إلى أين يأخذ نتنياهو إسرائيل وإلى أى مصير ينتظره بالمنطقة فى ظل إصراره على التصعيد.. مازال رغم الخراب والدمار، والاستنزاف والأضرار التى لحقت بالكيان الصهيونى جعلت البعض من أصوات الداخل الإسرائيلى يؤكد أن رئيس الوزراء المتطرف يقود إسرائيل إلى المصير المجهول، وأنه لا يبحث إلا عن نفسه ووجوده فى المنصب السياسي، وعلى سدة الحكومة المتطرفة ضماناً لحماية رقبته من الحساب والعقاب بعد الفشل الكارثى والهزيمة الاستراتيجية التى أصابت إسرائيل فى مقتل وأصابتها بخسائر فادحة، ومهينة على صعيدى الداخل والخارج، دولياً وإقليمياً، ومازال نتنياهو يجر أذيال الهزيمة النكراء إلا أنه يعاند المنطق والمعقول، ويواصل الزحف إلى الهاوية، ليس إلا لبقاء سياسى مرهون بالوقت، وخشية السقوط فى «طوفان» من الاتهامات والتحقيقات حول أسباب الفشل الذريع والمزرى عقب «طوفان» الأقصي، وأصاب الكيان من أضرار مدمرة، أو حماية نفسه من اتهامات بالفساد، فى 3 قضايا تتعلق بقضايا مالية، ومحاولة تغيير المنظومة القضائية الإسرائيلية لحماية رأسه ومصالحه.
«إسرائيل تنزف».. هذا العنوان الذى يُوصِّف حال الكيان الصهيونى وما وصل إليه على كافة الأوجه والأصعدة فى الداخل والخارج.. فالفشل فى تحقيق أى أهداف العدوان على قطاع غزة والضفة، وعدم النجاح فى إطلاق سراح الرهائن والمحتجزين لدى المقاومة إلا عن طريق استلامهم جثثاً وقتلى بسبب القصف الوحشى الذى يُصر عليه نتنياهو تحت مسمى أنه لا سبيل عن إطلاق سراحهم إلا بالضغط العسكرى رغم أن نتائج هذا الضغط لا تخفى على الإسرائيليين وهو المزيد من القتلى والجثث من بين الأسرى والمحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية، ولم ينجح نتنياهو فى فرض السيطرة على قطاع غزة رغم حرب الإبادة التى يقودها ضد الفلسطينيين، فحجم الخسائر والتدمير فى آليات ومدرعات جيش الاحتلال أمر مرعب، بالإضافة إلى سقوط أعداد كبيرة من القتلى والمصابين يومياً من جيش الاحتلال وانخفاض حاد فى الروح المعنوية وخوف وذعر من استمرار القتال فى غزة، وانتشار عمليات القتل والطعن والدهس والعمليات الفدائية، التى وصلت لعمق إسرائيل، وفشل منظومات الدفاع الجوى الإسرائيلى فى التصدى لصواريخ المقاومة وإيران وحزب الله والحوثيين، فقد اخفقت القبة الحديدية ومقلاع داود فى صد الصاروخ الحوثى الذى اخترق العمق الإسرائيلى مع فشل ذريع فى التصدى له.
لم يقتصر فشل نتنياهو على الإخفاق العسكري، أو تحقيق أهداف العدوان فى القضاء على المقاومة أو تدمير قدراتها أو السيطرة على غزة، أو تهجير الفلسطينيين وتصفية قضيتهم أو التوطين على حساب مصر والأردن ولكن أيضاً هناك فشل من نوع آخر وهو الخسائر الاقتصادية القادمة بعشرات المليارات من الدولارات وتجميد للاقتصاد الإسرائيلي، وتوقف السياحة والإنتاج والتصدير، وهروب المستثمرين بل وهروب الإسرائيليين إلى خارج دولة الاحتلال والذين وصل عددهم إلى مليون مواطن صهيوني، ثم التهجير من الشمال إلى الداخل الإسرائيلي، وأيضاً التزام حكومة نتنياهو بتوفير إقامة بديلة للمستوطنين بأرقام باهظة للتكلفة فى الفنادق وفى أماكن أخري.. كل ذلك الدمار لم يوقف تطرف وجنون نتنياهو.. ناهيك عن حالة تصاعد الانقسام فى الداخل أو المجتمع الإسرائيلى ووصلت أعداد المتظاهرين إلى المليون رفضاً لسياسات نتنياهو وأكاذيبه واتهامه بأنه وراء إفشال جهود الوساطة فى عقد اتفاق للإفراج عن الأسرى والمحتجزين، بل ذهبت القوى السياسية والأحزاب إلى تشكيل حكومة جديدة بديلة لحكومة المتطرفين بقيادة نتنياهو لإنقاذ إسرائيل حسب قولهم، أو لإيقاف النزيف الشامل الذى أصاب الكيان ويقوده إلى الغيبوبة فى ظل الإنهاك وعدم القدرة حسب ما ذكر قادة جيش الاحتلال على مواصلة القتال وفتح جبهات جديدة والتحذير من خطورة تفجير الضفة، أو فتح جبهة جديدة فى الشمال، بل وحذر قادة جيش الاحتلال وأجهزته الأمنية من خطورة البقاء فى محور صلاح الدين «فيلادلفيا» ووصفوا ذلك بأنه عديم الجدوي، وأشاروا إلى أهمية عقد اتفاق لوقف الحرب، وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية لأن الضغط العسكرى لن ينجح فى إطلاق سراح الجميع، وعدم ضمان بقائهم على قيد الحياة.
