كثرت التعليقات على السوشيال ميديا على المسلسل التاريخى «معاوية» ما بين مؤيد ومعارض.. وصار كل ناشط يدلو بدلوه ويفتى فيما ليس له به علم لدرجة الوصول إلى شطحات بلغت إلى حد التكفير أو الانتقاص من الرجل والتشكيك فى نسب أبيه أبوسفيان.. كما وصل الحال إلى التهديد بإنتاج فيلم عن «أبو لؤلؤة المجوسى» قاتل الفاروق عمر وهو يصلى.. إذا لم يتم وقف مسلسل «معاوية».
وكانت أبرز التعليقات هو تجسيد الصحابة فى الأعمال الدرامية وهو موضع خلاف بين المؤسسات الدينية خاصة الأزهر الشريف الذى رفض عرض المسلسل لأنه يجسد الصحابة رضوان الله عليهم خاصة «الخلفاء الراشدين»، ومن أبرز التعليقات كذلك الملابس الفاخرة التى يرتديها معاوية والديكورات الفخمة وحمامات السباحة داخل القصور فى الشام وهو لا يتناسب مع طبيعة العصر ذاك الوقت المبكر مع إن تصوير المشاهد فى الكوخة العراق وهى مقر الخلافة للخليفة الرابع على بن أبى طالب، عادية لا ترقى للمستوى الحضارى فى الشام مع إن العراق صاحب حضارة أعرق وأقدم من الشام، بالإضافة إلى اظهار النساء سافرات وذات تسريحات راقية للشعر.. وهذا خلق تصوراً خاطئاً عن طبيعة الحياة آنذاك.
ليس هذا فقط بل تم وجيه انتقادات للمسلسل بسبب عدم دقته فى سرد الأحداث فيما يتعلق بحياة بطل المسلسل حيث أضاف المؤلف تفاصيل غير موثقة تاريخياً الأمر الذى يجعل العمل أقرب إلى الفنتازيا منه إلى التاريخ الحقيقى، وهذا التناول للشخصية طرح اشكالية تتعلق بمدى أحقية الدراما فى إعادة تشكيل التاريخ وفقاً لرؤية المؤلف.
الحقيقة المسلسل يؤرخ لفترة زمنية شديدة الحساسية أحدثت لغطاً وانقسامات فى الصف الإسلامى وظهور فئة مستحدثة اسمها «الخوارج» والتى كانت وراء سلسال الدم، لذا فتناول تلك الحقبة يحتاج إلى رؤية ودقة وحرفية فى التعاطى مع تلك الأحداث الشائكة التى يطلق عليها «الفتنة الكبرى» وتحدث وكتب عنها الكثير من الكتاب القدامى والمعاصرين ومنهم طه حسين عميد الأدب العربى، لذا فتناول تلك الفتنة شديد الحساسية قد يضع المؤلف أو المخرج فى حيرة إما يكون مع هذا أو ذاك، ويقع فى المحظور ويخالف قول رسولنا الكريم الذى قال: «لا تسبوا أصحابى فوالذى نفسى بيده لو أن أحدكم أنفق مثل «أحد» أى جبل أحد – ذهباً ما أدرك أحدهم ولا نصيفه» وقال أيضاً: «الله الله فى أصحابى لا تتخذوهم عرضاً بعدى فمن أحبهم فبحبى أحبهم ومن أبغضهم فببغضى أبغضهم ومن آذاهم فقد آذانى ومن آذانى فقد آذى الله».
