يعد واحداً من الكبار الذين أسهموا فى صناعة القوى الناعمة المصرية عبر حياته الممتدة من أول يناير 1919 إلى عام 90 يوم وفاته.. تنوعت مسيرته بين دراسة القانون والصحافة والسياسة والفن والأدب.. فقد ولد فى بيت عشق الفن الأب والأم.. أما الجد للأب فكان أزهريا محافظا ومن رجال القضاء الشرعى ينتمى إلى جذور ريفية تعود إلى وسط الدلتا فى قرية شبرا اليمن بمركز زفتى غربية.. ومن هنا نجد أن محطات حياته بين الفن والصحافة والسياسة والأدب تنوعت من خلال الأم الفنانة التى حضرت من بلاد الشام أيام العمالقة جورج أبيض ودولت أبيض وزكى طليمات.. ولقبت بـ «سارة برنار الشرق».. وتزوجت والده الفنان والكوميدى وسط جيل ضم أيضاً محمد عبدالوهاب وعبدالوارث عسر ويوسف بك وهبى فى عصر الفرق المسرحية ونشاط شارع عماد الدين الفنى والمسرحى وكذلك مسرح الأزبكية فى دائرة مصر الخديوية.. وتزوجت الأم من الأب أثناء مشاركته فى فيلم الوردة البيضا مع الفنان محمد عبدالوهاب.
وشاء القدر وسط تناقضات الحياة أن ينفصلا قبل إنجاب الطفل الذى ملأ اصقاع الدنيا بكتاباته الصحفية والسياسية ورواياته الأدبية لدرجة انه ليلة مولده كان والده فى أول عرض لمسرحية تحمل اسمه فى مسرح الأزبكية أشهر مسارح مصر فى مقتبل القرن الماضى.
فى هذا المناخ الفنى المنفتح عاش الطفل مع جده القاضى الشرعى حياة محافظة تماما.. لم يكن أحد يدرى ان هذا الطفل سيكون علامة بارزة فى الأدب والصحافة العربية.
بحثت عنه فى مكتبات الكتب لكى أمسك بأطراف حياته وفكره وجدت ان تناقضات البداية وضعتنى أمام عناوين أدبية رنانة غير الرواية التى كانت «المرأة المجهولة» التى شارك فيها والده جورج ودولت أبيض ومحمد توفيق وعبدالوارث عسر وعزيزة أمير وغيرهم.. وكان الوالد قد ارتبط بالأم أثناء إصدار وعد بلفور عام 1917 ومع الانفصال وضعته ليتولى جده الشيخ أحمد رضوان تربيته.. وظل مرتبطا بجده حتى سن الـ 18.
خرج الابن إحسان محمد عبدالقدوس إلى الحياة مع جده ومن مدرسة السلحدار إلى مدرسة النيل إلى مدرسة خليل أغا فى شارع الجيش وهى نفس المدرسة التى درس بها جمال عبدالناصر لفترة ثم مدرسة فؤاد الأول بالعباسية ومنها إلى كلية الحقوق وبعدها عمل لفترة بالمحاماة فى مكتب أحد أشهر المحامين عام 42 وهو إدوار مصيرى لكن لم ترق له المحاماة.
وتعتبر سنة 1944 قبل أن تسكت بنادق الحرب العالمية الثانية وضرب القنبلة النووية على هيروشيما ونجازاكى هى سنة الإنطلاق.. وكان قد ظهرت مواهبه فى الكتابة مع بريق الأمل حيث أنشئت مجلة فنية لم يستغرق وقتها طويلا حتى كانت سياسية ثقافية اجتماعية.. وبعقل الأم التى تعمل بجوار الكبار محمد التابعى وادجار جلال الحمامصى وغيرهم ان المجلة هى هديتها الكبرى لابنها «إحسان الذى.. وهب نفسه للصحافة.. وفى سنوات قليلة كان لديه شعور داخلى وصراع نفسى أنا لن أعيش فى جلباب أمى ولست «ابن الست» وخاض تجاربه مستقلا تحت عيون الأم فى صحافة تخوض صراعات القصر والحاشية والأحزاب والنواب وباشاوات ما قبل الثورة.. تعرف على البكباشى جمال عبدالناصر وعلى السادات وكان له الفضل فى إلحاق السادات بالعمل الصحفى.. وكان موقفه الوطنى المهم فى إيواء أحد المتهمين باغتيال أمين عثمان.. وهى الواقعة التى استوحى منها أحد رواياته «فى بيتنا رجل».. ولمع الشاب إحسان بالإنتاج الأدبى الغزير الذى كان له صدى فى الشارع.. وقصة نضوج السينما المصرية تقول ان معظم رواياته تحول 49 منها إلى أفلام و5 إلى مسرحيات و9 إلى مسلسلات إذاعية و10 إلى مسلسلات تليفزيونية إضافة إلى 