الأسبوع الماضى بينما كنت منهمكة فى الحوار مع زوجى عن ارتفاع فواتير الخدمات التى نحصل عليها كالكهرباء والمياه والغاز والإنترنت ومطالبة الجميع بترشيد الاستهلاك فى محاولة منى لاسترجاع المبلغ الذى دفعته فى غيابه عن المنزل، رن هاتفى وكان المتصل أحد المسوقين للمشروعات العقارية فى منطقة الساحل الشمالى إلا أن رقم الهاتف الذى ضم الكثير من الأرقام المتشابهة نجح فى إقناعى بترك النقاش والرد على المتصل.
نقاشى مع زوجى كان قد اقترب من إقناعه بدفع قيمة فاتورة الإنترنت التى تم تجديدها قبل ميعادها بأسبوعين بسبب استهلاكنا الزائد مع رفضه الدفع بدعوى عدم تواجده فى المنزل طوال الوقت وأن هذا الاستهلاك خاص بى وأطفالى وعلينا تحمل قيمة ذلك وبعد عدة حيل إقناعية رضخ لدفع الفاتورة شأنها شأن باقى الفواتير إلا أن هذا الاتصال عطل الأمر.
المسوق العقارى أو كما يطلق عليه «بروكر» كان ملماً بتفاصيلى ربما من بعض المعلومات التى حصل عليها ممن سبقوه فى الاتصال لذا تمكن من الوصول لعرض ما لديه من فرص كما أسماها فى بعض المشروعات المملوكة لفئة تصنف مطور درجة ثانية وليست أولى لذا جاءت الأسعار فى متناول المواطن الكادح حيث تراوح سعر الشاليه غرفتين ما بين 13 و17 مليون جنيه.
سرحت بخيالى لأحسب كم احتاج من السنوات لأجمع هذا المبلغ بعد أن أعطى لى فرصة التقسيط على 8 سنوات مع إمكانية زيادتها لعشرة لاكتشف أن ما اتقاضاه من راتب إذا قمت بعدم إنفاق أى مليم منه ربما استطيع جمع مليون من هذه الملايين فى مدة قد تتجاوز عشر سنوات.
الرجل كان على درجة من الحماس دفعته لطلب مقابلتى سواء فى مقر شركته أو مقر شركتى أو حتى منطقة وسيطة لاقتناص الفرصة التى تتيح لى الشراء بسعر قد لا يتوافر فى الأيام القادمة مع ارتفاع الأسعار.
هنا وجدت نفسى أقول له إن الأسعار ارتفعت حقاً بشكل كبير وطالبته بالحديث فى وقت آخر حيث إننى الآن مشغولة بالحصول على قيمة فاتورة الإنترنت من زوجى قبل أن يرجع فى كلامه وهذه فرصة لابد من اقتناصها وهو ما لم يفهمه الرجل وطلب تحديد موعد مناسب يعاود فيه الاتصال فأبلغته بأنه ربما يكون الأمر مناسباً بعد عشر سنوات.
لا أعرف المنطق الذى يعتمد عليه المسوقون العقاريون حتى يتم الاتصال بأشخاص غير معلوم هويتهم من أجل إقناعهم بشراء سلعة تفوق إمكانياتهم المادية بكل المقاييس ولا أعرف كم هى التكلفة التى يدفعها المطور لبناء وحدة مصيفية حتى يبيعها بكل هذه الملايين.
أغلقت الهاتف وأنا أضحك على هذه الكوميديا السوداء التى نعيشها والتى جعلت هناك فجوة كبيرة بين من يملكون الملايين ومن يدخلون فى مفاوضات من أجل الحصول على قيمة فاتورة الانترنت وعاودت مفاوضاتى التى باءت بالفشل بسبب غضب زوجى لأنى انشغلت فى الحديث فى الهاتف عنه ووجدت حالى يقول لا إنترنت ولا شاليه الحمد لله على نعمة الصحة والستر.