هذا يعنى أننا فى غنى عن الخوض فى تلك الفتنة درامياً فهذا لا يقدم ولا يؤخر ولا ينفع شيئاً وتقييمها لن يجدى فقد وقعت وانتهت إلى ما آل إليه حال المسلمين آنذاك مع إن رسولنا الكريم نبأه الله بهذه الفتنة فقد قال: «ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم والقائم منها خير من الماشى والماشى منها خير من الساعى، من تشرف لها تستشرفه ممن وجد فيها ملجأ أو معاذا فليعذ به»، كما قال: «الخلافة من بعدى ثلاثون عاماً تصبر بعدها ملكاً وهو ما حدث بالفعل لو حسبنا مدة الخلافة منذ الخليفة أبو بكر الصديق وحتى بعد اغتيال على بن أبى طالب 29 عاماً ونصف العام وبولاية ابنه الحسن بن على لمدة 6 شهور بعد تنازله لمعاوية لتكون المدة كما ذكرها الرسول بالضبط 30 عاماً وقال رسولنا الكريم أيضاً عندما كان واقفاً على جبل «أحد» فاهتز فقال له «إثبت أحد عليك نبى وصديق وشهيدان» والشهيدان هما عثمان بن عفان وعمر بن الخطاب، كما قال «يقاتل الزبير علياً وهو ظالم له» لذا عندما ذكر على بن أبى طالب هذا الحديث للزبير بن العوام فى موقعة الحمل.. انسحب فوراً، كما قال رسولنا الكريم: «عمار بن ياسر تقتله الفئة الباغية» فلما استشهد فى موقعة صفين ارتبك أنصار معاوية وكان الرد بل قتله الذين أتوا به فى أتون المعركة».
وعموماً الأحاديث كثيرة عن تلك الفتنة مما يعنى أنها واقعة لا محالة وإلا ما أخبر بها الله سبحانه وتعالى نبيه ــ صلى الله عليه وسلم ــ وما علينا إلا التسليم وربما كان ذلك سبباً فى عدم مقاومة عثمان للذين حاصروا بيته وقتالهم لأنه يعلم بما قاله الرسول وأن هذا هو مصيره شاء أم أبى فما عليه إلا التسليم بقدر الله، لذا علينا التسليم بكل هذه الأحداث وعدم الخوض فيها «لا.. مع أو.. ضد» خاصة مع الصحابة وإذا تناولنا سيرتهم فبالخير وحساب الجميع على الله فهو العليم بكل شىء، ولا راد لقضائه.
الغريب فى الأمر هو تهديد إحدى القنوات أنها ستعود إلى انتاج فيلم باسم «شجاعة أبو لؤلؤة» رداً على مسلسل معاوية واعتبار أبو لؤلؤة صحابيًا ولا أدرى كيف والأكثر من ذلك يرى بعض الشيعة أنه بطل مبشر بالجنة مع ان الفاروق عمر عندما سأل عن قاتله قيل له إنه ليس بمسلم وليس بعربى فحمد الله وعمومًا أيًا كان أبو لؤلؤة.. فلم يكن من الداعى تناوله دراميًا نكاية فى «معاوية» ومنعاً لحدوث أى سجال مذهبى أو تشويه للمعتقدات الدينية للطوائف الأخرى غير ما تم ذكره فى التاريخ الإسلامى وما تنص عليه الكتب الإسلامية الموقوف بها..
أتمنى من المتابعين لأحداث مسلسل معاوية التعامل معه كعمل فنى مجرد من أى هوى أو طائفية فأحداث تلك الشخصية مر عليها أكثر من 1400 عام والانقسام لم يجد ولن ينفع كى لا نقع فى المحظورات ونغضب الله ورسوله الكريم.
.. وأخيرًا:
> أيام ونستقبل عيد الفطر المبارك أعاده الله علينا جميعًا باليمن والبركات والسعادة.
> الدكتور محسوب يكن – رئيس حى البساتين الجديد – رغم انه لم يمر على توليه المسئولية بضعة أيام إلا أنه شعلة نشاط فهو لا يكل ولا يتعب حيث اختار الشارع مقرًا بدلاً من مكتبه.. كى يتابع بنفسه أعمال النظافة والانضباط.. كما حدد موعدًا بمكتبه للذين يريدون إنجاز أعمالهم.. هذا ليس كلامى وإنما كلام الذين يتابعون صفحة الحى.