نتنياهو حوَّل إسرائيل إلى فقدان أى تعاطف دولي، أو الرأى العام حتى فى الدول المؤيدة والداعمة للكيان الصهيونى وبات الكيان فى حالة عزلة إقليمية ودولية ولم تنجح أكاذيب ووسائل إسرائيل بتجميل وجهها القبيح، بعد أن سقطت أقنعة الخداع، ونتنياهو على بُعد خطوات من إصدار محكمة العدل الدولية قراراً بتوقيفه مع وزير دفاعه يؤاف جالانت بسبب جرائم الحرب التى ارتكباها فى حق الفلسطينيين.
نتنياهو فشل حتى فى ممارسة الكذب فقد أطلق العنان لترويج الأكاذيب خاصة حول مصر بمزاعم وأباطيل لم ولن يصدقها عقل، وزعم أن الأسلحة تأتى لحماس عبر أنفاق ترتبط بمصر وإذا بالأمس يخرج عليه مسئول عسكرى إسرائيلى من جيشه المحتل ليؤكد أنه عثر فقط على ٩ أنفاق مغلقة جميعاً من الجانب المصري، وأنه لا فائدة للبقاء فى محور «فيلادلفيا».
تصريحات المسئول العسكرى الإسرائيلى حول عدم وجود أنفاق بين مصر وغزة يكشف بوضوح أكاذيب نتنياهو وأهدافه وأنه يرهق إسرائيل بالكامل من أجل مصالحه الشخصية وأنانيته وخوفه من المصير المجهول، لذلك فإن جيش الاحتلال يبعث برسالة مهمة إلى المجتمع الإسرائيلى بكل مكوناته، كمواطنين أو أحزاب أو قوى سياسية، أو حتى القرار السياسى فى الحكومة، أنه لا طائل من الحرب فى غزة أو لا جدوى من البقاء فى محور فيلادلفيا ويضع نتنياهو فى مأزق شديد، لأنه أبطل مبرراته وأكاذيبه ومزاعمه حول جدوى الحرب بشكل عام، والبقاء فى محور فيلادلفيا بشكل خاص.
فى ظنى أن نتنياهو يقترب من خط النهاية، خاصة أن الجميع، كشف انتهازيته وأكاذيبه، وبات فى مواجهة مع الداخل الإسرائيلي، ولم يبق له سوى إيتمار بن غفير، ويسلئيل سيموتريتش أباطرة التطرف، والغريب أن نتنياهو مازال يُصر على تفجير الأوضاع فى ظل اتجاه حكومة المتطرفين إلى تغيير الأوضاع فى المسجد الأقصي، حسب رؤية بن غفير المصاب بالجنون، وهو ما من شأنه أن يؤدى إلى اشتعال الموقف سواء فى الأراضى الفلسطينية أو فى المنطقة، خاصة أن نتنياهو لم يشبع بعد من دماء الأطفال والنساء، ولم يمل مشاهدة أشلاء الأبرياء، فلم نجده يقتل جندياً أو مقاتلاً يخوض الحرب ضد جيش الاحتلال ولكن ما نراه هو قتل للأطفال والنساء، والأبرياء من المدنيين، واستهدافهم فى المدارس والمستشفيات ومراكز النزوح واللاجئين، لم نر إلا الأشلاء وبقايا الجثث، ورغم ذلك مازال نتنياهو لم يصل إلى مرحلة الإشباع، فجل ما يبحث عنه نتنياهو هو نفسه ومستقبله السياسى وابتعاده عن التحقيقات والاتهامات وكلما أطال زمن العدوان، اطمأن على البقاء فى المنصب، إنه يغامر بمستقبل الكيان، الذى ينزف بغزارة، وأن القادم لنتنياهو والكيان هو الأسوأ فى ظل مغامرات ومقامرات رئيس الوزراء المتطرف الذى لم يدرك بعد أن إسرائيل فى أسوأ وأضعف حالاتها وأن الحماية والدعم الأمريكى والغربى لم يعد يوفر الحماية، فقد سقط كل شيء الأكاذيب وغطرسة القوة وأساطير واهية عن القبة الحديدية والميركافا والمدمرة النمر، وقوة الأجهزة الأمنية بعد «طوفان الأقصي» كل شيء سقط.