56 كتابا متنوعا.. وصار شباب وفتيات مصر فى فترة من الفترات يخفون رواياته لأنها كانت فى نظر العائلات المحافظة الشىء السيئ «المسكوت عنه ».. ولم أنس فى فترة شبابى ونحن فى الجامعة فى السبعينيات كنا نتحدث كشباب عن سينما إحسان عبدالقدوس من عناوينها.. ولم لا إذا رأيت عناوين تستوقفك مثل أنا حرة.. أصابع بلا يد.. فى بيتنا رجل.. لا تتركنى وحدى.. أنف وثلاث عيون.. هذا أحبه.. هذا أريده.. الخيط الرفيع.. شىء فى صدرى.. الطريق المفقود.. أرجوك اعطنى هذا الدواء.. أيام فى الحلال.. بعيدا عن الأرض.. العذراء والشعر الأبيض.. أبى فوق الشجرة.. لا تطفئ الشمس.. لا أنام.. الحب الأول.. وهم كبير.. الوسادة الخالية.. زوجة وسكرتيرة.. نصف الحقيقة.. النساء لهن أسنان بيضاء.. تائه بين السماء والأرض.. لقد أصبحت رشيقة.. لا شىء يهم.. واللافت فى جميع روايات إحسان وأفلامه انه يختار أبطالها وربما يتعايش مع قصصهم هكذا كان يعتقد أدباء عصره وكتاب السيناريو لأفلامه وكذلك المنتجين والمخرجين لأعماله.
الكتابة السياسية جرته إلى السجن عدة مرات فى عهد الملك فاروق وأيضاً بعد الثورة وكثيرا ما كان ممنوعا من الكتابة.
يعتبر إحسان رائد الصحافة الاستقصائية فى مصر فقد فجر قضية الأسلحة الفاسدة ودخل بها إلى البرلمان وكشف عن فساد الشراء إلى مصر وكانت قضيته حول الأسلحة الفاسدة هى أهم قضية أثيرت بعد حرب 48 وحصار «الفالوجا» لكتيبة المشاة التى كان يقودها جمال عبدالناصر فهو صاحب أشهر مقال سياسى عربى على مقهى فى الشارع السياسى.. عاش الشاب إحسان كبيرا وسط الكبار مع التابعى ومصطفى أمين.. ومضى مع الصحافة قرابة النصف قرن استطاع خلالها أن يبدع مع الحرف وحمل لقب كاتب الحب والسياسة باقتدار فقد قدم عبر مقالاته دروس السياسة كما قدم عبر رواياته دروس الرومانسية ومن النشأة والنبوغ والنجاح ومعاركه الأدبية والصحفية والفنية كانت رحلة إحسان معظمها فى مصر فقد فشل تماما أن يعمل فى الخارج وعاد سريعا إلى القاهرة التى يبعد عنها.. ومعه شريكة حياته التى أهداها مع أمه كثيراً من أغلفة كتبه.. إنها رحلة أديب مشى على أشواك أسرية صعبة لكنه نجا فى النهاية ويدين فى الفضل لوالدته ووالده وجده وعمته فهؤلاء إضافة إلى زوجته «لولا» كانت حياته ما بين عابدين وقصر العينى والعباسية والزمالك فى شارع الجبلاية حيث عاش أطول فترة فى حياته بها.
النشأة
كما جاء فى المقدمة طفولة إحسان عبدالقدوس كانت متناقضة فالأب تعرف على الأم فى النادى الأهلى وسرى الحب بينه وبين الأم القادمة من لبنان وبها مسحة من الجمال لكن الحياة لم تستمر طويلا ما بين الحب والزواج وميلاد الطفل والانفصال عن الأم لم تصل أكثر من عامين ونصف العام.. وانتهى الأمر بالمولود الصغير إلى جده الأزهرى الشيخ أحمد رضوان وسلمه إلى عمته التى يدين لها إحسان بالكثير من الحب وكان يظن ان عمته هى أمه.. لأن جده لم يسمح لوالدته «روزا ليوسف» برؤيته إلا مرة كل اسبوع وتم ذلك عبر مفاوضات ووساطات بين الجد والسيدة روزا فكان بين أسرة متفتحة تماما الأم والأب.. وتربية محافظة فى منزل جده الذى لا يسمح فيه للفتاة أن تظهر فى شرفة المنزل ووسط تقاليد صارمة.. ومع نمو الطفل الصغير يزور والدته يجدها سيدة تدير صالونا ثقافيا أو ندوة وإلى جوارها مسئولون ومفكرون وأدباء وأحاديث فى السياسة والفن والأدب هذا التواجد مع والدته وجده وعمته قاده لاكتشاف عالم المرأة ونفسيتها التى ترجمها فى رواياته.. ومع النشأة التحق بمسيرة التعليم حتى نال الليسانس فى الحقوق من جامعة القاهرة.
