يعتبر الكرم من أسمى القيم الإنسانية التى يعبر بها الفرد عن طيب قلبه ورغبته الصادقة فى مساعدة الآخرين دون انتظار مقابل. لكن فى وقتنا الحاضر، أصبح الكرم فى بعض الأحيان مهددًا بسبب ما نشهده من حالات استغلال. فى العصر الراهن، تزداد المنافسة وتقل مشاعر التعاطف، أصبح من السهل أن يُساء فهم الكرم ويُستغل من قِبل البعض لأغراض شخصية أو مصلحية. قد تجد نفسك مدفوعًا لتقديم العون والمساعدة، ولكن فى بعض الحالات قد تكتشف أن الكرم أصبح سيفًا ذا حدين. فى الوقت الذى تمنح فيه، قد تجد نفسك تُستنزف عاطفيًا أو ماديًا ورغم كل التحديات، يبقى الكرم قيمة إنسانية لا يمكن الاستغناء عنها، ويصبح من المهم أن نتعلم كيف نميز بين الكرم الحقيقى والتنازل المفرط الذى يؤدى إلى الاستنزاف. علينا أن نعرف حدودنا وأن نمنح بصدق دون أن نضع أنفسنا فى مواقف تجعلنا نشعر بالضعف أو الاستغلال والكرم من أسمى الفضائل الإنسانية التى يعكس فيها الإنسان نبل قلبه وسعة صدره. إنه العطاء بلا مقابل، وإظهار اللطف والرحمة تجاه الآخرين. فى المجتمعات التقليدية، كان الكرم سمة بارزة، وكان الشخص الكريم يُعتبر شخصًا ذا مكانة عالية ورفيعة. حاليا انتشرت مظاهر الاستغلال والمصلحة الشخصية، وأصبح الحديث عن الكرم يحمل فى طياته الكثير من التعقيد. فى السابق، كانت الحياة أكثر بساطة وكان العطاء بلا مقابل يُعتبر جزءًا من الروابط الاجتماعية التى تقوى المجتمعات وتبنيها. وبعيدًا عن الاستغلال الشخصى، يمكن النظر إلى الكرم كقيمة اجتماعية حيوية. عندما يتم تطبيق الكرم بطرق مدروسة وواعية، يمكن أن يكون له تأثيرات إيجابية على المجتمع ككل. إن تشجيع ثقافة الكرم فى المجتمع يعزز من روح التعاون ويخلق بيئة مليئة بالرحمة والمساعدة المتبادلة. إذا تم تعزيز هذه الثقافة فى مجتمعاتنا، يمكن أن يساهم ذلك فى بناء روابط اجتماعية أقوى ويعزز علاقات الثقة بين الأفراد لكن من الضرورى أن نميز بين الكرم الحقيقى الذى يبنى العلاقات الإنسانية، وبين الكرم المزيف. فيجب أن نغرس فى الأجيال القادمة أهمية أن العطاء يأتى من القلب، وبدون مقابل ولكنه يحتاج إلى حدود صحية للحفاظ على سلامة الشخص المعطى والمجتمع بشكل عام فى زمن أصبح مفهوم الكرم معقدًا يتداخل فيه الطيب مع الخبيث، والنية الطيبة مع المصلحة الشخصية. إن العطاء الحقيقى لا يجب أن يكون متعلقًا بالمكاسب الشخصية، بل يجب أن يكون نابعًا من رغبة فى تحسين حياة الآخرين. ومن المهم أن نتذكر أن الكرم لا يقتصر على العطاء المادى فحسب، بل يمتد ليشمل الوقت، والاهتمام، والدعم العاطفى. الكرم فى زمن الاستغلال هو تحدٍ حقيقى، لكنه ليس مستحيلاً. من خلال الوعى والتوازن، يمكن أن نعيش حياة مليئة بالعطاء والتضامن، دون أن نسمح للاستغلال أن يسرق منا نقاء نوايانا. الكرم لا يعنى التفريط فى الذات، بل هو سمة من سمات الشخص الحكيم الذى يعرف كيف يعطِى دون مقابل يظل الكرم من أروع الفضائل التى يمكن أن يتحلى بها الإنسان، فالعطاء هو لغة القلوب ووسيلة لتحقيق التواصل الحقيقى بين البشر. ولكن، الكرم فى زمن الاستغلال يحتاج إلى قدر من الحكمة والوعى حتى لا يتحول إلى عبء أو أداة للاستغلال. فالعطاء يجب أن يكون نابعًا من إرادة صافية ورغبة حقيقية فى مساعدة الآخرين، ولا يكون كما نرى متمثلاً فى عشوائية الصرف خاصة فى مواسم الاستحقاقات السياسية.
حفظ الله مصر وحما شعبها العظيم وقائدها الحكيم