع بواسطته حكومات الدول التى تعانى اقتصاداتها من مشكلات تهدد استقرارها الحصول على قروض تنموية من مؤسسات التمويل الدولية المختلفة أو الفنية او حتى القطاع المصرفى العالمى الذى يمتلك فوائض مالية كبيرة وبحاجة إلى اسواق للعمل فيها بادوات تمويلية مبتكرة ومختلفة .
المفتاح السحرى
لا شك ان المؤسسات المالية المجتمعة بواشنطن تعلم جيداً أنه بدون شهادة صادرة من صندوق النقد الدولى تفيد بأن هذا البلد او ذلك يقوم بتطبيق سياسات اقتصادية تتفق مع فلسفته فان ابواب غالبية مصادر التمويل الخارجية الموجودة فى هذا العالم ستكون مغلقة أمام هذه الحكومات للحصول على تمويل يغطى عجز موازناتها او الحسابات الجارية لموازين المدفوعات وهذا يعرضها لمخاطر مالية واقتصادية لا تعرف مداها .
اعادة هيكلة الديون العالمية
من المخاوف أيضا مشكلة الديون العالمية التى وصلت إلى 100 تريليون دولار خصوصاً أن توقعاتهم تشير إلى زيادة الديون الخاصة بالولايات المتحدة الامريكية والصين فى المرحلة القادمة إلى اكثر من 136 ٪ من الناتج المحلى لامريكا و130٪ من الناتج المحلى للصين مع خفض توقعات النمو العالمى ومخاوف الصندوق الذى يقول ان الديون العالمية سوف تتفاقم إلى ما يقارب ثلاثة اضعاف الناتج المحلى الاجمالى ويرى (الخبراء الوازنين) ان سياسات الصندوق المعمول بها لا تمتلك اى حلول فعلية لوقف التدهور فى تفاقم هذه المشكلة وتضع مجمل الاقتصاد العالمى على صفيح ساخن وقد يصبح معرضاً للانفجار فى اى وقت ولن ينسى العالم ما وضعه صندوق النقد من آليات حول عدالة توزيع حقوق السحب الخاصة التى وزعها الصندوق على الدول قبل عامين لمواجهة التحديات الناجمة عن جائحة كورونا حيث تم توزيعها بطريقة لم تأخذ بعين الاعتبار مستوى حاجات الدول لهذا التمويل واشارت الدراسات أن الدول الغنية هى التى حصلت على نصيب الاسد من هذه التوزيعات على حساب إلى الدول الفقيرة الاكثر حاجة لها.
تعديلات على سياسات مؤسسات التمويل
هناك مطالبات كثيرة من الدول بضرورة اجراء تعديلات على سياسات مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولى بهدف إنصاف المتضررين من المجتمعات المحلية جراء الاضرار التى تعرضوا لها خلال تنفيذ المشاريع الممولة من قبلها بالاضافة إلى التساؤلات المطروحة حول مدى نجاح السياسات التقشفية التى يعرضها صندوق النقد وهو يحس على شد الأحزمة للاقتصادات الناشئة التى تصدعت بفعل الضغوط الاقتصادية لمساعدة الدول على الخروج من مأزقها المالية والاقتصادية مثل عجز الموازنات العامة والحسابات الجارية والدين العام وعلى اقتصادات الناس والمستويات المعيشية للغالبية الكبيرة منهم وكذلك مساهمة هذه السياسات فى تحفيز الاقتصادات على النمو الشمولى فهناك العديد من الامثلة خاصة منطقتنا العربية لم تسهم فيها هذه السياسات فى تجاوز هذه التحديات المالية والاقتصادية بعد تطبيق العديد من البرامج المشتركة على الصندوق.
قضية العدالة التصويتية
من الموضوعات التى تم مناقشتها اصلاح حوكمة صندوق النقد والبنك الدوليين حيث ان (القوى التصويتية) غير عادلة حيث يمتلك عدد محدود جداً من الدول الاغلبية التصويتية على حساب العدد الأكبر من الدول والتى تعكس عدم عدالة النظام العالمى العائم حالياً .
فى الوقت الراهن بالإضافة إلى دور المؤسستين الدوليتين فى تحقيق العدالة المناخية والتمويل الاخضر لكن بالتأكيد القوى التصويتية فى ناحية والعالم فى الناحية الاخري.