الزواج.. وطبق عاشوراء
مع التحاقه بمكتب المحاماة بعد التخرج وكان احسان الأديب قد هرب سريعا من المحاماة ولم يستسغها ووجد انه لن يعمل إلا فى الصحافة.. وبينما كان مع صديق للعائلة دعاه لزيارتهم وكان هذا الصديق على معرفة بإحدى الفتيات التى حضرت.. وكان الحب من أول نظرة.. وكان قد تناول عندهم طبق «عاشوراء» وأثناء تناوله قدم لها هاتفه.. وبعد ذلك هاتفها وتعارفا وفاتحها فى امكانية أن يتزوجا.. وعندما عرض الأمر على والدته رفضت على أساس أن يبحث عن مستقبله أولاً.. وكان قد تعلق بالسيدة «لولا» وهذا اسم «الدلع» وقلق الشاب احسان من أن تضيع العروس ففاتح والده فى الأمر الذى أفرحه جدا وعرض عليه عرضا سخيا إذا كان جادا أن يترك له الشقة التى يقيم فيها فى حى عابدين.. فى وقت القاهرة امتلأت بالمهاجرين إليها خوفا من الحرب العالمية الثانية التى تدور رحاها فى «العلمين» بغرب مصر بين روميل ومونتجمرى واسمهما ثعالب الصحراء يرن فى الاذاعات كل لحظة وبالفعل عقد القران وكان محمد التابعى الشاهد على عقد الزواج وعاشا معا.. وبشهادة احسان انها قادت السفينة إلى بر الأمان وكانت سندا له فى ترتيب شئون حياته.. ولم لا وهو الشاب الذى حلق شعره «زيرو» وهو طالب لكى يفوز بحبها ويتزوجا فى السنة الأخيرة من الجامعة وضحى بشعره لينهى دراسته.
فى مكتب رئيس الوزراء
وبعد الزواج أرسلته والدته روزا اليوسف إلى مكتب رئيس الوزراء أحمد محمود باشا ومعه قصاصة ورق مكتوب عليها «أمى بتسلم على سعادتك وبتقولك عايزة شوية أخبار» وكان معروفا عن احسان انه خجول جدا وكان يبحث عن ذلك بالتعبير عن نفسه بالكتابة.
رئيس تحرير روزا اليوسف
والدته قالت له يوم كان عمره 5 سنوات وهى تنظر إليه اننى أسست المجلة واهديها لك وبالفعل رغم ان احسان كان قد عمل عند صحفيين كبار غير والدته لكى يعتمد على نفسه وليس انه ابن رئيسة مجلس الإدارة وعندما بلغ عمره 26 عاما تولى رئاسة التحرير مع كبار كتاب الصحافة فى ذلك الوقت.. ومع رئاسة التحرير واصل ابداعاته السياسية وكتاباته الرومانسية وحمل لقب «ناظر مدرسة الحب فى الصحافة المصرية» وكان واضحا من تمرسه فى الكتابة انه تأثر كثيرا بجده لوالده الذى تأثر به فى التربية المحافظة.. كما تأثر بندوات والدته.. وحياة احسان الزوجية المستقرة.. لم يسمح للسيدة لواحظ عبدالمجيد المهيلمى زوجته أن تظهر فى برامج أو مقابلات صحفية ورغم انه عبر عن قمة التحرر فى روايته «أنا حرة» لكنه نادرا ما صحبها معه فى حفلات عامة منذ زواجهما فى 5 نوفمبر 1943 ومعه تنقلا من عابدين إلى القصر العينى إلى الشقة الفاخرة فى الزمالك متحملة معه متاعب صاحبة الجلالة 47 عاما.