مخاطر زعزعة الاستقرار المالى العالمى
كانت السيدة جورجييفا تشدد على ضرورة تواصل المصارف المركزية مساعيها لحفظ الاستقرر النقدى والمالى العالمى وان تعطى الأولوية لمكافحة التضخم ثم يأتى الاستقرار المالى من خلال ادوات مختلفة وفى رأينا أن هذه التصريحات تشير عكس آليات ما يحدث فى الاسواق العالمية فارتفاع اسعار الفائدة يؤدى إلى زيادة المخاطر وقيام أزمات ديون فى عدد متزايد من الدول قليلة الدخل وما قالته مديرة الصندوق يعنى أن 10٪ من هذه الدول تعانى ازمة دين فعلاً وحوالى 40٪ من الدول الأخرى تقترب من هذا الاحتمال وهذا فى الحقيقة يمثل ارتداداً أيضاً إلى التضخم وليس الخروج منه أو تقليله .
لذلك تحتاج المؤسسات المالية الدولية لمواجهة حقيقية لهذا الوضع ومزيد من الموارد وهو ما تحاول الدول الاعضاء ادارته لتفادى أجواء اقتصادية اكثر صعوبة .
لا شك أن نشر التوقعات المعدلة للاقتصاد العالمى ستشكل نقطة للانطلاق سواء رسمية أو غير رسمية سواء للمؤسسات الدولية او الدول بصفة عامة خصوصاً بعد تصريحات كريستالينا جورجييفا المدير العام للصندوق إلى ان التوجه العالمى السائد بالنسبة للنمو العالمى المتوقع دون نسبة الـ 3٪ فى حين لا يتضمن مثل هذا المؤشر اى جديد وهذا التوجه قد يستمر لفترة طويلة مع توقعات صادمة بأن الفيدرالى الأمريكى لا ينوى تخفيض الفائدة الا فى عام 2025.
وستظل اسعار الفائدة والتضخم والديون والنمو تخيم على آفاق النمو العالمي.
خلاصة القول
إن خفض توقعات النمو العالمى فى المرحلة القادمة أو حتى التفاؤل بزيادته بنسبة قليلة توقع قائم ولكن هناك بعض الامور التى لم يناقشها المجتمعون هناك فى واشنطن فصناعة الشحن تأثرت فى العالم بسبب خريطة النفط الجديدة وتكاليف النقل والشحن تتزايد مع تحولات خريطة الطاقة وقد غفل المجتمعون أثناء الاجتماعات ولم يأخذ فى اعتباره صندوق النقد والبنك الدولى خفض الانتاج للاوبك بلس وكذلك تخفيضات روسيا الطواعية لان النقطة الجوهرية ان هناك اشكالات كبيرة ستظهر مجدداً على خلفية خفض انتاج النفط عالميا وهذا ما قالته ادارة معلومات الطاقة التى رفعت توقعاتها لاسعار الطاقة فى الفترة القادمة وهذا يحتاج الى حديث آخر فأسباب الخفض وتداعياته جعلت خريطة الطاقة تتشكل من جديد .
لا نريد ان نقول ان العالم فى (مرحلة تصفية سياسية اقتصادية) من أجل اعادة تشكيله مرة أخرى فالحقيقة واضحة والمؤسسات الدولية تغمض عينيها قصداً .
أما عن الشأن المصرى فرئيس الصندوق تقول إيرادات مصر من قناة السويس تأثرت بنسبة 70٪ والاقتصاد المصرى اقتصاد هام مرهون بتحديات الصراع فى الشرق الأوسط وهو اقتصاد قوى يستطيع جذب استثمارات والصندوق عليه أن يدعم الدول المتضررة بفعل التوترات السياسية فى المنطقة وهناك تغييرات جذرية لتصحيح بعض نقاط البرنامج مع مصر تلبية لنداء القيادة السياسية ومن هنا يجب مناقشة المرونة والاستدامة لذلك يجب أن يفتح باب جديد للنقاش مع الصندوق فتخفيض الدين قرار سيادى للصندوق طالما الاتفاقية تحوز الشفافية فلما لا وهناك خيارات مفتوحة أمامنا لتعديل بعض خطوط السير طبقا لما نراه من تحركات النمو وحركة التجارة العالمية مع الأخذ فى الاعتبار عدم الإفراط فى التفاؤل وكذلك عدم الإفراط فى الحذر وإيجاد حالة من التوازن بين الثقة والحذر للمناقشين وان هناك قضايا مركبة ولابد من الاهتمام بشواغل الناس وارتفاع الأسعار والديون على كاهل العالم كله وإجراء التوازن بين المدى الطويل والمدى القصير والتركيز على المالية العامة وبناء هوامش الامان
خصوصاً أن الصندوق يقول إن الديون السيادية العالمية محل نقاش ولعله يفعلها فالقصة لم تنتهى بعد