الأم تبيع سيارتها
كانت السيدة روزاليوسف حريصة على استمرار المجلة التى أصدرتها فى 25 أكتوبر 1925 مهما حدث لها من ضائقة مالية وبعد اعتزالها الفن وتفرغها للصحافة وهى ترى ابنها احسان عوده يشتد ويناقش ويحاور وبقلب الأم كانت مسرورة.. وعندما حدثوها عن قلة الأموال بسبب حالة الحرب باعت سيارتها وكانت تمشى من بيتها فى حى الزيتون حتى تركب الحافلة من أمام سراى القبة.. وتقول ان طبيبها نصحها بالسير.. ويوم تولى احسان رئاسة التحرير قالت لقد صبرت 20 عاما وأنا أراقب أصابعك وقد حملت النسخة الأولى من العدد الأول ووضعتها عام 1925 بين يديك الصغيرتين.. وتابعت حتى تستطيع أن تفكر وتحمل القلم وأقدم لك الهدية التى كونتها بدمى وأعصابى خلال سنين.. ومضت روزا الأم تقول لابنها: وصيتى لك مهما يبلغ بك من شهرة لا تدع الغرور بداخلك يعيش حولك وحافظ على صحتك وبغيرها لن تكون شيئا.. ومهما تقدمت بك السن لا تدع الشيخوخة تطغى على تفكيرك.. وحاسب ضميرك قبل أن تحاسب جيبك.. وختمت كلماتها وثق ان قلبى معك فالجأ إلى دائما وأخيرا «ودع أمك تستريح ولو قليلا».
تقول الكاتبة سناء البيسى عن احسان عبدالقدوس ووالده كلمات مشابهة فى تربيته وجيله جيل عزيز عيد ونجيب الريحانى مستذكرة دوره فى الوردة البيضاء.
خبطاته الصحفية
قدم احسان فى مسيرته الصحفية خبطات صحفية تحت الحزام للقصر وللملك.. فمقاله الذى كتبه وذهب إلى المعتقل بسبب كان ضد اللورد كيلر فى المندوب السامى مقال بعنوان «الرجل الذى يجب أن يذهب» بعد انذاره للملك وتغيير الوزارة فى 4 فبراير 1942 وحاصرت القوات الإنجليزية القصر وأودع بعدها احسان فى السجن.
صفقة الأسلحة الفاسدة
ويتبعه خبطة صحفية من العيار الثقيل حول الأسلحة الفاسدة فى العدد 101 فى 20 يوليو عام 49 وفيه يفند تفاصيل مثيرة عن الأسلحة فى حرب 48 وهو المقال الذى حمله مصطفى مرعى إلى البرلمان مستندا إلى ما كتبه احسان عبدالقدوس وهى الصفقة التى مهدت لثورة يوليو وأحد أسباب تشكيل الضباط الأحرار والتسريع بقيام الثورة وهزت العرش الملكى فقد قدم احسان مواصفات فساد الصفقة والرشاوى والعمولات وكيف نجح مورد السلاح «هورودى رحيله» فى اللعب بمواصفات الصفقة المخالفة للمواصفات وانها أسلحة «خردة» غير صالحة وبسبب مقالاته قبض على النبيل عباس حليم ابن عم الملك.. ووطنية احسان لا يزايد عليها أحد فقد ولد مع ثورة 1919 وصنعت له والدته روزاليوسف فى أول يناير 1919 سنة الثورة ثوبا من العلم الأخضر رمز كفاح مصر وعندما شب احسان شارك فى المظاهرات ضد الانجليز فى ثلاثينيات القرن الماضى.. وواجه البوليس الانجليزى الذى مزق وجهه بالسوط.
مع الثورة والزنزانة 19
ومع ثورة يوليو كان احسان صديقا لعدد كبير من الضباط الأحرار الذين يفدون على مجلة روزاليوسف وبعد فترة من قيام الثورة كتب مقالات عديدة لتأييدها معتبرا ان الجيش هو عمود الخيمة لبناء الوطن وكتب مقالا شديدا حول الثورة بعنوان «الجمعية السرية فى مصر» وهنا سجن فى الزنزانة 19 التى ظل محتفظا منها فى منزله ببعض الأدوات التى كانت معه ودخل السجن الحربى فى 28 ابريل 1954 وخرج بعد 95 يوما من السجن وكانت السيدة لولا قد بحثت عن هاتف الرئيس عبدالناصر وأبلغته نحن فى شهر رمضان والأطفال ابنائى اشتاقوا لوالدهم واستمع لها ناصر وأفرج عنه.. واللافت ان عبدالناصر دعاه على الافطار فى اليوم التالى وكان احسان يخاطب جمال بـ «جيمى» كدليل على قوة علاقاتهما وكان قد ترأس أخبار اليوم فى عهد عبدالناصر عام 66.
إحسان مع السادات
وارتبط احسان عبدالقدوس بعلاقة قوية مع السادات وتولى أكثر من موقع صحفى كرئيس لإدارة الأهرام ورئيس لأخبار اليوم فى عهد الرئيس محمد أنور السادات وكانت علاقته مع السادات قد قويت بعد عملية اغتيال أمين عثمان.. وفيها عرض السادات على احسان استضافة حسين توفيق بعيدا عن أعين البوليس فى بيته بالرغم من ان الحكومة الملكية قد رصدت مبلغ 5 آلاف جنيه لمن يدل عليه وكانت رواية «فى بيتنا رجل» هى من وحى هذه الواقعة.
واختاره السادات ليكتب مقالا فى مجلة «أكتوبر» فى أعدادها الأولى بعنوان «على مقهى فى الشارع السياسى» وكان قد منع من الكتابة عدة مرات فى عهده وأقاله من الأهرام بعد مقال عام 1976 عن الدستور.
طقوس الكتابة
كان للأديب الكبير طقوس فى الكتابة فى مكتبه ينهض عند الفجر ومرتديا ملابسه كامله وكأنه ذاهب إلى المكتب.. وجميع رواياته التى يكتبها بخط يده ليس بها شخبطة.
وكان إحسان على علاقة واسعة بكل الفنانين الذين يقومون ببطولة أعماله أو يؤدون أدوارا فى مسلسلاته.
وكان فيلم «أنف وثلاث عيون» بطولة محمود ياسين وقد آثار ضجة وطالب أعضاء فى مجلس الشعب منعه ويومها تمت الموافقة على عرض الفيلم رغم الضجة التى أثيرت حوله.. وكذلك «البنات والصيف».
المرض والوفاة
وفى عام 1989 أصيب إحسان بجلطة فى المخ ونقل إلى جامعة فرجينيا وبعد محاولات العلاج أفاد طبيبه بأن العملية خطر على حياته وفوجئ الطبيب عندما أبلغوه انه تعرض لمحاولة اغتيال واستغرب باعتبار انه يعرف انه كاتب وأديب وطبعا استحال اجراء عملية لإنقاذه من الجلطة.
الرحلة الأخيرة
وبينما العام الأخير قضاه فى مراجعة الأطباء ملازما الفراش تقريبا اصطحبته السيدة لولا إلى رحلة نيلية فى أسوان والاحتفال بعيد ميلاده لكن عاوده المرض وقطع الرحلة وأمر وزير الدفاع يوسف صبرى أبو طالب بنقله على عجل إلى القاهرة على متن طائرة عسكرية وفى مستشفى السلام الدولى أسلم الروح فى 12 يناير 1990 ليسدل الستار على أديب كبير ستظل أعماله خالدة تحكى قصة احسان أصغر رؤساء التحرير فى مصر والرجل الذى تحولت جميع أعماله إلى أفلام أو مسلسلات تلفزيونية وإذاعية ستظل كتبه تزين أرفف المكتبة العربية بما قدمه لها عبر المطابع.. وشيعت جنازته فى موكب حزين تقدمه كبار رجال الدولة ورؤساء الوزراء ومجلسى الشورى والشعب.. عاش 71 عاما حافلة بالنجاح، فبرحيله رحل صانع الحب.
سينما إحسان
لم تحظ أعمال أديب أو كاتب بما حظى به إحسان فى السينما المصرية والعربية فى إنتاجها أفلاما أو مسلسلات وفيلم «أبى فوق الشجرة» لعبدالحليم حافظ ونادية لطفى استمر لفترة طويلة فى دور العرض بالقاهرة والاسكندرية والأقاليم.. وفيلم «الله معنا» أول أفلامه بعد الثورة والذى حضره جمال عبدالناصر فى عرضه الأول بسينما ريفولى وتقول الدكتورة لوتس عبدالكريم ان الأديب احسان كان ضحية التفسير السياسى لرواياته وهذا نراه فى قصة «لا تطفئ الشمس» عن معركة 1956 ويمكن القول ان الأديب احسان عبدالقدوس بغزارة انتاجه بات واحدا من الذين رسخوا الأدب السينمائى فى مصر بما حققته أفلامه من نجاح.
قالوا عنه
جابر عصفور هو الكاتب الذى امتلك شجاعة اقتحام العوالم المغلقة.
شكرى عياد
اتسمت مقالاته السياسية بكثير من الجرأة ودقة التحاليل.
لطفى الخولى
كان رجلا صحفيا ومنبرا للرأى استطاع أن يطور المهنة برقة وحساسية شديدة وانتصر على ظلم النقاد.